المجتمع الدولى تحت جزمتى
صلاح جلال
(١)
💎 ما أشبه الليلة بالبارحة فقد بدأ المطبلاتية فى الخرطوم ضرب نقارة الورل ضد بعثة الأمم المتحدة يونتامس Unitams المدعوة بطلب من السودان لمساعدته من أجل السلام والتحول الديمقراطى وفق قرار مجلس الأمن الدولى رقم ٢٥٢٤ تحت الفصل السادس كبديل لسحب القوات الأممية يونميد التى كونها بموجب القرار ١٧٦٩ بتاريخ ٣١يوليو ٢٠٠٧م تحت الفصل السابع الملزم لميثاق الأمم المتحدة بقوات قدرها ٢٢ ألف جندى أممى مما أفقد السودان مساحة مقدرة من سيادته فى عهد الإنقاذ المباد ، جاءت بعثة يونميد لتحقيق أربعة أهداف وفقاً لقرار تشكيلها .
(٢)
💎منذ وقوع إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م وموقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولى المساند لخيار عودة المرحلة الإنتقالية للمسار الديمقراطى والضغط من خلال مجلس الأمن والإتحاد الأوربى والأفريقى ، بدأت شنشنة الشمولية فى العودة للإعلام والحديث الزائف عن السيادة الوطنية والمظاهرات المركبة للإحتجاج على تدخلات البعثة الأممية، وكما ظهرت مقالات صحفية مدبجة فى صحيفة القوات المسلحة وتصريحات مسئولين من ذوى الوزن الخفيف ضد بعثة يونتامس وتهديدها بالطرد والإبعاد من السودان وتجلت الحالة البشيرية بكامل هيئتها ومفرداتها فى حديث القائد العام للقوات المسلحةالفريق أول البرهان فى حفل تخريج ضباط من القوات المسلحة بأن البعثة الأممية تجاوزت حدودها فى مطالبته بإستعادة الإنتقال الديمقراطى فى البلاد وهو يعلم أن المجتمع الدولى يقف بالإجماع مع هذا المطلب الدولى من مجلس الأمن والإتحاد الأفريقى و الأوربى بالإضافة لدول الترويكا وبعض الدول العربية فى الخليج فيما يتجاوز المائة دولة أعضاء هذه المؤسسات، هل يريد الفريق البرهان الزج بالسودان فى نزاع مع المجتمع الدولى من أجل إستمرار الإنقلاب ؟؟ طيب غيرك كان أشطر إنتهى به الطريق إلى سجن كوبر ينتظر المحاكمة والترحيل لمحكمة الجنايات الدولية ليقبع فى زنزانة رطبة فى بلدان تموت حيتانها من البرد .
(٣)
💎 ذّكِر فإن الذكرى تنفع الغافلين، كان بداية جر قدم الأمم المتحدة للسودان بطلب من حكومة الإنقاذ نفسها قدمه اللواء الفاتح عروة مندوب السودان الدائم للأمم المتحدة فى ٢٥ مايو ٢٠٠٤م بطلب مكتوب يناشد الأمين العام للأمم المتحدة التدخل لدى الإتحاد الأفريقى أن يرسل مراقبين لوقف إطلاق النار فى دارفور بعد إتفاق إنجامينا ،بهذا الطلب أصدر مجلس الأمن الدولى قراره رقم S/ RES/1547 وقد كان هذا القرار هو الأساس الذى قامت عليه القوات الأفريقية أنميس ومن بعدها إستُبدلت بالبعثة المشتركة الأممية يونميد فى هذا السياق قام الأمين العام للأمم المتحدة كوفى أنان بتعيين الدبلوماسي الهولندى بروفسر يان برونك ممثل مقيم
للأمم المتحدة بالسودان ومن هنا بدأ مسلسل المجتمع الدولى تحت جزمتى وحلقاته الممتدة .
