في الشهر الماضي حكم على خمسة أعضاء ينتمون إلى مجموعة إجرامية في مانشستر بالسجن 46 عاما لدورهم في عصابة "تشوب شوب" الدولية التي استخدمت قروض كوفيد - 19 المدعومة من الحكومة لتصدير سيارات فاخرة مسروقة إلى دبي.
خلال إصدار الحكم، طالب القاضي أنتوني كروس كيو سي، الحكومة بتفسير لكيفية حصول المدعى عليه الذي لديه عدة إدانات جنائية، بما في ذلك قضاء أربعة أعوام في السجن لارتكابه جرائم مخدرات، على قرض بضمان من الدولة دون "إجراء أبسط عمليات التحقق".
قال للمدعى عليه آصف حسين، 44 عاما، من ستوكبورت: "لديك ما مجموعه 48 جريمة سابقة تتعلق بعدم الأمانة وغيرها من الجرائم. أن يتمكن رجل مثلك من الحصول على قرض كوفيد أمر يصعب تصديقه".
القضية واحدة من مجموعة محاكمات جنائية ستعرض على المحاكم في إنجلترا وويلز، تسلط الضوء على كيف أن برنامج قروض التعافي الحكومي المقدم للشركات الصغيرة التي تكافح لتجاوز أزمة فيروس كورونا تم اختراقه من قبل مجرمين رأوا فيه مصدرا للمال السهل.
التحقيقات في عمليات الاحتيال ركزت على 205 مشتبه بهم و16 عصابة جريمة منظمة، وفقا لدائرة التحقيقات الوطنية، وهي وكالة لإنفاذ القانون.
وفقا لمسؤولين في ناتيس (النظام الإلكتروني الوطني لإدارة حركة المعلومات)، الذين تم تكليفهم بتتبع مثل هذه العصابات بعد أن استهدفت برامج الدعم الحكومية الخاصة بكوفيد - 19، تمت 47 عملية اعتقال تتعلق ببرنامج قروض التعافي. أضافوا أنهم يبحثون في 1397 شركة أو شركاء أعمال آخرين فيما يتعلق بالاستخدام غير القانوني لقروض التعافي.
برنامج القروض الذي أطلقه وزير المالية، ريشي سوناك، في أيار (مايو) 2020 ويديره بنك الأعمال البريطاني المملوك للدولة، منح 1.1 مليون شركة صغيرة قروضا تزيد قيمتها الإجمالية على 47 مليار جنيه استرليني. لكن البرنامج تعرض لانتقادات بسبب التحقق المحدود من المقترضين وعدم وجود عمليات تدقيق ائتمانية.
في كانون الأول (ديسمبر)، أفاد المكتب الوطني لمراجعة الحسابات، وهو هيئة مراقبة الإنفاق في البرلمان، أن الافتقار إلى العناية الواجبة ترك برنامج قروض التعافي "عرضة للاحتيال والخسائر"، مقدرا أنه يمكن خسارة ما يصل إلى خمسة مليارات جنيه بسبب عمليات الاحتيال.
قالت سوزان هاولي، المديرة التنفيذية لمجموعة سبوت لايت أون كورابشن، وهي مجموعة لشن الحملات ضد الفساد، على الرغم من أن فتح التحقيقات من قبل الجهة المعنية بإنفاذ القوانين أمر إيجابي، إلا أن حجم عمليات الاحتيال هذه يعني أن التحقيقات بدت مثل "قطرة في محيط".
أضافت: "سيدفع الجمهور البريطاني ثمن هذا الإهمال الشديد والفشل في توفير الحماية الأساسية من الاحتيال لأعوام قادمة".
في الشهر الماضي، استقال اللورد ثيودور أجنيو من منصبه وزيرا لتحقيق الكفاءة في وايتهول، بعد أن انتقد بشدة "السجل المؤسف" للحكومة في التعامل مع عمليات الاحتيال المتعلقة ببرنامج "القروض المرتجعة".
زعم أجنيو أن الحكومة التي وافقت على ضمان الإقراض بالكامل بموجب البرنامج، دفعت للمصارف حتى الآن نحو مليار جنيه استرليني عن القروض التي تم التخلف عن سدادها. أضاف أن أكثر من ربع هذا المبلغ له علاقة بقروض احتيالية.
