«قادرون باختلاف» أبطال تحدوا الإعاقة وقهروا المستحيل - تحقيقات وملفات


«يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً»، هذا الجزء من الآية رقم 273 من سورة البقرة يلخص حياة الكثيرين من ذوى الهمم و«قادرون باختلاف» الذين رغم تعرضهم لحوادث مميتة أفقدتهم أجزاء كبيرة من أجسادهم، فإنهم لم يستسلموا للأمر الواقع وضربوا أروع الأمثلة فى التحدى حتى تمكنوا من تحدى الواقع الذى وضعتهم فيه الظروف وقهروا المستحيل وحققوا نتائج عظيمة فى مواصلة التحدى لأنهم لا يرغبون فى أن يروا نظرات الشفقة فى عيون أحد، أو نظرات الحزن والعجز فى عيون أبنائهم، لذا ضربوا أروع الأمثلة فى مواصلة مشوارهم فى الحياة، وواصلوا العمل من أجل لقمة العيش الحلال بدلاً من أن ينتظروا المساعدات من الآخرين. «الوطن» فتحت ملف متحدى الإعاقة الذين قرروا أن يكون لحياتهم هدف بعيداً عن المرض، ورصدت عدداً كبيراً من ذوى الاحتياجات الخاصة يعملون بمهن تحتاج جهداً بدنياً شاقاً رغم صعوبة هذا الأمر عليهم نظراً لضعف أجسامهم، منهم القهوجى والنجار والبائع، وهى مهن تحتاج عزيمة وصبراً ومثابرة، من جانبها أكدت وزارة التضامن الاجتماعى أن جميع الحالات سيتم بحثها فى استجابة سريعة منها، وسيتم توفير جميع سبل الدعم لهم تشجيعاً لغيرهم.

«إسلام» فقد نصفه السفلى فى حادث أليم: «خرجت بصحتى.. رجعت بعلِّتى»

حادث أليم حوّل حياة إسلام أحمد زكى، 19 سنة، من محافظة القليوبية، إلى جحيم بعدما وقع أسفل عجلات القطار وكتبت له حياة جديدة دون أطراف سفلية، ورغم الكارثة التى ربما تنهى حياة بعض الأشخاص الذين لا يتمتعون بقدر كافٍ من الصبر على فقدان الأطراف بخلاف الجانب الطبى الذى ينهى حياة الكثيرين، فإن «إسلام» تحدى الظروف، وقرر أن تكون الحادثة بداية طريق جديد وتحدياً من نوع خاص.

بداية الألم كانت منذ ٥ سنوات عندما خرج «إسلام» إلى الشارع ولم يكن قد أكمل عامه الرابع عشر، فى رحلة ذهاب يومية إلى المدرسة، ولكن هذه المرة اختلفت كثيراً، لأنه عاد منها وهو فاقد جزءاً كبيراً من جسده النحيل، وقال: «خرجت كامل رجعت ناقص، خرجت بصحتى رجعت بعلِّتى».

بالدموع يتذكر الفتى ما حدث له فى هذا اليوم الذى ما زال عالقاً فى ذاكرته، وحكى «إسلام» صدمته بعدما تخلص من آثار البنج ليجد نفسه فاقداً لساقيه، حيث تم بترهما أسفل الركبة مباشرة لوجود تهتك كامل أدى إلى صعوبة كبيرة فى تركيب شرائح ومسامير، وتابع: «ماكنتش مصدق إنى هعيش باقى حياتى وأنا كده، لكن ده قدر ربنا وأنا مش معترض علشان كده قررت أعيش حياتى طبيعى، وأمارس حياتى عادى وأشتغل».

خلال هذه الفترة لم يعتمد «إسلام» على والديه، بل قرر أن يعتمد فقط على ساعده، حتى لا يشعر يوماً بأنه حمل ثقيل على أحد، وقرر الفتى أن يتدرب بشكل جيد على الأطراف الصناعية كى تلازمه خلال يومه، لتتحول رويداً رويداً إلى شىء أساسى فى حياته، لا غنى عنها حتى أوقات النوم، وأضاف: «الشغل مش عيب، ومش علشان ربنا حرمنى من حاجة يبقى أقعد وأكبر دماغى وأعتمد على غيرى، أنا مابحبش أصعب على حد، ولا أحس بنظرة شفقة فى عين حد، علشان كده بشتغل فى أى حاجة علشان القرش، بنزل فرن عيش، أشيل طاولة العيش زيى زى أى عامل تانى، ماهو أنا ربنا مدينى الطاقة والقوة يبقى ليه أقعد وغيرى يصرف عليا؟!».

لم تترك هذه الحادثة أثراً سلبياً على جسده فقط، بل كانت سبباً فى إصابته بالتلعثم الذى أثر بشكل كبير على تواصله مع أصدقائه، ولكنه رغم ذلك تمكن من تخطى جميع المعوقات ليحصل على أكثر من بطولة، وواصل: «كان نفسى أكون بطل مصر فى كمال الأجسام لما أكبر، لكن الحلم ده بقى مجرد كلام وخلاص، أنا كنت بكتب أهدافى على ورقة، لحد ما عملت حادث القطار ورجلىا الاتنين راحوا منى، وقتها فقدت الأمل فى حلمى».

بمساعدة الأهل تمكن «إسلام» من تجاوز المحنة، وبدعم الأصدقاء أصبح الفتى وكأنه لم يصبه شىء، كل شىء على ما يرام، بسبب رغبته القوية فى المواجهة والتعافى وعدم الاعتماد على ذويه أو التواكل، وقال: «أنا لسه مكمل لحد دلوقتى وعندى الإرادة، أنا اتحديت كل حاجة صعبة، واتوكلت على الله واتعلمت إن مهما كانت الظروف حواليا قاسية مستحيل أستسلم مهما حصل»،

رغم عمله فى العديد من المهن، فإن «إسلام» لا يشعر بالأمان، فهو حتى الآن يمنى النفس بأن يحصل على معاش خاص به، بعدما انقطع بسبب مشكلة فى التأمين الخاص به، وتابع: «بحلم إن بطاقة الخدمات المتكاملة تطلع لى وتكون عندى أطراف صناعية رياضية للسباقات».

تاريخ الخبر: 2022-04-16 21:20:33
المصدر: الوطن - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية