وزير الأوقاف: رمضان شهر العلم والفهم والوعي والمدارسة


أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن رمضان هو شهر العلم، وهو شهر الفهم، وهو شهر الوعي، وفرصة للتعلم، والاستفادة، والاستنارة، وحديثنا يتناول أهمية إعمال العقل في فهم النص، وذلك أن كثيرًا من المشكلات، والأفهام الخاطئة جاءت نتيجة وقوف بعض الجماعات عند ظواهر النصوص دون فهم لمقاصدها، ومراميها، وإلى غلبة مناهج الحفظ والتلقين على مناهج الفهم والتحليل، فلا بد أن نعمل عقولنا في فهم صحيح النص.

وضرب الوزير مثالاً قائلاً، فمثلًا عندما تحدث نبينا صلى الله عليه وسلم عن السواك، فما المقصد؟ وما الغاية؟ الفقهاء يقولون: طُهرة للفم ومرضاة للرب، والهدف هو: نظافة وطهارة الفم، والسؤال يقول: هل العبرة بعين السواك حتى لو كان من يستخدمه لا ينظفه جيدًا، والعبرة بمجرد حمل السواك؟، أم أن العبرة بنظافة وطهارة الفم التي قد تتحقق بآلة السواك بشرط العناية بها، ونظافتها، وحفظها في مكان نظيف، وقد تتحقق بالغسول أو الفرشاة أو المعجون، لا شك أن الهدف هو نظافة الفم، وهو ما صرح به الفقهاء في تعليلهم لقضية السواك، فأي غاية طبية صحية تتحقق بها نظافة الفم ونظافة الأسنان وطهارة الفم هي غاية مشروعة تحقق الهدف من السواك، وعندما جاء أحد الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه ناقته فقال : "أعقلها وأتوكل ، أم أتركها وأتوكل؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : اعقلها وتوكل".

وتابع الوزير في حديثه في برنامج "رؤية" بعنوان : "العقل والنص"  على أن هذا التوازن بين الأخذ بالأسباب ، والتسليم بقضاء الله (عز وجل) لا يقف عند حدود عقد الناقة فقط ، وإنما نستفيد منه في كل جوانب حياتنا ، فحسن التوكل على الله لا يعني عدم الأخذ بالأسباب إنما يعني أن نأخذ بغاية الأسباب يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لوْ توَّكلتْمْ عَلىَ اللَّهِ حَقَّ التوكل لرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيرْ، تغَدُوا خِمَاصاً وَتَرُوْحُ بِطَاناً" ، أي تذهب وهي جائعة ، وتعود شبعة ، قال أهل العلم : الطيور لا تقف في أماكنها ، وتبقى في أماكنها ، وإنما تأخذ بالأسباب تذهب وتجئ وتسعى على رزقها ، حتى أن أحد الصالحين خرج إلى بستان في سفر وتجارة، فبينما هو في ذلك البستان وجد طائرًا كسيرًا جريحًا ، فقال : كيف يطُعم ويسُقى هذا الطائر الكسير الجريح ، وبينما هو يفكر في هذه الحال ، إذا بطائر آخر يحمل لهذا الطائر طعامه، فقال يا سبحان الله ! رزق الإنسان سيأتيه ، ثم حكى ذلك لأحد أصدقائه وأصحابه فقال له : يا هذا كيف ترضى لنفسك أن تكون كالطائر الكسير الجريح الذي ألجأته الحاجة والضرورة إلى آخر من بني جنسه ، ولم تسع لأن تكون أنت الطائر القوي الشجاع الذي يسعى على نفسه وعلى الضعفاء من بني جنسه ، ألم تسمع نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول : "اليَدُ العُليَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلىَ ، وَابدْأ بِمَنْ تعُولُ" ، ألم يقل نبينا (صلى الله عليه وسلم): "المَسائلُ كُدوحٌ يكدَحُ بها الرَّجلُ وجهَه ، فمن شاء أبقَى على وجهِه ومن شاء ترك ، إلَّا أن يسألَ الرَّجلُ ذا سلطانٍ ، أو في أمرٍ لا يجدُ منه بُدًّا" ، هذا كان عاجزًا عن السعي له ظروفه إن كان عاجزًا ، أما القادر فلا ينبغي أن يكون عالة على الآخرين إنما عليه أن يسعى ، وكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: "لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ، ويقول: اللهم ارزقني ، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة" ، فعلى الطالب أن يجدَّ وأن يجتهد وأن يأخذ بالأسباب ، وأن يجتهد في مذاكرته وفي تحصيله ، وفي انضباطه بالقواعد التعليمية ، ثم أمره يفوضه بعد ذلك إلى الله (عز وجل) يرضى بما يقسمه الله له ، ما دام قد قام بالجهد الذي عليه ، أما أن الطالب لا يذاكر ولا يهتم ويأتي ليلة الامتحان يطلب من أمه أو عمته أو خالته أو أهله الدعاء له ، هذا الدعاء يأتيك بعد أن تأخذ بالأسباب لأن الله أمرنا أن نأخذ بالأسباب ، وكالفلاح الذي راعى حقله وزرعه ثم يفوض أمر البركة الى الله (عز وجل) لا أن يتقاعس عن رعاية الزرع سقيًا أو تنظيفًا من الحشائش أو عناية ، ثم يقول: أمري إلى الله.

مؤكدًا أن التوكل الحقيقي هو: أن نأخذ بالأسباب ، ثم نفوض النتائج لله (عز وجل) لذا ؛ عندما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) للأعرابي :"اعقلها وتوكل"، أي: خذ بالأسباب ثم فوض النتائج لله (عز وجل) هذا ما نتعلمه في سائر شئوننا ، الطالب في مذاكرته ، والعامل في مصنعه ، والفلاح في حقله ، وكل إنسان يأخذ بالأسباب ، ثم يفوض أمر النتائج إلى الله (عز وجل) ، ولذلك عندما مر سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على قوم لا يعملون قال من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون على الله ، قال بل أنتم المتكلون ، ولستم بالمتوكلين لو توكلتم على الله حق التوكل لأخذتم بالأسباب ثم فوضتم أمر النتائج إلى الله (عز وجل).

ولفت الي قول الله تعالى : "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ ‌لَنْ ‌تَخْرِقَ ‌الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا" ، فالغاية النهي عن الخيلاء ، والاختيال بالنفس ، والتجبر في المشية ، لكن هل المنهي عنه هو الاختيال في المشي فقط أو مطلق الاختيال في أي مشي من كان يختال بدراجته أو من كان يختال بسيارته ، وما أكثر الحوادث التي قد تقع نتيجة الاختيال والتباهي والإسراع بالسيارة فوق السرعة المقررة كلون من الاختيال بسيارة فارهة أو قوية أو نحوها ، فالاختيال والعلو قد يكون مشيًا على القدم ، وقد يكون بالسيارة استعلاء على خلق الله ، بل إن الاستعلاء بالسيارة أعلى من الاستعلاء بالمشي ، فالمقصود بالقصد في المشي هنا عدم الاختيال مطلقًا سواء كان الإنسان ماشيًا على قدميه أم مستقلًا دراجته أم راكبًا سيارته ، بل إن الاختيال بالسيارة أشد من الاختيال بالمشي على القدمين لما في الثاني من كسر نفوس الفقراء ، وأسوء ما في ذلك أن يصل الاستعلاء بالنفس إلى تجاوز القوانين المنظمة للمرور والسير ، مع أن الالتزام بقواعد المرور العامة ، إنما هو للحفاظ على حياتك وحياة الآخرين ، مما يتطلب أن تلتزم بالسرعات المقررة وإشارات المرور وتعليماته وآدابه وأحكامه دون أن يستعلي أحد على الآخرين لا بمشيته ولا بسيارته الفارهة ولا بدراجته الأغلى أو الأحدث ، يقول الشاعر : 

ولا تمشِ فوق الأرض إلّا تواضعًا

فكم تحتـها قومٌ هـم منك أرفــعُ

فإن كنت في عزّ وخير ومنعةٍ

فكم مات من قوم هم منك أمنع

وختم الوزير حديثه بقوله : أسأل الله عز وجل أن يرزقنا حسن الفهم والتواضع في أنفسنا والقصد في مشينا وحسن التوكل على ربنا.

اقرا أيضا:

وزير الأوقاف: «الاختيار» برهن بالدليل القاطع أن الدولة كانت تدار من مكتب الإرشاد

تاريخ الخبر: 2022-04-13 12:17:41
المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية