أعلنت شركة سوناطراك الجزائرية وشريكها الإيطالي "إيني" الأحد كشفاً نفطياً باحتياطات تقدر بـ140 مليون برميل من النفط الخام، جنوبي البلاد، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية. وقالت الشركة في بيان لها إنها "نجحت في حفر أول بئر استكشافية في محيط زملة العربي، الواقع بحوض بركين". وأظهرت عملية الحفر تلك اكتشافاً هاماً من النفط الخام خلال مرحلة اختبارات الإنتاج، قُدّرت بـ7 آلاف برميل يومياً، و140 ألف متر مكعب من الغاز.

يأتي هذا الاستكشاف على بعد أسابيع قليلة من إعلان ذات الشركة عن عملها، بالتعاون مع غازبروم الروسية، على "التطوير الفعال لموارد الغاز المكتشفة على مستوى حقول غرد السايح وغرد السايح شمال (رقعة حقل العسل)، وهذا من خلال إنجاز عمليات تنقيب لـ24 بئراً جديدة، بالإضافة إلى إنجاز وحدة معالجة لإنتاج الغاز الطبيعي، وكذا المكثفات وغاز البترول المسال التي ستُنقَل عبر شبكة خطوط النقل الحالية لسوناطراك".

وفي سنة 2020 قالت سوناطراك إنها نجحت في تحقيق 18 اكتشافاً جديداً للنفط والغاز، ستمكّنها من رفع إنتاجها السنوي. يأتي هذا في ظرفية تراهن فيها أوروبا على الموارد الطاقية الجزائرية لسدّ بعض حصصها للغاز الروسي، مع تزايد التهديدات بانقطاعه جراء الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن مدى قدرة الجزائر على أن تكون ذلك البديل.

احتياجات أوروبا من الغاز

يغطي الغاز الروسي نحو 40% من الحاجات الأوروبية إلى هذا المورد الطاقي، منها خمس دول أوروبية تعتمد تماماً عليه، فيما يهدد هذه الصادرات انقطاع متوقع عقب الهجوم الروسي على أوكرانيا، إذ يلوّح الغرب بمقاطعتها، وإن لم يحدث ذلك فستمنع العقوبات الاقتصادية إيجاد آلية دفع ثمن شحنات الغاز تلك.

من الناحية الأخرى، وحسب خبير الطاقة الأمريكي جوناثان إلكيند، الباحث في مركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، فإن "روسيا معتمدة بدرجة كبيرة على الأسواق الأوروبية في صادرات الغاز الطبيعي والنفط، وهذا الوضع يمنعها من قطع إمدادات الغاز عن أوروبا". وبلغت صادرات روسيا من الغاز في سنة 2020 نحو 199 مليار متر مكعب، 63% منها وُجّهت لدول الاتحاد الأوروبي، أي نحو 126 مليار متر مكعب.

بالتالي سيتحتم على أوروبا البحث عن بدائل، ستكون حسب الخبير الأمريكي "مكلفة للغاية". وأطلقت المفوضية الأوروبية في 8 مارس/آذار الجاري خطة لخفض الاعتماد على الغاز الروسي، عنوانها الأساسي "تنويع مصادر الطاقة"، وتنويع مصادر الواردات من الغاز.

الأمر الذي تنقسم بشأنه الدول الأوروبية حول ما إذا كانت ستفرض عقوبات فورية على إمدادات الطاقة الروسية، إذ رفضت ألمانيا، أكبر مستورد للنفط والغاز الروسيَّين، الفكرة. وقال محللون إن ذلك سيدفع أوروبا إلى اتخاذ إجراءات طارئة وقاسية، مثل إغلاق الصناعات الكثيفة الاستخدام للغاز.

هل البديل في الجزائر؟

تُعَدّ الجزائر من أهمّ مورِّدي الغاز الأساسيين نحو أوروبا، إذ تغطّي نحو 11% من احتياجات القارة العجوز من هذه المادة، فيما داخل الاتحاد الأوروبي تُعَدّ إيطاليا وإسبانيا والبرتغال أبرز زبائن الغاز الجزائري، إذ تستورد إيطاليا 21.9 مليار متر مكعب سنوياً منه، وأكثر من 12 مليار متر مكعب من الغاز الجزائري تذهب سنوياً لإسبانيا.

وحسب أرقام سوناطراك فإن قدرتها القصوى على إنتاج الغاز لا تتعدى 135 مليار متر مكعَّب من الغاز سنوياً، بما يجعلها، إذا ما أخدنا في الاعتبار التزاماتها التجارية مع الأطراف الأخرى، بعيدة عن تغطية ما يقابل 126 مليار متر مكعب من الغاز الروسي نحو أوروبا في حال قطع إمداداته.

قضية أخرى تدفع إلى التشكيك في تلك القدرة، هي العملية اللوجستية لتسليم تلك الواردات إذا لجأ الأوروبيون إليها، فيربط الجزائر مع أوروبا ثلاثة أنابيب، يعمل منها اثنان فقط، الأول خط "ترانسميد" الذي يربط البلاد بإيطاليا، وتبلغ طاقته الاستيعابية القصوى 32 مليار متر مكعب سنوياً، والآخر "ميدغاز" الرابط مع إسبانيا والذي قالت الجزائر إنها سترفع من طاقته الاستيعابية لتبلغ 10.5 مليار متر مكعب.

يمكن أن ترفع الجزائر قدراتها اللوجستية تلك لتبلغ 54.5 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي، أي بزيادة 12 مليار متر مكعب، إذا وافقت على إعادة خط "المغرب العربي-أوروبا" للعمل. ويمر هذا الخط من الأراضي المغربية، وانتهى عقد العمل به في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ورفضت الجزائر تجديد العقد بسبب القطيعة الدبلوماسية التي تحكم علاقتها بجارتها الغربية.

TRT عربي