يجزم المزارع المغربي محمد فنان بأنه لم يشهد موسماً أشد جفافاً طيلة 50 عاماً قضاها في الفلاحة، بقريته رأس العين في إقليم سطات جنوبي العاصمة الرباط.

يقول فنان (77 عاماً): "لم يسبق أن رأيت مثل هذه السنة، وعايشت سنة 1981 التي كانت جافة أيضاً وصعبة، ولكن لم يسبق أن حكى لي أحد من أجدادي أو والدي عن مثل صعوبة هذا العام الذي نعيشه"، وفق حديثه لوكالة رويترز.

وأشار الفنان المختص بالزراعات السقوية، التي تعتمد على الري مثل القمح والشعير والحبوب، إلى أنه زرع أرضه التي تقع في سهل الشاوية، أحد أخصب السهول المغربية، بالقمح والحبوب كالمعتاد، لكنها لم تنبت.

وتابع: "الجفاف حاد جداّ، النباتات خاصة الخريفية تضررت كثيراً".

ويشهد المغرب أسوأ أزمة جفاف منذ 30 عاماً، إذ تراجع معدل هطول الأمطار 64% مقارنة بالموسم العادي.

وقال خبير المناخ والتنمية المستديمة محمد بنعبو: "الجفاف يحدث كل عامين حالياً بدلاً من مرة كل عشر سنوات، على غرار ما كان يحدث حتى تسعينيات القرن الماضي".

وشكا فنان من قلة مناطق الرعي والكلأ قائلاً: "المراعي غير موجودة نهائياً، الناس تبيع أغنامها، يوجد من باع 90% ليوفر الكلأ لما تبقي، يوجد نقص كبير في المياه الجوفية".

والزراعة في المغرب أكبر القطاعات استيعاباً للأيدي العاملة، وشكلت 17% من الناتج المحلي عام 2021.

لم يقتصر ذلك على قرية رأس العين، ففي قرية بلوطة بشمال وزان أيضاً قالت فاطمة (58 عاماً): "غرسنا الفول والجلبانة (البازلاء) ولم تنبت بسبب النقص الشديد في الأمطار".

وتقول جارتها عايشة: "اشتريت نعجة حبلى بخمسمئة درهم (52.7 دولار) وهذا ثمن بخس، في السابق لم أكن لأشتريها بأقل من 1700 أو 1400 درهم، المواشي رخصت بسبب التخوف من نقص الأعلاف نظراً إلى قلة الأمطار".

الأسبوع الماضي قال الديوان الملكي إنه سينفق عشرة مليارات درهم (أكثر من مليار دولار) لدعم القطاع الفلاحي وتخفيف آثار الجفاف على المزارعين.

علق فنان: "هذا الإعلان الملكي عن مساعدة الفلاحين أنعش آمالنا، ونتمنى أن يخفف من وطأة هذه الأزمة على الفلاح والاقتصاد المغربي".

رغم جهود الدولة لتقليل اعتماد الاقتصاد المغربي على الفلاحة ومحاولة تطوير الصناعات، لم تتمكن الدولة من تخطي حاجز هيمنة الفلاحة على الاقتصاد.

وحول ذلك قال رشيد أوراز الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات: "كانت توجد مخططات لتطوير قطاع الصناعة في الاقتصاد المغربي، لكن ذلك يتطلب سنوات من العمل واستثمارات هائلة، ولذا بقي قطاع الفلاحة بالإضافة إلى قطاع السياحة من بين أهم القطاعات الاقتصادية في المغرب".

ويرى أوراز أن هذه السنة أشد صعوبة لأنها "جاءت بعد عامين من جائحة كوفيد-19 وتبعات الإغلاق الاقتصادي العالمي، وكذلك معدلات التضخم على المستوى العالمي، وبالتالي الغلاء لم يمسس فقط المنتجات الفلاحية، ولكن أيضاً الكثير من المنتجات كقطاع المحروقات والمنتجات الصناعية".

TRT عربي - وكالات