نفذت الدولة المصرية عددًا كبيرًا من المشروعات القومية خلال الـ٧ سنوات الأخيرة، من أجل التصدى للتغيرات المناخية خاصة الأماكن الأكثر عُرضة للتأثر بها، بالتعاون بين وزارتى البيئة والتخطيط. وتضمنت استراتيجية الدولة عددًا من المحاور لمواجهة تغير المناخ، ومنها على سبيل المثال وضع ضوابط لتمويل المشروعات الجارى تنفيذها، بحيث لا يتم تمويل أى مشروع يؤثر على الوضع البيئى. فى السطور التالية، يتحدث عدد من الخبراء بمختلف التخصصات، لـ«الدستور»، حول جهود الدولة فى الحفاظ على البيئة، وتجنب التأثر بالتغيرات المناخية، وكيف يمكن أن تسهم المشروعات الجارى تنفيذها فى تحسين الأوضاع البيئية.

عمرو صدقى: حماية الشعب المرجانية والمحميات الطبيعية

قال الخبير السياحى عمرو صدقى، إن دول العالم شهدت تأثرًا واضحًا بالتغيرات المناخية خلال السنوات الماضية، حيث ارتفعت معدلات التلوث بنسبة كبيرة للغاية نتيجة تغير المناخ وانتشار الأوبئة المختلفة.

وأضاف «صدقى» أن تلك التغيرات جعلت منظمة السياحة العالمية تتجه إلى سياحة الاستدامة، التى تهدف إلى الحفاظ على التراث الطبيعى داخل كل دولة، وكانت الأولوية هى تأمين المحميات الطبيعية التى تُعد مصدرًا مهمًا لجذب السياح من كل دول العالم.

وتابع: «الدراسات العلمية أكدت مؤخرًا أن محافظة البحر الأحمر هى المنطقة الأقل تأثرًا بالتغيرات المناخية»، مواصلًا: «الاهتمام الملحوظ من وزارتى البيئة والسياحة بها كان فى محله، كونها تملك أبرز المقاصد السياحية لدول العالم المختلفة، لما تمتلكه من شعب مرجانية نادرة، وبالفعل نجحت الدولة فى الحفاظ على هذا التراث من التأثر بالتغيرات المناخية».

وأكد أن المحميات الطبيعية والشعب المرجانية تظل محتفظة برونقها رغم التلوث البيئى وعدم التدخل البشرى فى أعمال تطويرها، فهى تترك للطبيعة وفقًا للقوانين العالمية، وكلما تمت المحافظة عليهما أثر ذلك على زيادة المعدلات السياحية بالبلاد.

وتابع: «مراكز الغوص تعمل بشكل طبيعى حاليًا داخل مدينتى شرم الشيخ والغردقة، بعد عودة الأفواج السياحية مرة أخرى للبلاد فى ظل أزمة فيروس كورونا؛ ما أكد تصدى البلاد للأزمات الصحية والبيئية معًا، وفى ذلك يعود الفضل لجميع القطاعات المختلفة التى ساعدت فى مواجهة الأزمات».

صابر عثمان: تبطين الترع ووضع استراتيجية للهيدروجين الأخضر

أكد صابر عثمان، خبير تغير المناخ والتنمية المستدامة، أن قضية التغيرات المناخية عالمية ولها تبعات كارثية على معظم الدول، لذا تبنت مصر استراتيجية كبيرة وضعها مجلس الوزراء عام ٢٠١١، للتكيف مع تغير المناخ، وتعمل الدولة على تحقيقها فى كل القطاعات المختلفة.

وأوضح «عثمان» أن الدولة اتجهت لحماية الشواطئ من أجل التصدى للتغيرات المناخية عبر تنفيذ عدة مشروعات منها مشروع صندوق المناخ الأخضر، الذى بلغت تكلفته ٣١.٤ مليون دولار، بهدف حماية المناطق الأكثر انخفاضًا من الغرق التى تعمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة من خلاله على وضع استراتيجية متكاملة للهيدروجين الأخضر فى مصر. وأشار إلى أن مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا تعمل على توليد الطاقة النظيفة والربط على الشبكة القومية للكهرباء، مضيفًا: نستهدف إنتاج ٥٠ ألف طن سنويًا من الأمونيا الخضراء وتحويل مشروعات الهيدروجين الأخضر إلى مركز عالمى لإنتاجه.

وأضاف: «مصر نفذت عدة مشروعات لها علاقة بترشيد استهلاك المياه مثل مشروعات تبطين الترع بهدف تقليل فاقد المياه»، مشيرًا إلى ضرورة حماية البحار والمحيطات من التغيرات المناخية كونها تمثل النسبة الأكبر من الأجزاء التى تغطى الكرة الأرضية، فالتلوث الناتج عن وسائل النقل البحرى يحتاج إلى تدخلات طارئة لمواجهة مشكلاته البيئية الخطيرة.

هدى الملاح: التوسع فى مشروعات الطاقة المتجددة

أشارت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إلى أن مشروعات الطاقة المتجددة تُعد أبرز وسائل الأمان للبلاد من التأثر بالتغيرات المناخية، لذا تستهدف مصر الوصول إلى إنتاج ٤٢٪ من الكهرباء عبر الطاقة المتجددة المعتمدة على مصادر بيئية مثل الرياح والشمس والمياه.

وأكدت «الملاح» أن التغيرات المناخية لم تقف عائقًا أمام النمو الاقتصادى، فقد حققت مصر قفزة اقتصادية كبيرة فى معدل النمو وفقًا لتقرير البنك الدولى والصندوق الدولى، مضيفة: «المناخ المصرى الجاف يستغل جيدًا العناصر الطبيعية فى إنتاج الطاقة النظيفة، كما أن تكاليف إنتاجها منخفضة للغاية، كونها تعتمد على عناصر طبيعية فقط».

وأضافت: «شمل النمو الاقتصادى مختلف القطاعات وكان أبرزها تطوير البنية التحتية فى جميع المحافظات وأيضًا مجال السياحة، مثل افتتاح منشآت سياحية جديدة ومنها طريق الكباش فى محافظة الأقصر، وغيرها من مقاصد سياحية مختلفة داخل محافظة البحر الأحمر، التى أثرت بشكل كبير على انتعاش اقتصاد قطاع السياحة رغم التغيرات المناخية التى تشهدها البلاد والظروف الاقتصادية الناجمة عن أزمة الأوبئة».