(٤)
💎 قبل تعيين البروفسر يان برونك حدث أول تناقض كبير بطرد الخرطوم لمسئول الأمم المتحدة منسق الشئون الإنسانية د. موكشى كابيلا مؤلف كتاب Agianist Tide Of Evil يمكن ترجمتها ضد ربطة الشيطان، كشف فيه بداية التطهير العرقى فى دارفور وبعدها تدحرجت البلاد فى Roller Coaster سلسلة مواجهات مع المجتمع الدولى أدمت قدمى الإنقاذ الحافيتين وكلفت البلاد خسائر فادحة فى السياسة والإقتصاد وإتساع نطاق النزاعات وخسارة وحدة السودان ، تواصلت قرارات تحدى المجتمع الدولى حتى أواخر أيام الإنقاذ قبل سقوطها الدواى فى ١١ أبريل ٢٠١٩م فقد أصدرت الأمم المتحدة بيان فى مايو ٢٠١٦م تعلن فيه رفض الخرطوم التجديد لمسئول كبير فى الأمم المتحدة للشئون الإنسانية هو أيفو فرانسين وذكر البيان أنه المسئول الرابع الذى يُبعد من السودان فى الفترة بين ٢٠١٤ – ٢٠١٦م ، كل أسباب الإبعاد متطابقة الإتهام بالتحيز للحريات وحقوق الإنسان وتجاوز صلاحيات واجباته المهنية .
(٥)
💎 السؤال ماذا إستفاد السودان من العنتريات وماذا خسر من تحديه للأسرة الدولية؟ كانت حصيلة المعارك الوهمية تحت مسمى مظلة السيادة الوطنية، وهى فى حقيقتها دفاع عن أخطاء الأنظمة ليتخفى تحت الشعارات المضللة ، كانت تكلفة التهريج أن قررت الأمم المتحدة تطبيق جزاءات على السودان وفق القرار ١٥٧٤ وألحقته بتصعيد للعقوبات وفق قرار ١٥٩٣ بشأن دارفور فى العام ٢٠٠٥م وجاء قرار حظر السلاح وتجميد الأرصدة رقم ١٣٢٥ ضد كل من يعوق السلام فى دارفور، والقرار رقم ١٥٥٦ ومن ثم قرار إحالة ملف دارفور للأمم المتحدة ١٥٦٤ والقرار الخاص بتحويل البشير وثلاثة من معاونية لمحكمة الجنايات ١٥٩٣ والقرار ١٧٦٩ وهو أخطر القرارات الأممية ضد السودان تحت الفصل السابع الملزم لميثاق الأمم المتحدة الذى أرسل قوات للسودان تفوق فى العدد والتسليح القوات أيام الإستعمار قبل الإستقلال ١٩٥٥م ، إستمر نظام الإنقاذ يصرف بركاوى للأسرة الدولية (بركاوى يعنى سب الدين حسب النكتة) حتى تراكمت القرارات ضد البلاد من المجتمع الدولى إلى أكثر من ٦١ قرار أممى بالإضافة لقرارات من دول ومنظمات إقليمية و أصبح رأس دولة الإنقاذ ملطشة إذا سافر لأى دولة جوار وعاد سالماً تعد من أيام البلاد الخالدات تخرج فيها المظاهرات ويبكى المسئولين أمام الكميرات حمداً لسلامة الرئيس بالعودة، هل يريد الفريق البرهان إعادة السودان لمسيرة هذه المعارك الهوائية المكلفة بتحدى المجتمع الدولى مرة ثانية ؟؟ لتنطلق أغانى الحماس التعويضى من الخوف والهروب وفواصل الرقيص( العرضه) مرة من جنوب أفريقيا وأخرى من أبوجا وثالثة من الأجواء السعودية ورابعة وخامسة وسداسة حتى أصبحنا فضيحة بين الدول .
(٦)
💎💎ختامة
التعبئة ضد بعثة يونتامس وممثل الأمين العام للأمم المتحدة توحى لنا بأننا نقرأ من صفحة واحدة فى كتاب الشمولية والدكتاتورية للمبتدئين والمجتمع الدولى تحت جزمتى ، فاليعلم الجميع أن الأمم المتحدة والعالم المتمدن أصبحت لهم مرجعية فى العلاقات الدولية Code Of Conduct يقوم على الديمقراطية والسلام وإحترام حقوق الإنسان كل من يأتى ممثلاً للأمم المتحدة صدقاً أو نِفاقاً لن يعلن إنحيازه ضد هذا القيم وسيجد نفسه حليف للشعب السودانى ضد الشمولية والتسلط وإحترام حقوق الإنسان ، سيقول لكم غوتيرش نجيب ليكم شموليين من وين يا حبيبى .
(٧)
💎رمضان كريم لجميع القُراء ونصيحة لوجه الله لا تصادم المجتمع الدولى بفجاجة فقد فعلها قبلكم يرحمهم الله والعاقل من إتعظ بغيره والشقى من جرب فى نفسه .
صلاح جلال
٢ أبريل ٢٠٢٢م
