كان أسامة ياسين الذراع العنيفة للإرهابية وكان مدعومًا وبشكل كامل من خيرت الشاطر

لم تكن الفرقة 95 تحمى الميدان كما ادعى أسامة ياسين بل كانت تروع من يعارض الإخوان

لقد أنقذتنا ثورة 30 يونيو من كثير لم نكن نرى منه شيئًا ولم نكن نعرف عنه شيئًا

لم يكن ظهوره مفاجأة بالنسبة لى فمنذ بدأت حلقات «الاختيار ٣» تتوالى، وأنا أنتظر ظهور وزير الشباب الإخوانى أسامة ياسين تحديدًا.

كنت أسأل: كيف سيقدم المسلسل هذه الشخصية التى كنت أعتبرها الأخطر فى تنظيم الإخوان؟ كيف سيضع جرائمه أمامنا؟ كيف سيسقط ورقة التوت عن عورته الإرهابية، فيظهر للناس على حقيقته، بعيدًا عن وجهه الناعم ولحيته المهذبة وابتسامته الخادعة؟ 

كان أسامة ياسين يتحرك بنعومة شديدة دون أن يشعر به أحد لتنفيذ ما يخطط له التنظيم الإخوانى من أعمال عنف وتعذيب وترويع وقتل. 

تعامل «الاختيار ٣» مع أسامة ياسين باحترافية شديدة، أدانه بلسانه عبر مقطع فيديو قصير جاء ضمن لقاء جمعه بالمذيع الإخوانى أحمد منصور على شاشة قناة الجزيرة، وكان منصور قد قدم حلقات مطولة مع عدد ممن اعتبرهم رموز ثورة ٢٥ يناير، حكوا فيها عن دورهم ومشاركتهم وصناعتهم ثورة يناير، ولن تكون فى حاجة إلى أن أقول لك إن معظم من اختارهم منصور كانوا من تنظيم الإخوان. 

فى الفيديو يذكر أسامة ياسين «الفرقة ٩٥» بشكل عابر، وعندما يستوقفه منصور ليسأله عنها، يقول له: البلطجية كانوا على أسطح العمارات فى ميدان التحرير، والفرقة دى من الشباب قاموا بإنزالهم، وصعدوا هم فوق من أجل حماية ميدان التحرير أثناء ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١. 

زاد أسامة فى مدحه لأعضاء الفرقة ٩٥، الذين- فى رأيه بالطبع- تعلموا الدرس جيدًا، وانتشروا بشكل جيد على أسطح العمارات، بحيث إنهم كانوا كاشفين كوبرى أكتوبر، وكاشفين ما فوق الكوبرى وما تحته، وأى تحرك بيتم من خلال كوبرى أكتوبر هم كاشفينه، لذلك هم بيحموا الميدان. 

كان ما قاله أسامة ياسين تدليسًا كاملًا، فلم يصعد أعضاء الفرقة ٩٥ إلى أسطح العمارات لحماية ميدان التحرير من البلطجية، بل صعدوا لإشعال النار فى الميدان، حتى تستمر الثورة، لأن إخلاء الميدان من الثوار وعودة الأمور إلى ما كانت عليه، كان له معنى واحد بالنسبة للجماعة وهو أنها ستدفع وحدها الثمن. 

بالنسبة لى كشف مسلسل «الاختيار ٣» ما هو أهم عن أسامة ياسين، ولم يكن كثيرون يعرفونه، فعبر لقطات درامية تتسق تمامًا مع الواقع، رأينا الوزير الإخوانى وهو يتحرك بين مراكز الشباب فى كل محافظات الجمهورية، فقد كانت الخطة أن يضع يده على ٥ آلاف مركز شباب إخوانى، يتم تحويلها إلى منصات للجماعة الإرهابية، تستطيع عبرها تجنيد الشباب وتدريبهم على السلاح، استعدادًا لأى مواجهة قادمة، سواء مع الجيش أو مع الشعب. 

يمكن أن يحتج البعض على المسلسل، بأنه ليس من المنطقى أن أسامة ياسين كان يدرب الشباب بنفسه على استخدام السلاح فى معسكرات كانت تنظمها وزارته، فقد كان يمكنه أن يشرف على هذه المعسكرات من بعيد، حتى إذا تم رصدها يستطيع أن يتبرأ منها. 

