تحية لأرواح تحلق في سماء العزة .. شهداء الوطن


“أنا لست أقل من أي جندي يدافع عن الجبهة ولابد أن أكون بينهم في كل لحظة من لحظات البطولة” إحدى أقوال الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض التي عاش يطبقها في حياته العسكرية حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في ميدان المعركة في التاسع من مارس عام 1968 ، وحمل اختيار 9 مارس من كل عام ليكون يوما تحتفل به مصر بذكرى شهدائها الأبطال، تخليدًا لذكرى هذا الرجل الذي قدم أروع مثال في التضحية والحفاظ على أرض مصر وكرامة الوطن، بعد تقدمه الصفوف الأمامية في ثاني أيام حرب الاستنزاف مع العدو الإسرائيلي، سنحاول في السطور التالية إلقاء الضوء على بعضا من شهداء الوطن وعلى رأسهم صاحب “يوم الشهيد” الذين سطروا بدمائهم تاريخ مصر …

عبد المنعم رياض .. الجنرال الذهبي

ولد الفريق أول عبدالمنعم رياض في قرية سبرباي إحدى ضواحي مدينة طنطا محافظة الغربية في 22 أكتوبر 1919، والده القائم مقام (رتبة عقيد حاليًا) محمد رياض عبد الله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية والتي تخرجت على يديه الكثيرين من قادة المؤسسة العسكرية، انتهى من دراسته بالكلية الحربية في عام 1938 برتبة ملازم ثان، ونال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول، وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز في إنجلترا عامي 1945 و 1946.

شارك رياض في الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامي 1941 و 1942، وشارك في حرب فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثي عام 1956، وحرب 1967 وحرب الاستنزاف وأشرف على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف.

قرر رياض، أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن قرب نتائج المعركة، ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدما التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترًا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6، وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق.

ويشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة الفريق، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها، ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض ، منحه الرئيس جمال عبدالناصر رتبة “الفريق أول”، ونجمة الشرف العسكرية، التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر، كما خرجت جموع الشعب لتشييع جنازته مرددة نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي.

العميد إبراهيم الرفاعي.. رجل المهام الخطرة

الشهيد العميد إبراهيم الرفاعي قائد قوات الصاعقة ارتبط اسمه بعمليات عسكرية تفوق الوصف قبل استشهاده في حرب أكتوبر ، هو المقاتل الشرس والجندي المقدام الذي نفذ عشرات العمليات الانتحارية خلف العدو في سيناء دون أن يصاب بأذى ، وقع اختياره على أعقد العمليات وأصعبها أثناء حرب الاستنزاف، حيث تحولت حياته إلى قتال متواصل ولا يمر يوم دون أداء مهمة ناجحة أو وضع خطة جديدة لعملية مؤثرة ضد المواقع الإسرائيلية في سيناء، ..

من مواليد 1931 مركز بلقاس محافظة الدقهلية ، كانت عائلته عائلة عسكرية أبا عن جد ، جده هو الأميرالاي عبد الوهاب لبيب ضابطًا وطنيًا في الجيش المصري الذي انتهت مدة خدمته عام 1914 ، ووالده هو السيد الرفاعي وكان ضابطا في وزارة الداخلية ، تخرج من الكلية الحربية في يوليو عام 1954 ، وعندما عقدت أول فرقة للصاعقة في أبو عجيلة كان ترتيبه الأول على الفرقة لذا عين مدرسا بها قبل أن يشارك فى حرب اليمن والاستنزاف وأكتوبر، حصل على العديد من الاوسمة والأنواط نذكر منها نوط الشجاعة العسكرية من الطبقة الأولى، وسام النجمة العسكرية، وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى بعد استشهاده عام 1974 .

عبر الرفاعي إلى شرق القناة أكثر من سبعين مرة قبل تدمير مخازن الذخيرة المصرية التي تركتها قواتنا خلال عملية الانسحاب في يونيو 1967 عندما تمكن الرفاعى ورجاله من تفجير تلك المخازن واستمرت النيران مشتعلة فيها ثلاثة أيام كاملة ، وفي مطلع عام 1968 كانت إسرائيل قد نشرت مجموعة من الصواريخ أرض – أرض لإجهاض عملية إعادة بناء القوات المسلحة المصرية ، ونجحت وحدات الاستطلاع المصرية في كشف العديد منها على طول خط المواجهة ، وكان لابد من التحرك السريع حيث اجتمع الفريق عبد المنعم رياض بالقوات الخاصة بقيادة الشهيد الرفاعي وكان طلبه محددا “لابد من العبور إلى الضفة الشرقية بأي ثمن” للحصول على بعض صواريخ إسرائيل ومعرفة مدى تأثيرها على الأفراد والمعدات في حالة استخدامها ضد جنودنا.

