عدا "حرف زد المقلوب" الذي دمغت به كل الدبابات الروسية الزاحفة على الأراضي الأوكرانية، أثار اهتمام المتخصصين في الصناعات العسكرية أمر آخر، هو أن كل تلك الدبابات والمدرَّعات كانت تنتمي إلى سبعينيات القرن الماضي إبان الحقبة السوفييتية. الأمر نفسه ينطبق على راجمات الصواريخ، إذ وُثّق عدد منها محمولاً على الشاحنات المدرَّعة، هي الأخرى صناعة سوفييتية.

فيما لا يعني استعمال هذه الأسلحة القديمة افتقار روسيا إلى ترسانة حديثة ومتطورة، بل هو خيار استراتيجي اختارته البلاد في حربها الأخيرة، مما يطرح أسئلة حول أسباب هذا الاختيار، وما تحاول موسكو جنيه كمكاسب منه.

ترسانة أسلحة قديمة

حسب الصور التي التُقطت للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، رُصد نشر البلاد لقوة مدرَّعات قوامها الأساسي دبابات T-72 السوفييتية، فيما يعود إدخال هذه الأسلحة للخدمة أول مرة إلى سنة 1972، بما يعني أنها تبلغ من العمر 50 سنة.

ونشرت روسيا كذلك مدرعات BMP-3 التي دخلت الخدمة في سنة 1987، وشاركت في الغزو الروسي لأفغانستان 1979-1989.

إضافة إلى ذلك، رُصد استخدام راجمة الصواريخ TOS-1 المحمولة على هيكل الدبابة المذكورة، والتي تتوفر على 24 ماسورة إطلاق صواريخ 220 ملم. يعود تاريخ دخول هذه الراجمة الخدمة إلى سنة 1988، واستُخدمت أول الأمر خلال احتلال أفغانستان.

وتستعمل روسيا كذلك في هجومها العسكري الجاري لأوكرانيا راجمات قذائف غراد BM-21، التي يبلغ مدى أهدافها ما بين 5 و45 كلم. وطُوّرَت لأول مرة سنة 1960، ودخلت الخدمة بعدها بثلاث سنوات. كما استُخدمت نسخ مطورة من نفس الراجمة "أوراغان BM-27" و"سميرش BM-30" اللتين تعودان إلى سنة 1983.

في ما يخصّ سلاح الجو، تشنّ روسيا غاراتها بمروحية Ka-52 المتخصصة في المعارك ضد القوات المدرَّعة، التي أُنتِجَت سنة 2010. إضافة إلى مروحية Mi-8 التي تُستخدم في عمليات الإنزال الجوي والمهامّ اللوجيستية، دخلت الخدمة سنة 1960.

لماذا لم تستعمل روسيا أسلحتها المتطورة بعد ضد أوكرانيا؟

اعتماد الهجوم الروسي الجاري ضد أوكرانيا على أسلحة موروثة في أغلبها عن الصناعات الدفاعية السوفييتية، لا يعني تماماً تأخُّر الصناعة العسكرية الروسية، بل تُعَدّ البلاد أحد أكبر الرواد العالميين في هذا المجال، ويمتلك جيشها أسلحة متطورة بكثير مما نشاهده اليوم في ساحة المعركة الأوكرانية.

هذا ما يؤكده الخبير العسكري أكرم خريف، متحدثاً لـTRT عربي، بأنه "في نظري استعمال روسيا معداتها القديمة في الحرب، والمكافئة للمعدات الأوكرانية، راجع إلى رغبة الروس في المحافظة على عتادهم الحديث لا سيما أنها لا تزال معروضة في الأسواق العالمية، كما أنها تدّخرها إلى الوقت التي قد تحتاج فيه إلى موجة نشر ثانية للجيش الروسي داخل أوكرانيا". ويضيف: "حتى الآن نرى أن المعدات التي أُقحمَت كانت كافية ولبّت أهداف العملية العسكرية".

في المقابل يشير الخبير العسكري إلى أنه "حسب الأرقام نلاحظ حرص روسيا على الحفاظ على عناصرها المسلحة، فنحو 60% من المعدات التي خربت في أوكرانيا كانت خالية من الجنود، بعد أن تركوها في حالة عطب، بما يعني الحرص كذلك على الجنود وأن روسيا في استراتيجيتها تلعب على تخفيف الخسارة إلى أكبر حد".

من جانبه يشير علي سليمان، الباحث في الشؤون الاستراتيجية بمعهد الدراسات الدولية في فروتسواف بولندا، في حديثه لـ TRT عربي، إلى أن "روسيا تنتظر إخلاء المدنيين لإدخال الأسلحة المتطورة إلى الحرب"، ويدلّل على حديثه بـ"أنباء عن أن الموجة الأولى من الصواريخ التي قصفت بها مدينة خاركوف كانت فارغة من الرؤوس المتفجرة والهدف منها إخافة الناس وزيادة الضغط على كييف".

ويختم سليمان بأن "روسيا تحاول تفادي إسقاط عدد كبير من المدنيين، خوفاً من ردّ فعل المجتمع الدولي الذي يمكن أن يكون أقسى عليها مما تعيشه في هذه الأثناء من عزلة وعقوبات".

TRT عربي