هذا المنطق يحتاج إلى بعض التصويب. 

فقد كانت الجماعة تتعامل بغرور مَن امتلك كل شىء، ولن يستطيع أحد أن يحاسبها أو يعاقبها أو يرصد ما تفعله، ثم إنها كانت قد اطمأنت إلى أنها ستظل فى الحكم ٥٠٠ سنة على أقل تقدير، فمن يمكنه أن يحاسبها أو يقف فى طريقها. 

الفرقة ٩٥ إخوان لم تكن مجموعة من الشباب الذين أسهموا فى حماية التحرير خلال أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، كما حاول أسامة ياسين أن يصورهم فى حديثه التليفزيونى الاستعراضى، الواقع يقول إنها كانت ميليشيات تم تدريبها بعناية شديدة، وكانت جاهزة للحظة المناسبة. 

لم تكن الفرقة ٩٥ تحمى الميدان، كما ادعى أسامة ياسين، بل كانت تروع من يعارض الإخوان، أو من تعتقد أنه مدسوس على الميدان، ولعلكم تذكرون المحامى الذى تقدم ببلاغ إلى النائب العام يتهم فيه أسامة ياسين وعددًا من الأشخاص بأنهم احتجزوه فى مقر إحدى الشركات بميدان التحرير وقاموا بصعقه بالكهرباء وتعذيبه حتى فقد وعيه. 

استخدمت الجماعة هذه الفرقة كثيرًا بعد أحداث يناير ٢٠١١، وهنا واقعة لا بد من إثباتها وتوثيقها. 

فقبل الاحتفال بالذكرى الأولى لأحداث يناير، اجتمع عدد من شباب وقوى الثورة مع عدد من قيادات وشباب جماعة الإخوان المسلمين فى بيت أيمن نور بالزمالك. 

كان أسامة ياسين هو ممثل الإخوان فى هذا الاجتماع، اقترح شباب الثورة أن تكون هناك منصة واحدة، يتحدث من فوقها الجميع، بحيث تكون هذه رسالة أن قوى الثورة تقف على أرضية واحدة. 

رفض أسامة ياسين فكرة المنصة الواحدة، وأصر على رأيه بأن تكون هناك منصة خاصة لجماعة الإخوان، فالجماعة لديها ما تقوله، ولا تريد أن يشاركها أحد. 

اندهش شباب الثورة بشدة، ولم يفهموا إصرار أسامة ياسين على إقامة منصة خاصة بالجماعة، إلا عندما اشتعلت الأحداث فى الميدان فى ٢٥ يناير ٢٠١٢، فقد اشتبك عدد من شباب الثورة مع شباب الإخوان، وتحول التراشق بالألفاظ إلى تشابك بالأيدى، وفجأة بدأ عدد من شباب الإخوان يسحبون عددًا من شباب الثورة، لتبدأ وصلة ضرب وتعذيب أسفل منصة الإخوان. 

فى هذه اللحظة فهم شباب الثورة سبب إصرار أسامة ياسين على أن تكون هناك منصة خاصة للإخوان، فقد أعد أسفلها سلخانة يؤدب فيها من يعترض أو يقف فى وجه الجماعة، وكان من قاموا باختطاف شباب الثورة وضربهم وتعذيبهم، هم أعضاء الفرقة ٩٥ إخوان. 

بعد القبض على أسامة ياسين فى ٢٦ أغسطس ٢٠١٣، تداولت الصحف والمواقع الإخبارية أخبارًا عن اعترافات وزير الشباب الإخوانى السابق تخص دوره ودور محمد البلتاجى فى مذبحة بورسعيد التى وقعت فى أول فبراير ٢٠١٢. 

كانت التهمة الموجهة لأسامة ياسين بعد القبض عليه مباشرة هى التحريض على أعمال العنف وقتل المتظاهرين والدعوة إلى أعمال تخريبية، فقد شارك فى قتل متظاهرى مكتب الإرشاد يوم ٣٠ يونيو بتوفيره السلاح لشباب الجماعة الذين كانت مهمتهم الأساسية إبعاد المتظاهرين عن مقر مكتب الإرشاد فى المقطم. 

فى التحقيقات مع أسامة ياسين تطرق الحديث إلى مذبحة بورسعيد. 

كانت كل الشكوك تتجه إلى الإخوان، وتميل إلى أنهم من قاموا بهذه المذبحة، فقد كانوا أصحاب المصلحة فى أن تسود الفوضى فى البلاد، حيث لا يستطيعون تحقيق أهدافهم إلا فى ظلال الفوضى. 

لم يكن هناك دليل كافٍ على تورط الإخوان فى هذه المذبحة، فقد تعلموا كيف يحرقون أقسام الشرطة ثم يقولون إن الطرف الثالث هو من فعلها، وتعلموا كيف يقتحمون السجون ويهربون منها، ثم يقولون إن مجهولين من قاموا بذلك، وتعلموا كيف يقتلون الشباب ثم يتهمون الأجهزة الأمنية بأنها من قامت بذلك. 

كانت هناك إشارة عابرة توقفت عندها عندما كنت أحقق فيما جرى فى بورسعيد. 

قال لى مصدر أمنى أثق فيه جيدًا، إن من قتلوا مشجعى الأهلى فى استاد بورسعيد، كانوا يكسرون رقابهم قبل أن يلقوهم من المدرجات. 

وفى حديث مع إخوانى سابق أكد لى أن من بين ما كان يدرب أسامة ياسين أعضاء الفرقة ٩٥ عليه هو القتل بكسر الرقبة. 

سأترك لك قراءة المشهد مرة أخرى. 

ضع ما قاله المصدر الأمنى والمصدر الإخوانى أمامك، ويمكنك أن تدرك ما حدث. 

الفرقة ٩٥ إخوان ظهرت بقوة أيضًا فى أحداث الاتحادية، فسلخانات التعذيب التى أقامتها الجماعة على أسوار قصر الرئاسة من الداخل ومن الخارج، والتحقيقات التى أجريت مع من تم القبض عليهم- كانت من عمل هذه الفرقة وبإشراف مباشر من أسامة ياسين. 

وكما أقام أسامة ياسين سلخانة تحت منصة الإخوان فى ميدان التحرير فى ٢٥ يناير ٢٠١٢، أقام أيضًا سلخانة للتعذيب أسفل منصة رابعة العدوية، أثناء اعتصام الإخوان هناك لأكثر من ٤٥ يومًا، وفى هذه السلخانة تم تعذيب وقتل كثيرين، كانت تستوقفهم الفرقة وتقودهم لاستجوابهم بتهمة أنهم يتجسسون على الاعتصام. 

كان أسامة ياسين الذراع العنيفة لجماعة الإخوان الإرهابية، وكان مدعومًا وبشكل كامل من خيرت الشاطر القيادى الذى كان يتعجل أن تسقط مصر بين يدى الجماعة، ولم يكن يتورع فى سبيل ذلك عن اقتراف أبشع الجرائم وأشنعها. 

بعيدًا عن هذه الوقائع والأحداث، تأملت دقائق حكاية أسامة ياسين ليس داخل جماعة الإخوان الإرهابية، ولكن داخل السياق العام المصرى، وتخيلوا أنتم أن وزيرًا فى الدولة المصرية كان إرهابيًا. 

وزير يتولى وزارة الشباب يكون دوره هو تدريب الشباب بنفسه على حمل السلاح واستخدامه. 

وزير يقسم اليمين على تحقيق مصالح الشعب، فإذا به يجهز ميليشيات مسلحة لترويع هذا الشعب. 

لقد أنقذتنا ثورة ٣٠ يونيو من كثير، لم نكن نرى منه شيئًا، ولم نكن نعرف عنه شيئًا، وأعتقد أن أهمية مسلسل «الاختيار» أنه يضع الناس أمام الحقائق التى كانت خافية ومخفية عنهم، يدعم قرارهم الذى خرجوا لتنفيذه بطرد هذه الجماعة وإقصائها عن السلطة، وبتدعيم موقفهم الآن الذى يرفض هذه الجماعة ويقف أمام كل مخططاتها لإسقاط الدولة وإرباكها وافشالها. 

لقد كانوا يريدون بنا وبمصر الكثير... لكن يد الله كانت رفيقة... فتدخلت لتنقذنا فى الوقت المناسب.