على الفور، شرع الرفاعي في تنفيذ المهمة وعبر مع مجموعة من رجاله وعاد بثلاثة صواريخ ، كانت عملية محفوفة بالمخاطر تم على إثرها عزل القائد الإسرائيلي المسؤول عن قواعد الصواريخ في سيناء، .. وعندما اندلعت حرب أكتوبر كانت أولى مهامه هي نسف آبار البترول فى بلاعيم لحرمان إسرائيل منها، وقبل استشهاده يوم التاسع عشر من أكتوبر هاجم مع مجموعته الفذة “المجموعة 39” مطار الطور بالصواريخ الثقيلة.

محمد محمد زرد .. المقاتل الشرس

على مدار ثلاثة أيام كانت وحدة الرائد الشهيد محمد زرد تحاصر النقطة الحصينة بمنطقة الشط جنوب سيناء لإرغام العدو على التسليم، وعندما أدرك البطل أن الإمدادات فى طريقها للقوة المحاصرة لم يتردد في اقتحام الموقع والاستيلاء عليه قبل أن تخترق قنبلة يدوية بطنه وتمزق أحشاءه.

محمد زرد من مواليد أكتوبر 1943 بقرية تفهنا العزب مركز السنطة بالغربية ، تخرج من الكلية الحربية عام 1966 وسافر إلى اليمن وحارب فوق جبالها وبعد حرب المؤامرة فى يونيو 1967 عاد البطل وشبح الهزيمة يطارده وحرص على العطاء المتميز خلال حرب الاستنزاف وشارك في الإغارة على قوات العدو خلف خطوطه فى سيناء أكثر من عشرين مرة قبل اندلاع حرب أكتوبر ، حصل على العديد من الأوسمة العسكرية والنياشين منها نوط الشجاعة العسكرية و وسام نجمة سيناء .

اختير زرد على رأس مجموعة لتنفيذ مهمة اقتحام النقطة 149 بالشط وكانت من أقوى المواقع التى تقع مباشرة فى مواجهة منطقة عبور قواتنا من غرب القناة إلى شرقها وكان زرد وزملائه يدركون خطورة مهمتهم ، فقد كانت نفس النقطة هي التي دمرت بمدافعه المنازل فى مدينة السويس وقتلت المئات من النساء والشيوخ والأطفال أثناء مرحلة الصمود والتصدي خلال حرب الاستنزاف.

اندفع البطل برجاله لتحقيق المهمة واستطاع هو و مجموعته من السيطرة على هذه النقطة ليجد العدو نفسه محاصرا داخل نقطته الحصينة في هذا الموقع وغيره واستمر القتال ثلاثة أيام كاملة لم تتوقف النيران لحظة واحدة وزرد ومجموعته الثمانية يصرون على اقتحام الموقع وتدميره حتى اضطر أفراد النقطة وكان عددهم 20 إسرائيليا إلى الاستسلام وسقط الموقع الإسرائيلي الحصين وارتفعت صيحة الحق (الله أكبر الله أكبر) عبر جهاز إرسال العدو الذى قتل حامله قبل ان يغلقه بعد أن أبلغ قيادته بسقوط الموقع واستسلام أفراد طاقمه .. بينما كان الشهيد زرد يضع يده على بطنه والدماء تنزف منه بغزارة ، حتى فاضت روحه وعيناه صوب العلم المصري وهو يرفرف فوق الموقع في التاسع من أكتوبر 1973.

إسماعيل إمام .. الطيار الأعجوبة

من مواليد سبتمبر عام 1946 مركز فاقوس محافظة الشرقية ، تخرج من الكلية الحربية عام 1967 ، بدأت مسيرته الحافلة بالبطولات خلال حرب الاستنزاف ، عندما نجح في إسقاط طائرة ميراج إسرائيلية فوق المنزلة في الاشتباك الجوي يوم 9 فبراير 1970 ، لم تعوقه إصابته بالعمود الفقري في أعقاب نجاح مهامه يوم 7 أكتوبر فوق مطار المليز و تدمير طائرتين إسرائيليتين ، من مواصلة مهامه حتى حظى بشرف الشهادة ومنحته مصر أعلى وسام عسكري “نجمة سيناء” تقديرا لشجاعته وبطولته.

