الأزمة تقود شبابا مغاربة إلى هجرة مدرجات الجامعات


في زمن تكبل فيه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مستقبل الشباب المغربي، يبتعد هذا الأخير أكثر فأكثر عن أحلامهم التي ترزح تحت واقع صعب، تبدو معه حلول الهجرة أولوية بالنسبة لكثيرين، حتى يبثوا الروح والأمل في طموحاتهم، وإن كانت الخطوة تحمل معها كثيرا من المرارة.

 

في ظل الواقع “صعب”، تختار فئة من الشباب مغادرة أسوار الجامعات مكرهين، ما يعني منعطفا حاسما في مسار حياتهم بسبب ظروف “الحياة الصعبة”، سواء لإعالة أهلهم أو البحث عن فضاء أرحب، في وقت تتواتر فيه أحاديث وتقارير عن علاقة الشباب بالجامعات والعكس صحيح، علاقة خضعت لدراسات معمقة ذهبت في أغلبها إلى اعتبار تكوين الجامعة ماعاد يوازي متطلبات سوق الشغل.

 

تحديات في طريق اليأس

 

الطريق لم يكن سهلا أمام خالد لولوج جامعة الحسن الثاني بالدرالبيضاء، وهو الذي يتحدر من زاكورة، فقد مر بمراحل اليأس والإحباط خلال سنوات دراسته الأربع، تحصل على شهادة الإجازة تخصص قانون خاص، اليوم يشتغل بمجال بينه وبين التكوين الجامعي مسافة لا تغفلها العين، يعمل في محل لبيع الحواسيب.

 

يقول خالد ل”للأيام 42″ إن الأبواب أغلقت في وجهه بعدما  جاء إلى البيضاء حامل حلما يقاتل من أجل تحقيقه، بيد أن واقع الحال كسر عزيمته، وما زاد في المعاناة درجات هو عدم توصله بالمنحة، ما دفعه إلى العمل الموازي لعله يغطي تكاليف معيشته، درس سنته الأولى والثانية بشكل عاد، لكن السنة الثالثة والرابعة  ازداد الوضع تعقيدا بسبب ظروف الجائحة، وضيق الحال.

 

بعد التخرج عجز خالد عن إيجاد مصدر أمل وتوقع أن تستمر حياته بهذا الشكل، إلى أن اتخذ قرارا بالتغيير أيا كانت الظروف، فكانت البدابة من محل الحواسيب، ويؤكد ” الصراحة الجامعة بعيدة على سوق الشغل كون رجع بيا الزمان مغاديش نمشي ليها، كنت نختار دراسة الاقتصاد أو ندير تكوين مهني”.

 

شباب في النفق

 

بالقدر ما هناك تجارب ناجحة لشباب مروا من مدرجات الجامعات  بفعل الإصرار وفرص للتقدم على الرغم من “قساوة الظروف”، إلا أن الواقع يحيل على أن الحياة صعبة بالنسبة لبعض من الشباب المغربي، وما يجري اليوم يعتبره كثيرون يزيد هو بمثابة حد من أحلامهم ويغرق فئة منهم في مستنقع اليأس.

 

وعن الوضع تقول الباحثة في علم الإجتماع، فتيحة مرادي، إنه “لايمكن اختزال مشكل التعليم الجامعي عن فروع التعليم ببلادنا الذي يغرق في العديد من المشاكل البنيوية،  إذ لم يستطع حتى الآن التخلص من مشاكله الجوهرية، علما أن المغرب قام بإصلاحات متتالية تخص هذا التعليم، وكان آخرها الإصلاح الذي سمّي البرنامج الإستعجالي الذي نص على تأهيل المؤسسات العمومية وإلزامية التعليم حتى سن الخامسة عشرة وضرورة إدماج الطلاب ذوي الحاجيات الخاصة”.

 

وهناك مشكلة ضعف البنية التحتية للجامعة المغربية، فأغلبها ليست قادرة على استيعاب كل الطلبة وهذا ما تؤكده المتحدثة في حذيثها ل”الأيام 24″، قائلة  ” الاكتظاظ أبرز ما تعانيه الكليات والطاقة الاستيعابية للكلية لا تستطيع استقبال كل الطلبة الوافدين عليها، ورغم أن هناك مبالغ مالية حددها البرنامج الإستعجالي، لكن هذا الوعاء المالي غير كاف لإنجاز بنايات جديدة لاستيعاب الطلبة “. وفي مشكلة مرتبطة تضيف فتيحة، بأن ” الموارد البشرية قليلة مقارنة مع أعداد الطلبة،  على سبيل المثال قد تجد 165 أستاذا في كلية ما، أما عدد الطلبة فيتجاوز 13000″ . يضاف إلى كل هذه المشاكل البيروقراطية المعقدة التي تنخر إدارات الجامعة المغربية.

 

وبخصوص مواكبتها لسوق الشغل، تشير المتحدثة أنها ماتزال تعتمد على مناهج ونظام كلاسيكي لم تطرأ عليه تطورات بينما سوق الشغل شهد خلال السنوات العشر الماضية، ما يفسر بحسبها هجرة وانقطاع كبير للطلبة عن استمرار في التحصيل الأكاديمي داخل أسوار الجامعة.

 

تقارير وناقوس خطر

 

وتفيد معطيات “صادمة” لوزارة التعليم العالي أن 49.4 في المائة من الطلبة الجامعيين يغادرون الجامعة بلا شهادة، ورفضت الوزارة تقديم تفاصيل عن أسباب تسرب الطلبة من الفضاء الجامعي، مؤكدو أنها تعمل على إعداد خطة في هذا الصدد سيعلن عنها لاحقا.

 

وكان  المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والتكوين المهني، قد أصدر سابقا تقريرا يقدم بعض الأرقام التي تكشف سوءات التعليم الجامعي على مستوى الإجازة الأساسية بمؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المفتوح، إذ عددت بعض الصعوبات التي تواجهها الجامعة المغربية خاصة مع كثافة أعداد الطلبة، لافتة إلى أن ثغرات التعليم المدرسي تلاحق التعليم العالي، فالمغرب يصنف في أدنى مستويات نسبة التمدرس في التعليم العالي، بحيث تصل هذه النسبة إلى 32% فقط حسب معطيات منظمة اليونسكو لسنة 2016.

 

كما أوردت أن 60% من الميزانية التي تخصصها وزارة التعليم العالي للجامعات تذهب للأجور، وفي المقابل ليس هناك استثمار كبير في هذا القطاع، إضافة إلى غياب هيكلة إدارية محكمة للجامعات، وغياب مخطط لرقمنة التعليم العالي، وافتقاد حكامة فعالة في التدبير الجامعي، غير أن التقرير لم يقف على أصل الداء وعمق الأزمة التعليمية.

 

تاريخ الخبر: 2022-02-17 12:17:59
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 75%
الأهمية: 75%

آخر الأخبار حول العالم

400 فرصة لتطوير القطاع اللوجستي بالشرقية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

بتهم ارتكــاب جرائم إبادة جماعية

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:40
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

الجلاجل: إجراءات استباقية لمواجهة تحديات المستقبل - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:34
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

أزيلال.. فاعلون إسبان وإيطاليون يكتشفون الإمكانيات السياحية للجهة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:25:30
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

هضبة تكنوبول قسنطينة: نحو استحداث ركن خاص بتمويل المؤسسات الناشئة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

السعودية تنشئ مركزاً عالمياً متخصصاً في الفضاء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

75.3 مليار ريال نموا بإيرادات السعودية للكهرباء السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-30 03:24:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية