«ونس الكتب 2».. الاحتماء بالقراءة من قسوة العالم

فى كتابه الجديد «ونس الكتب ٢»، الصادر عن «منشورات إبييدى»، يستكمل الناقد محمود عبدالشكور ما بدأه فى الجزء الأول من الكتاب، بالتوقف عند نحو ٨٠ كتابًا متنوعًا، ويقدم مأدبة شهية جمع فيها أطيب وأشهى ما قرأ، دون أن يضحك على القراء بقول «إن الكتب كلها عظيمة وجيدة».

وأوضح «عبدالشكور»: «إذا كان البعض يفضلون شواهد قبور مكتوبة، فلا بأس من عمل ذلك فى كتب جديدة، فالزاد وفير أيضًا من هذه الناحية! أما عن هذا الكتاب فهو (عزومة) تضم مأكولات أدبية وفنية شهية».

وحرص «عبدالشكور» على الإجابة عن سؤال «لماذا تكتب فى الأغلب الأعم عن كتب وروايات أعجبتك فقط؟»، وقال إنه يرى أن دور الناقد يجب ألا يقتصر على الكتابة عما يعجبه، لأن الكتابة عن الأعمال الرديئة كاشفة ومهمة، لأنها وسيلة لمحاربة القبح، وفى نفس الوقت يراها دروسًا عما لا ينبغى أن تكون عليه الكتابة.. «مانيفستو» يكشف لهواة الكتابة عيوبها ونواقصها، فيهديهم بطريقة غير مباشرة إلى ما تستحقه الكتابة الممتازة والباقية من جهد وموهبة وحرفة وعمل.

وأكد: «لدىّ مقالات حادة للغاية فى تشريح أعمال رديئة مرئية ومكتوبة، خصوصًا إذا تطاول القبح، وإذا أراد أن يرسخ نفسه كأصل وكقاعدة، دون أن يكتفى بالتواجد، أو بمجرد حضور (أكل العيش)، أو بمنطلق (الرزق يحب الخفية).. فى هذه الحالة أصبح شرسًا فى الرد والهجوم، مثل ريح عاصفة، تريد أن تزيل وتكتسح وتقتلع، بلا هوادة، ومن دون شفقة أو حسابات.. لكنى أدركت مع مرور الوقت أن دور الناقد فى قراءة الجمال أهم وأبقى وأمتع من مهاجمة القبح، والدوران مهمان ومحوريان ومطلوبان بلا جدال».

يحتوى الكتاب على خمسة أجزاء، الأول بعنوان «روايات مصرية وعربية» جمع فيه ٢٨ رواية لعدد من الكُتّاب، وتوقف عند كل رواية قليلًا بتقديم مراجعة ونقد لكل عمل من حيث الفكرة والأسلوب والتناول بشكل عام، فمؤلف الكتاب يعد أحد أعضاء جمعية نقاد السينما المصريين، وعضو جمعية كتاب ونقاد السينما المصريين.

بلغة سهلة وبسيطة؛ استطاع «عبدالشكور» أن يخلق «ونسًا» كما وعد بعنوان كتابه، لكل من يقرأ هذا العمل الشيق، ويقلب بين صفحاته، ويكتشف أعمالًا أدبية جيدة من وجهة نظر نقدية، ويمكنه اختيار ما يحب أن يقتنيه ويقرأه.

ومن بين الروايات المصرية التى توقف عندها رواية «٦٧» لصنع الله إبراهيم، و«صالة أورفانيللى» لأشرف العشماوى، و«أيام النوافذ الزرقاء» لعادل عصمت، و«قارئة القطار» لإبراهيم فرغلى، و«غربة المنازل» لعزت القمحاوى، و«ماكيت القاهرة» لطارق إمام، و«حظر نشر» لهيثم دبور، و«حكايات من جنازة بوتشى» لأحمد صبرى أبوالفتوح، و«أنا ذئب كان» لمحمد رفيع. أما من الروايات العربية: «لا غالب» للروائى الكويتى عبدالوهاب الحمادى، و«اختفاء السيد لا أحد» للروائى الجزائرى أحمد طيباوى، ولها طبعة مصرية أيضًا، و«دفاتر الوراق» لمؤلفها الروائى الأردنى جلال برجس، وغيرها من الروايات التاريخية كـ«جاسوس فى الكعبة» لمصطفى عبيد، و«يعقوب» لأستاذ التاريخ الدكتور محمد عفيفى، وغيرها من الأعمال.