وفقد استطاع أن يدخل الرعب فى قلوب الطيارين الإسرائيليين فى عدة اشتباكات جوية وتمكن خلال عشرة أيام من إسقاط ست طائرات إسرائيلية من طراز سكاي هوك وميراج وفانتوم بمفرده قبل أن تصاب طائرته بعطل مفاجئ أثناء تصديه مع تشكيل من طائرات الميج المصرية لطائرات العدو في شرق القناة.

فور إصابة طائرته بعطل مفاجئ أمره قائد التشكيل بالعودة على الفور لقاعدته ، وأثناء محاولته للعودة لمح معدة إسرائيلية لتوجيه الصواريخ وشعر أن الطائرة تهوي به لا محالة إلى الأرض وليس أمامه سوى حلين القفز بالمظلة لينجو بنفسه، أو الهبوط في قاعدة قريبة منه للعدو ، لكن الطيار المصري كان يفكر بشكل آخر لم يكن حريصا على حياته بقدر حرصه على إثبات كفاءة المقاتل المصري في مختلف الأسلحة ، هداه تفكيره على الفور الى القيام بعملية انتحارية والسقوط بطائرته فوق معدة الصواريخ الإسرائيلية وتدميرها، وطلب من قائده السماح له بتنفيذ مهمته الانتحارية ونفذها بالفعل ليثير الرعب بين الإسرائيليين وذلك في السابع عشر من أكتوبر عام 1973.

محمد سعد .. أول العابرين لخط بارليف

ولد مسعد عام 1946 في قرية سنديون، بعد تخرجه من معهد قويسنا الديني عمل باحثًا اجتماعيا بوحدة طوخ ، ثم التحق بالخدمة العسكرية عام 1968 كمقاتل استطلاع ، ويضم سجل خدمته العسكرية بطولات عديدة وقبل الحرب بخمسة أيام أخبر أسرته أنه يشعر بأنه سوف يحقق أمله فى خوض معركة كبيرة مثل شقيقه الشهيد عبد الحميد مسعد الذي كان ضمن القوات المدرعة المصرية في معركة “جبل لبنى” عام 1967 .

شارك الشهيد في حرب الاستنزاف خلف خطوط العدو عدة مرات وتعلم اللغة العبرية لكي يعرف لغة العدو، وألحق بفرق الاستطلاع المكلفة بالاستماع إلى الاتصالات اللاسلكية بين وحدات العدو الإسرائيلي لمعرفة اتجاهاتها ونواياها و أوضاعها وإبلاغ قيادة المخابرات العسكرية لتوجيه القيادة العسكرية العليا التي تدير المعركة للتصرف العاجل واتخاذ القرار المناسب.

وأخبر الشهيد محمد مسعد القيادة عن وجود مواسير النابالم التي أمدتها إسرائيل أسفل مياه قناة السويس قبل معارك أكتوبر 1973 لتحول صفحة المياه إلى جحيم إذا فكر جيشنا المصري في اقتحام قناة السويس.

وتعامل البطل مع القوات الإسرائيلية، وما هي إلا ساعات حتى استشهد بمنطقة التمساح بسيناء، وكانت آخر إشارة بعث بها إلى قائده: “العدو يا أفندم على بعد 10 أمتار”، وبهذا يكون أول شهيد على أرض سيناء خلال معارك أكتوبر عام 1973 واسمه مسجل بالموسوعة العالمية.

ويعد الشهيد مسعد أول الجنود الذين منحوا نجمة سيناء، مشيرا إلى أن سجل خدمته العسكرية يضم عدة بطولات، نالت استحسان قادته خلال تواجده على الجبهة في الفترة من 1971 حتى 1973.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2019-03-10 12:12:16Z | | ÿeuþÿgwþÿgxüÿgwþÿhwÿÿgtÿÿeqþÿcmÿÿ]hþÿ[eÿÿ]eÿÿW^øÿIPæÿ7>Êÿ#*¬ÿ
ÿ
تاريخ الخبر: 2022-03-22 09:21:17
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

عن جولات بيتكوفيتش الأخيرة: التزامات دورة «كاف برو» سبب غياب نغيز

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 03:24:42
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

بطولة الرابطة الثانية

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 03:24:49
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 56%

بينهم 4 من قسم الهواة: استفادة 20 ناديا من ورشة تكوينية للكاف

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 03:24:44
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 51%

دورة مدريد لكرة المضرب.. البولندية شفيونتيك تتوج باللقب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 03:25:19
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

قيبوع مهدد بعقوبة: مدرب السنافر يطلب تجهيز خالدي

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 03:24:46
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية