اكتسبت العلاقات التركية الإفريقية زخماً جديداً اعتباراً من 2003، العام الذي أطلق فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سياسة "إفريقيا الاستراتيجية"، وأصبحت تركيا "عضواً مراقباً" في الاتحاد الإفريقي عام 2005، ثم "شريكاً استراتيجياً" عام 2008.

واستضافت مدينة إسطنبول ما بين 16 و18 ديسمبر/كانون الأول 2021 أعمال القمة الثالثة للشراكة التركية-الإفريقية، التي عقدت أولى أعمالها في إسطنبول أيضاً عام 2008، وقمتها الثانية في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية عام 2014.

وبينما اكتسبت التطورات الدبلوماسية مع إفريقيا زخماً، انعكس هذا الوضع أيضاً على العلاقات الاقتصادية والتجارية.

إذ شرعت تركيا ببناء علاقاتها الاقتصادية مع إفريقيا على أساس المنفعة المتبادلة والشراكة المتساوية.

واعتباراً من العام الماضي نفذت الشركات التركية أكثر من 1150 مشروعاً بقيمة إجمالية تتجاوز نحو 70 مليار دولار في إفريقيا. كما تجاوزت قيمة الاستثمارات عبر القارة 6 مليارات دولار.

ومن المنتظر أن تفتح زيارات الرئيس أردوغان إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (20 فبراير/شباط)، والسنغال (21 إلى 22)، وغينيا بيساو (22 إلى 23)، الباب أمام إنشاء تعاون جديد في المنطقة، لزيادة حجم التجارة الثنائية بما يتماشى مع الأهداف المحددة، وزيادة اهتمام رجال الأعمال الأتراك وتعزيز مكانة استثماراتهم في المنطقة.

حجم التجارة الثنائية

وحسب بيانات معهد الإحصاء التركي ارتفع حجم التجارة الخارجية لتركيا مع دول إفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 24.8%، مقارنة بعام 2020 ووصل إلى أعلى مستوى له بـ10.7 مليار دولار العام الماضي.

وفي الفترة المذكورة زادت الصادرات التركية إلى دول المنطقة بنسبة 31% لتصل إلى 7.9 مليار دولار، وزادت الواردات بنسبة 10% لتصل إلى 2.8 مليار دولار.

الكونغو تستورد "الحبوب" والسنغال "الحديد والصلب"

عام 2021 انخفضت الصادرات التركية إلى الكونغو الديمقراطية بنسبة 6.4% لتصل إلى 53.7 مليون دولار.

واحتلت الحبوب والدقيق والنشا ومنتجات الحليب والعجين المرتبة الأولى بين المواد الجاري تصديرها من تركيا إلى الكونغو الديمقراطية خلال الفترة المذكورة. وتلت تلك المنتجات اللحوم ومنتجاتها والآلات والأجهزة الكهربائية.

والعام الماضي باعت تركيا بضائع بقيمة 529.5 مليون دولار للسنغال، واشترت منتجات منه بقيمة 10.9 ملايين دولار. وفيما زادت الصادرات التركية إلى السنغال بنسبة 47% على أساس سنوي، انخفضت الواردات بنسبة 43%.

وتصدرت منتجات "الحديد والصلب" و"الآلات والأجهزة الكهربائية" قائمة المنتجات التي جرى تصديرها إلى السنغال.

أما صادرات تركيا إلى غينيا بيساو العام الماضي فزادت بنسبة 18% مقارنة بعام 2020، وبلغت 9.8 مليون دولار، وزادت وارداتها أيضاً بنسبة 314%، لتصل إلى 4.9 مليون دولار.

وتركزت الصادرات التركية إلى غينيا بيساو في منتجات الحديد والصلب والملح والكبريت والتربة وحجارة البناء والجص والجير والأسمنت.

زيادة حجم الاستثمارات

وقال يوسف جنك داغصو رئيس مجلس الأعمال التركي الكونغولي إن الكونغو تحتل المرتبة 197 من بين 201 دولة في "مؤشر المخاطر التشغيلية".

وأشار داغصو إلى أن الكونغو أكبر دول إفريقيا جنوب الصحراء والثانية في إفريقيا، وتشغل المرتبة 11 في العالم من حيث المساحة.

ولفت إلى أن السوق الاقتصادية والتجارية في الكونغو بحالة جيدة للغاية، وأن حجم التجارة مع تركيا تشهد مستويات متقدمة، مبيناً أن زيادة صادرات تركيا بنسبة 98% خلال السنوات الخمس الماضية، يعد مؤشراً مهماً على هذا الوضع.

وتابع: "كانت الزيادة في صادرات الدقيق والمعجنات واللحوم والآلات فعالة في زيادة صادرات تركيا إلى الكونغو. فضلًا عن التطورات المهمة والاستثمارات المشتركة التي شهدها قطاع التعدين".

وذكر داغصو أن حجم التجارة الثنائية مرشح للوصول إلى مستويات قياسية عام 2022، وذلك مع زيادة حجم الاستثمارات والمشاريع في قطاعات التعدين والطاقة والبنية التحتية، وأنهم سيواصلون أنشطتهم الدبلوماسية التجارية من أجل الوصول إلى أعلى قيمة للصادرات المستهدفة 2022.