وفى الجزء الثانى من الكتاب، الذى حمل عنوان «شخصيات وأماكن»، يتوقف محمود عبدالشكور عند عدة شخصيات فنية وأدبية، معبرًا عن إعجابه بهم، ومنهم المطرب محمد عبدالمطلب، الذى يراه علامة مهمة فى تاريخ الأغنية الشعبية، وصاحب الأغنيات التى تتميز بكلامها البسيط المدهش، ولفت أيضًا إلى كتاب «الأيام الحلوة فقط» لإبراهيم عبدالمجيد، وحسب «عبدالشكور» فإن هذا الكتاب تجاوز أسماء أدباء وشخصيات مهمة، يعرف القراء أعمالهم المكتوبة، ولكن «عبدالمجيد» يقدم وجوههم الأخرى العادية، ولحظات مرحهم العذبة، وسخريتهم التى لا يخلو بعضها من عبث حكيم، أو حكمة غائبة.

وتحدث «عبدالشكور» أيضًا عن الفنان كامل التلمسانى، مستشهدًا بكتاب «رحلة كامل التلمسانى.. السريالى فى مواجهة الواقعى»، لمؤلفه الشاعر والفنان التشكيلى والباحث محسن البلاسى، الذى قدّم «بورتريه» شاملًا لأنشطة وأفكار وآثار وتحولات هذا المثقف والفنان الكبير.

وتطرق لكتاب «أعوام نجيب محفوظ.. البدايات والنهايات» لمحمد شعير، و«حكايات من دفتر صلاح عيسى» لمحمد الشماع وهاجر صلاح، و«على خطى هيمنجواى فى كوبا» لهايدى عبداللطيف، و«إبراهيم ناجى.. زيارة حميمة تأخرت كثيرًا» للباحثة الدكتورة سامية محرز، و«تسكع على أرصفة باريس» لعادل أسعد الميرى، الذى وفر رحلة سياحية ومعرفية جميلة إلى باريس، وقدم مراجعة نقدية بتسليط الضوء على جوانب إبداعية مهمة فى كل عمل.

«كتب مترجمة».. هذا هو عنوان الجزء الثالث من الكتاب، ومن الاسم يبدو أن الناقد محمود عبدالشكور أراد أن يخلق تنوعًا فى الأعمال الأدبية التى تناولها خلال كتابه «ونس الكتب ٢»، ففى هذا الجزء يأخذنا فى جولة بين عدد من الكتب المترجمة، ومنها «العطل» للأديب السويسرى فريدريش دورنمات، وترجمة سمير جريس، و«التعساء» للكاتب البلجيكى ديمترى فيرهولست، ترجمة ريم داود، و«فتاة السر.. مذكرات شيماء هال» من ترجمة وتقديم ميسرة صلاح الدين.

ومن الكتب المترجمة التى تناولها أيضًا: «حكايات الأجداد» بترجمة جنة عادل، و«ماركيز.. لن أموت أبدًا.. حكايات كتبه» من تأليف كونراد زولواجا، وترجمة سمير بشير، و«على مقهى الوجودية.. الحرية والوجود وكوكتيلات المشمش» لمؤلفته الكاتبة البريطانية سارة بكويل، وترجمة حسام نايل، ورواية «جندى السلحفاة» لمؤلفتها مليندا نادج أبونجى، وترجمة الدكتورة هبة شريف، وغيرها. 

وانتقل «عبدالشكور» فى الجزء الرابع من الكتاب للحديث عن عدة «تجارب ودراسات»، وبدأه بالتوقف عند كتاب «كيف تلتئم؟: عن الأمومة وأشباحها» لمؤلفته إيمان مرسال، والذى جاء فى إطار سلسلة تبدأ بسؤال «كيف ت؟»، وهى مبادرة تستهدف تقديم خبرات حياتية وتقنية مختلفة وفى مجالات مختلفة، وكان اختيار إيمان أن تحاول الإجابة عن «سؤال الأمومة»، ولكن بطريقة غير تقليدية، بحيث جمعت فى الكتيب بين الدراسة الجادة وتجربتها الشخصية كأم.