في قضية عصابة "محل قطع غيار السيارات"، استمعت المحكمة في مانشستر إلى طريقة سرقة سيارات، من ضمنها سيارات من شركتي "رينج روفر" و"بورش"، في سلسلة من عمليات السطو الليلية "المروعة".
قامت العصابة بتفكيك السيارات إلى أجزاء في "محلات قطع غيار السيارات" الموجودة في مصانع القطن القديمة في شمال غرب إنجلترا، أو شحنها في حاويات إلى الشرق الأوسط لغرض البيع.
أوضح المدعون كيف استخدم اثنان من أعضاء العصابة 145 ألف جنيه استرليني كانا قد حصلا عليها من برنامج "القروض المرتجعة". حسين، أحد أعضاء العصابة كان مديرا لشركة جيرمان أوتوميتيف 365 المحدودة ـ مقرها في ويجان ـ حصل على قرض مرتجع قيمته 50 ألف جنيه استرليني لشركته الوهمية في غضون سبعة أيام من تقديم الطلب.
في قضية منفصلة في تشرين الثاني (نوفمبر)، حكم القاضي كروس على ستة رجال من عصابة لتهريب المخدرات في محكمة مانشستر بالسجن 133 عاما.
كان الرجال جزءا من مؤامرة لتوزيع الكوكايين وأدينوا بتهمة التآمر لخطف رجل أعمال ثري، 82 عاما، وسرقته.
استمعت المحكمة إلى أن أحد المدعى عليهم حصل على قرض مرتجع قيمته 25 ألف جنيه استرليني لصالح شركة بلاستيك في جنوب مانشستر، كانت العصابة قد استخدمتها واجهة لجرائمها.
في قضية ثالثة في كانون الأول (ديسمبر)، حكم على اثنين من زعماء عصابة إجرامية دولية مسؤولين عن غسل 70 مليون جنيه استرليني، بما في ذلك عشرة ملايين جنيه جاءت من برنامج "القروض المرتجعة"، بالسجن 33 عاما في محكمة في كينجستون.
أرتيم تيرزيان (38 عاما) من روسيا، ودييفيز جروشياتسكيج (44 عاما) من ليتوانيا، تمت أدانتهما بتهمتي غسل أموال بعد استغلال برنامج القروض، مع 3.2 مليون جنيه استرليني تم تسلمها من مصرف واحد فقط، وفقا للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة.
قال القاضي راجيف شيتي، في حيثيات الحكم، إن دافعي الضرائب في المملكة المتحدة سيكونون "مذهولين ومنزعجين لأن جزءا من مساهماتهم الضريبية التي حصلوا عليها بشق الأنفس كان يذهب إلى جيوب المجرمين".
مايك ليفي، أستاذ علم الجريمة في جامعة كارديف، قال إنه لم يتفاجأ بمستوى جرائم الاحتيال في برنامج "القروض المرتجعة" نظرا لعدم وجود عمليات تحقق ائتماني في المراحل الأولى من الجائحة.
أضاف: "كان هناك الكثير من المال وكان موقف المحتالين الأفراد والجماعات هو الاعتقاد بأن هذه مجرد هدية مجانية".
قالت وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية التي أشرفت على برنامج "القروض المرتجعة"، إن الدعم الحكومي كان "شريان حياة لملايين الشركات" ووفر الحماية لملايين الوظائف. أضافت: "نحن مستمرون في اتخاذ إجراءات صارمة ضد عمليات الاحتيال خلال كوفيد - 19 ولن نتهاون مع الذين يسعون إلى الاحتيال على دافع الضرائب البريطاني"، مشيرة إلى أنها كانت تعمل عن كثب مع المقرضين وسلطات الإنفاذ "لضمان مواجهة الذين ارتكبوا عمليات احتيال عواقب أفعالهم".
حتى الآن، استعاد ناتيس 4.8 مليون جنيه استرليني عبارة عن قروض مرتجعة غير قانونية، لكن محامين ذكروا أن فرص استرداد مبالغ أكبر ضئيلة.
قال بيتر بينينج، شريك في شركة كوركر بينينج للمحاماة: "من الواضح تماما أن الحكومة كانت تنوي إخراج الأموال في أقرب وقت ممكن للشعب ولم تتخذ أي خطوات متقاربة لوضع تدابير مكافحة الاحتيال. بمجرد أن خرجت الأموال (...) أصبحت فرص استعادتها منخفضة".