شركة (بيتا) التركية

وأكد أنهم يولون أهمية خاصة لتنمية الصداقة والتعاون مع إفريقيا، وقال: "نريد تحقيق منافع متبادلة، وتحقيق تطورات ونمو اقتصادي مشترك. نعتقد أن هذه الزيارة ستساهم بشكل إيجابي للغاية في زيادة حجم الاستثمارات والتجارة".

وزاد: "حجم الصادرات وصلت إلى 54 مليون دولار عام 2021، ونتطلع إلى وصولها إلى أكثر من 100 مليون دولار هذا العام".

وحول الاستثمارات التركية قال داغصو إن شركة بيتا (Beta Transform atör) التركية تخطط لاستثمار 40 مليون دولار في الكونغو هذا العام.

وأضاف: "نعتقد أن الاستثمار سيساهم بشكل كبير في توظيف اليد العاملة الخبيرة في الكونغو، ودعم الاقتصاد في دول إفريقيا. والمساهمة أيضاً في تطوير قطاعات مثل التعدين".

وتابع: "إن الشركة التركية المذكورة لديها خطط استثمارية لإنشاء مصفاة للذهب والفضة وافتتاح بنك وطني للذهب والمعادن النفيسة في الكونغو".

وأشار إلى أن قطاعات مثل مصادر الطاقة المتجددة والمحولات والكابلات والبنية التحتية الكهربائية ومشاريع البنية الفوقية تستحوذ على اهتمام كبير من المستثمرين الأتراك.

العلاقات مع السنغال

من جهته قال فؤاد توسيالي رئيس مجلس الأعمال التركي-السنغالي إن الاقتصاد السنغالي يعتمد على الزراعة وإن هذا القطاع يوفر حالياً فرص عمل لـ70% من القوى العاملة.

وذكر توسيالي لمراسل الأناضول أن السنغال تعتبر واحدة من الدول التي لمع نجمها في القارة الإفريقية، وإنها تستحوذ على موارد نفطية وغاز طبيعي بحجم يكفي لجعله لاعباً عالمياً في مجال الهيدروكربون.

واستطرد: "وفي هذا السياق تتجه العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين نحو تطور ونمو مستمر بكل معنى الكلمة. بالطبع لقد شكلت العلاقات السياسية الوثيقة بين البلدين منطلقاً مهماً لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بينهما".

وأشار إلى أن صادرات السنغال زادت بنسبة 50% في السنوات الخمس الماضية لتصل إلى 3.9 مليار دولار عام 2020، بينما زادت وارداتها بنسبة 43% لتصل إلى 7.8 مليار دولار في نفس الفترة.

ونوه توسيالي بأن قطاعات الطاقة والذهب والكيماويات غير العضوية ساهمت بشكل فعال في زيادة الصادرات في السنغال، فيما ساهمت واردات الطاقة المحوّلة والآلات والأجهزة الكهربائية في دعم قطاع الواردات.

تركيا ثامن أكبر دولة مصدّرة إلى السنغال

وأفاد بأن تركيا شغلت المرتبة الأربعين على قائمة الدول التي تستقبل الصادرات السنغالية، فضلاً عن كونها ثامن أكبر بلد مصدر إلى السنغال.

وأردف قائلاً: تركيا لديها فائض في التجارة الخارجية بهامش كبير في التجارة الثنائية.

البلدان تمكنا خلال منتدى الأعمال السنغالي التركي الذي عقد في عام 2020 من تحديد أهدافهما في مجال حجم التجارة الثنائية، وهو الوصول إلى حجم تبادل تجاري بقيمة مليار دولار على المدى القصير.

وأوضح توسيالي أن قطاعات الحديد والصلب والأجهزة الكهربائية والأسمنت والآلات والبلاستيك كان لها تأثير كبير في زيادة صادرات تركيا إلى السنغال في السنوات الخمس الماضية.

مشاريع الشركات التركية في السنغال 1.2 مليار دولار

كما أوضح أن قطاع المقاولات يأتي في مقدمة القطاعات التي حظيت باهتمام الشركات التركية، وأن إجمالي حجم المشاريع التي حققتها الشركات التركية هو 1.2 مليار دولار.

وتطرق إلى الزيارات التي يجريها الرئيس أردوغان في المنطقة اعتباراً من هذا اليوم، وقال: "نأمل أن يجري الحصول على نتائج ملموسة من خلال هذه الزيارات. إن زيارة الرئيس أردوغان إلى السنغال تخلق دائماً مناخاً إيجابياً بالنسبة لرجال الأعمال الأتراك".

وأشار توسيالي إلى أن قطاعات المقاولات والطاقة والحديد والصلب يمكن أن تحتل المرتبة الأولى في الاستثمارات التركية في السنغال، وأن الإمكانات الاستثمارية في قطاعات الزراعة والسياحة ومصايد الأسماك وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والصحة والتعليم والطاقة المتجددة والتعدين جاهزة لاستقبال الاستثمارات التركية.

وذكَر أن مطار دكار، وهو الأكبر في البلاد، بنته من شركتان تركيتان، وأن مشروع نظام السكك الحديدية الذي سينقل الركاب والمسافرين من المطار إلى وسط المدينة، ومشاريع بناء مجموعة من الفنادق والمستشفيات وسط العاصمة، جرى تنفيذها على يد شركات تركية.



TRT عربي - وكالات