من المهم أن يتعرف المواطن بما تقوم به الدولة لأجله وأجل أبنائه وبناته، وهذا ما أكد عليه سمو ولي العهد – حفظه الله – من خلال تواصله الذي أنهى العزل المعرفي، فبالرغم من مشاغله الجمة ومسؤولياته الثقيلة يخرج ويتحدث بشخصه الكريم مع المواطن، ويشرح له بلغة سهلة وشجاعة ما حصل ويحصل وسيحصل من إنجازات ونتائج، وهنا يأتي دور التواصل المعرفي والتوعوي والمساند لوزارة الاقتصاد والتخطيط مع المجتمع.
أرقام الإحصاءات الجافة عن الإنجازات الدسمة للعديد من الجهات – التي تهم المتخصص – عادة لا يجيد المواطن البسيط قراءتها، لأنه في كثير من الأحيان لا يعرف إلى ماذا تشير وأين ومتى وكيف تلامس حياته، لذلك لم يعد لهذه الوزارة الهامة أن تستمر في ألا يكون لها دورها في تثقيف وتوعية المواطن بإنجازات اقتصاده الوطني وبلغة يفهمها، فهو شريك أصيل في تعظيم الثروة الوطنية للأجيال القادمة، وفي عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
هنا، المواطن يحتاج للمعلومة التي تبني جملة مفيدة وبعيدة عن الأرقام المجردة، فلو أخذنا مؤشر مجمل الناتج المحلي كمثال بسيط من ضمن العديد من المؤشرات، سنجد أن لا أحد تقريبا يشرح للقاعدة العريضة في المجتمع ماذا يعني بينما يمكن للوزارة – من خلال تواصلها التوعوي – أن تشرح الإنجازات من خلاله وببساطة لأي مواطن وفي مكانه، مثل أن من أهم أرقام الاقتصاد هما الوظائف والأجور، وإذا ما ضربا في بعضهما ستكون النتيجة مسؤولة عن معظم ما يسمى بالناتج المحلي الإجمالي، وهذا الرقم عبارة عن مجمل الأموال المتاحة للحكومة لفرض الضرائب والرسوم على جزء منها.
ولا تنتهي العملية التوعوية هنا، فمهم أن يستوعب المواطن أن هذه الرسوم ليست للاكتناز، ولكن لماذا وكيف توظف هذه الأموال في خدمته من خلال الصرف على تكاليف الخدمات التي تقدمها الحكومة له مثل الرعاية الصحية ومواجهة أي جائحة – لا قدر الله – والسلامة والغذاء والبيئة والتعليم والقضاء والأمن والمواصلات وغيرها من خدمات، وبضمان إستمرارية هذه الخدمات في المستويات التي تليق به كمواطن (وأيضا المقيم) ودون الإعتماد على مدخولات النفط التي يمكن لأسعارها المتقلبة أن تقضي على أي جودة خدمات وفي أي لحظة.
التواصل التوعوي لهذه الوزارة سيجعل الجميع يتلقى المعلومة الاقتصادية الدقيقة منها، فهي موطن تكاملية معلومات كافة القطاعات (العامة والخاصة) وأداء الاقتصاد الكلي وخططه والتي تشرح الصورة كاملة بدلا من معلومات متفرقة من عدة مصادر ربما يصعب الربط بين ما تقدمه هذه الجهات لغير المتخصصين، مما يرفع من إدراك المجتمع الاقتصادي، وهذا أيضا سيقطع الطريق أمام دعاة الشهرة على شبكات التواصل الاجتماعي من المتلاعبين بالألفاظ في وصف النتائج، أوالمتنكرين للجهود الجبارة للدولة.
وزارة الاقتصاد والتخطيط التي غابت عن المشهد لفترة ليست بالقصيرة، بدأت تظهر من جديد وبقوة مع ظهور وزيرا شابا على رأسها، خاصة مع مشروعها في التعداد السكاني الذي شد انتباه المجتمع بسبب تقديم فكرة التعداد الذاتي بحيث يستطيع المواطن والمقيم أن يقدما معلوماتهما آليا، كما أن مشاركة معاليه الأخيرة أثناء فعاليات “دافوس” مع الفريق السعودي الرائع – والذي لفت الانتباه – يرفع من سقف التوقعات من هذه الوزارة في تثقيف المجتمع.
الدعاء بالتوفيق والنجاح لكل منسوبي وزارة الاقتصاد والتخطيط التي دبت فيها الحياة من جديد بعد طول همود، والتي يتوقع المجتمع منها الكثير، والكثير جدا.
* نقلاً عن صحيفة "مال".
