القوالب الموسيقية

اللحن:

استكمالا لحديثنا في المقال السابق عن القوالب الموسيقية، اليوم نتحدث عزيزي القاريء عن اللحن. اللحن هو أكثر تعقيدا في قالبه من المرد، مثل اللحن السنجاري (وهو لحن للمزمور في عيدي الميلاد والقيامة واسمه منسوب الي بلدة سنجار)، واللحن الإدريبي، ولحن البركة “تين اوأوشت” ولحن العذراء “طاي شوري”، ولحن حلول الروح القدس “بي إبنفما” ولحن الثلاثة التقديسات “آجيوس”، ولحن الصليب “فاي ايتاف أينف”، ولحن الصلبوت “اومونوجينيس” وغيرها العديد من الألحان التي يتراوح زمن أداؤها من ثلاثة دقائق الي ثلاثون دقيقة. وهذه الألحان يجب عند تحليل قوالبها يجب التعرض الى النوع الثاني من القوالب وهي القوالب الموسيقية.

ثانياً: القوالب الموسيقية:

للألحان القبطية قوالب موسيقية عديدة ومتنوعة، يذكر منها:

القالب (A – A1 – A2 – A3 ) وهو مثل القالب ذو “الصيغة الأحادية”، وهو موجود بكثافة فى تسبحة نصف الليل،كما يوجد فى ألحان القداس الإلهى مثل لحن “الهيتنيات” (الشفاعات)، ولحن العذراء مريم “أونوف إممو ماريا” (إفرحى يامريم العبدة والأم)، والذى يسمى بـ”الاسبسمس الآدام” ويقال بعد صلاة الصلح فى القداس الالهى.
وهذا القالب منتشر بكثرة وأحيانا ينتهى بجملة ختامية (B) مختلفة عن الجملة الأساسية (A) ،وتكون (B) بمثابة كودا Coda أو تذييل ختامى للحن، مثل لحن أبؤرو الفرايحى (ياملك السلام الذى يقال فى الأعياد والأكاليل)

وهذا وأحيانا تتكرر الجملة (B) فى نهاية اللحن وتمتزج بجملة أخرى (C)، مثل لحن خين أوشوت (لبش الهوس الأول) ولحن مارين أؤنه إيفول (لبش الهوس الثانى).

وفى مثل هذه الألحان تكون (B) جملة بسيطة التركيب تخلو من الميليسما ويغلب عليها الطابع الريتمى النشيط (الدمج). إلا أنه فى بعض القوالب يجئ الجزء (B) بشكل مركب متحرر من الإيقاع (أدليبى) ممتزج بقليل من الميليسما مثل لحن (إبشويس افنوتى) الذى جاء فيه الجزء (B) ليس كتذييل ختامى كالمعتاد، لكن ليكون له دور تصويرى بنغماته المرتفعة لعرش رب الصاباؤت (كلمة عبرية معناها الجنود) الممجد وحوله طغمات الملائكة تسجد بخشوع قائلين: قدوس قدوس رب الصاباؤوت.

القالب (A – B – A1 – B1 -C) مثل لحن نى سافيف تيرو (يا كل الحكماء) الذى يقال فى حضور الآباء البطاركة والأساقفة.

وهذه القوالب جميعها عادة ما تكون بسيطة التكوين والصياغة، وسهلة التحليل الموسيقى.

إلا أن هناك بعض الألحان تكون قوالبها شديدة التعقيد، وتكون قريبة الصياغة بقالب الصوناتا Sonata Form بأقسامه الثلاثة، العرض Exposition والتفاعل أو التطوير Development والذى يحدث فيه إنتقالات مقامية وتغيرات إيقاعية غير تقليدية، تُظهر البراعة الفائقة لمؤلفى هذه الألحان، ثم قسم إعادة العرض Recapitulation والذى فى بعض الألحان لا يكون من المقام الأساسى للحن كما هو معتاد، بل من نفس المقام الأساسي مصوَّراً على درجة موسيقية أعلى بنصف نغمة، مثل لحن “كاتا نى خوروس” (كل صفوف وطقوس السمائيين) اللحن الرائع الذى يقال فى توزيع قداس عيد القيامة.

والجملة الموسيقية فى الألحان القبطية متوازنة وتجىء عبارتيها على شكل سؤال وجواب، مثل لحن “غولغوثا” “الجلجثة بالعبرانية…” الذى يقال فى ذكرى دفن السيد المسيح يوم الجمعة العظيمة وهو من مقام “مى بيمول” الكبير، والذى كتب عنه فيلون (20 ق.م – 55 م) المؤرخ، أنه كان يقال أيضا فى المعابد الفرعونية عند تجنيز الفرعون.

هذا وتوجد العديد من القوالب الأخرى مثل قالب المزمور السنجارى (نسبة الي بلدة سنجار التي أغرقها الطوفان) الذى يتميز بأنه يبدأ وينتهى بمجموعتين من الهلليلويا ويتخلله أداء ريستاتيفى هكذا:

كذلك توجد قوالب معقدة التركيب والصياغة مثل لحن مرد الإبركسيس الكبير والذى يتكون من ستة أجزاء بأسلوب ميليسمى صرف ثم تذييل ختامى، وتفصيله كالتالى:

إن القوالب والصيغ الموسيقية للألحان القبطية (1048 لحن) عديدة وهى مجال خصب للأبحاث العلمية التي يمكن من خلالها تحليل هذا التراث الموسيقي الغني لإدراك موسيقيته ولمعرفة أشكال قوالبه المختلفة وللوقوف على تصنيفها لكافة أنواعها، وربطها بالطقوس التى تؤدى فيها.