وتوقف أيضًا عند كتاب «ثورة ١٩١٩ فى الأدب والسينما»، وهو ترجمة لكتاب أصدرته دينا حشمت بالإنجليزية، وترجمته فى طبعة الشروق العربية الدكتورة شهرت العالم، فهو من بين الكتب والدراسات التى تفتح آفاقًا واسعة للنقاش، وتعيد الاعتبار لفكرة المراجعة للمسلمات، لا تغلق أقواسًا، بل على الأرجح تفتحها، وتمنح قارئها متعة التأمل والنظر إلى السائد والمستقر نظرة أخرى مختلفة.

قدم «عبدالشكور» أيضًا قراءات فى كتب الدكتور خالد منتصر، فهو يعتبرها مكتبة متكاملة شديدة الأهمية، ويراها كنزًا معرفيًا يمكن وضعه بكل ثقة من بين أفضل ما قرأ خلال العام الماضى، مستطردًا: «أول ما يميز كتابات خالد منتصر جرأته فى التعبير عما يؤمن به، ووجود مشروع للتنوير يدافع عنه، يتجلى مرة فى الطب والعلوم، ومرة فى مراجعة وانتقاد الخطاب الدينى، ومرات فى الاشتباك مع واقع اجتماعى مشين، يدفن رأسه فى الرمال، يحتقر المرأة ويهينها، ويتعامل بوجهين، ويرتدى أقنعة الجهل والتعصب، ولا يمكن أن تناقش فيه أحدًا مناقشة موضوعية، دون تبادل السباب والضربات وربما طلقات الرصاص».

وسلط «عبدالشكور» الضوء على كتاب «خطابات محمد خان إلى سعيد شيمى.. انتصار للسينما» من تقديم الناقد أحمد شوقى، لافتًا إلى أن الأمر يتجاوز خطابات بين اثنين من أصحاب الصداقات المدهشة، لنصبح أمام مرآة ضخمة لزمن وعصر، وصورة عملاقة لثقافة وأحلام اثنين من أبرز أبناء جيلهما فى عالم السينما، وكذلك كتاب «الصورة السينمائية من السينما الصامتة إلى الرقمية» لمدير التصوير والباحث السينمائى سعيد شيمى، واعتبار هذا الكتاب بمثابة رسالة أكاديمية معتبرة، فموضوعه سرد متعمق وتفصيلى لتاريخ الصورة السينمائية.

ومن بين التجارب المهمة التى تناولها «عبدالشكور» كانت لإبراهيم عبدالمجيد من خلال كتابه «ما وراء الكتابة.. تجربتى مع الإبداع»، فمن خلال هذه الدراسة الممتعة يكشف للقارئ، من خلال تجربة الفنان نفسه، عن مطبخ العملية الإبداعية وأسرارها، وكيف كتب رواياته، ويوضح مدى العلاقة بين حياة المؤلف الحقيقية، وحياة عالمه الذى قام بصنعه، وغيرها من الأسرار، وأشاد بكتاب «على بلد المحبوب.. رحلة زمزم الأخيرة» لمؤلفه أحمد خيرالدين، قائلًا: «إن الكتاب يحمل عناصر بحث تاريخى ممتاز مدعوم بالصور والمصادر الأرشيفية، وبالشهادات الحية أحيانًا، ولكنه مكتوب بحس درامى واضح، يسرد بانتقالات مونتاجية سريعة حكاية باخرة مصرية اسمها زمزم».

ولم يكتف «عبدالشكور» بالحديث عن روايات وكتب ودراسات فقط، بل تناول عدة مجموعات قصصية مهمة، كـ«همس النجوم» للأديب نجيب محفوظ، وقدمها محمد شعير، و«مخاوف نهاية العمر» لعادل عصمت، و«موسم الأوقات العالية» لمؤلفها ياسر عبداللطيف، و«البهجة تحزم حقائبها» لمكاوى سعيد، و«موكب الظلال» للكاتب الإسبانى خوليان ريوس، وترجمة مارك جمال، و«رق الحبيب» لمحمد المخزنجى، و«البشر والسحالى» لحسن عبدالموجود.

 

تاريخ الخبر: 2022-02-17 21:20:57
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

العيون.. تخليد الذكرى الـ 68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 00:25:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

جرسيف .. الاحتفاء بالذكرى ال68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 00:25:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية