افتتاحية الدار: لماذا يغارون من مكانة المغرب في إفريقيا؟


الدار/ افتتاحية

من يستطيع مجاراة الحضور المغربي الوازن اليوم على صعيد القارة الإفريقية؟ هذا سؤال صريح ومباشر يجب على المغاربة وعلى بعض جيران السوء وبعض الغيارى من شبه الجزيرة الإيبيرية أو من شمال إفريقيا الإجابة عليه بجرأة ليستخلص كل منهم الدروس التي تناسبه وتنفعه. بالنسبة للمغاربة الجواب على هذا السؤال يجب أن يدفعهم إلى شعور كبير بالاعتزاز والفخر بما أدت إليه السياسة الملكية في الانفتاح على القارة الإفريقية والثقة في مؤهلاتها وآفاقها الرحبة ثقافيا وروحيا واقتصاديا وأمنيا وسياسيا. عندما قرر جلالة الملك محمد السادس أن يربط المغرب بعمقه الإفريقي ويفتح حدود المغرب أمام بلدان الجوار وفق سياسة إنسانية غير مسبوقة كان ذلك وعيا مبكرا واستباقيا بما ستمثله هذه القارة في مستقبل العالم، فهي كانت أصله وهي التي ستكون قريبا ملجأه من كل الآفات التي يعيشها اليوم سواء تعلق الأمر بمشكلة الأمن الغذائي أو الأمن الطاقي أو بالتهديدات البيئية والمناخية. ولأن الملك محمد السادس كان يدرك منذ عقدين أن إفريقيا لها كل هذه المؤهلات كان حريصا على إنصاف الأفارقة وتكريمهم. ولعلّ بعض المغاربة لا يزالون يجهلون الحجم الحقيقي الذي بلغته اليوم علاقات المغرب التجارية مع بلدان غرب إفريقيا حيث أصبحت علامة “صنع في المغرب” تنافس علامات تركيةوصينية.
لكن المغرب لا ينظر إلى إفريقيا كسوق ينبغي امتصاص خيراتها، وإنما ووفقا للاستراتيجية الملكية، فإن التعامل مع بلدان القارة السمراء ينبغي أن تحكمه قاعدة رابح-رابح، خصوصا في إطار التعاون جنوب-جنوب.
بالنسبة لجيران السوء الذين يقوم مشروعهم السياسي الوحيد على معاكسة الوحدة الترابية للمغرب فينبغي أن يكون الجواب على هذا السؤال دافعا نحو شعور مشروع بالحماس لمجاراة هذا الموقع لكن من منطلق الشراكة البناءة لبلدان إفريقيا. إذا كان كابرانات المرادية لا يتوقفون عن الادعاء بأنهم يقفون إلى جانب كل من يسعى لتحقيق التحرر والحرية والانعتاق فعليهم أن يكونوا في الصفوف الأولى لمعركة إفريقيا في مواجهة الفقر والجهل والأمراض وعدم الاستقرار والكوارث الطبيعية والبيئية وتنامي الظواهر الإرهابية إلخ. هذه معارك إفريقيا الحقيقية بدلا من التركيز على تشتيت المشتّت وتفتيت المفتّت باستنبات دويلات كرتونية وهمية لإرضاء نزوات بعض الموتورين والحاقدين. إفريقيا ليست في حاجة إلى دويلة جديدة بل في حاجة إلى توحيد إرادات بلدانها لرفع التحديات التنموية الهائلة التي تواجهها.
بالنسبة لجيراننا الإسبان، من المستغرب أن يثير الحضور المغربي في إفريقيا غيرتهم المعلنة وغير المعلنة أحيانا. وفي الحقيقة إن آخر الدول التي يحقّ لها الشعور بذلك هي القوى الاستعمارية الأوربية السابقة. عندما ينفتح المغرب على إفريقيا فإنه يبقى مرتبطا بجذوره وعمقه، وليس عنصرا دخيلا أو غريبا. إنه جزء لا يتجزأ من تاريخ هذه القارة بمآسيها َانتصاراتها، بواقعها وتحدياتها. وهو لم يسبق له أبدا أن استغل إفريقيا والأفارقة أو نهب ثرواتها أو وظف أراضيها لصالحه، فالمغرب يعتبر البلدان الإفريقية ندا كامل الندية ولديها من التكافؤ مع المغرب ما يكفي لبناء علاقات متوازنة. ولا نظن أنه في الألفية الثالثة وفي عصر العولمة يمكن أن يقبل أي بلد مهما كان موقعه أن يتم النظر إليه كإيالة تابعة مثلما كان الأمر في بلدان عديدة إلى الأمس القريب.
والرسالة الأخيرة المرتبطة بجواب هذا السؤال يجب أن يستفيد منها بعض الأشقاء العرب الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير والمحبة، ونخص بالذكر هنا الإخوة المصريين الذين اكتشف بعض إعلامييهم “فجأة” بمناسبة مباراة نهاية كأس عصبة الأبطال الإفريقية بين الوداد البيضاوي والنادي الأهلي، (اكتشفوا) أن للمغرب حضورا إفريقيا وازنا. بل إن بعضهم استغرب من مكانة المغرب في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم والثقل الذي يمثله مندوبنا فوزي لقجع. ويبدو أن هذا “الاكتشاف المتأخر” يؤكد أن القطار قد فات العديد من الدول العربية فيما يتعلق بتمتين علاقاتها مع بلدان القارة السمراء وربط شراكات حقيقية ومتوازنة معها. فالمغرب ليس معتزا فقط بمكانته في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم فهي مجرد جزء من كل. فمنذ أن عاد المغرب عودته المظفرة لمنظمة الاتحاد الإفريقي وهو يحتل الموقع الذي يليق به في مختلف الهيئات القارية المقررة والهامة، كما يقدم لها كل الدعم والمساندة اللازمين إفريقيا ودوليا. لكل هذه الاعتبارات لا بأس أن نقتبس من أغنية المغني الشعبي ونقول للجميع “اللي يغيرو منا يديرو بحالنا” والمجال مفتوح للبناء والعطاء والمساعدة.

تاريخ الخبر: 2022-06-21 00:24:09
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

بطائرات مسيرة.. استهداف قاعدة جوية إسرائيلية في إيلات

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:22:16
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

بعد 3 سنوات من الحكم العسكري.. تشاد تجري انتخابات رئاسية الي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:22:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

أمطار ورياح مثيرة للأتربة على عدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:23:48
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

"لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:22:22
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 51%

5 نصائح للوقاية من التسمم الغذائي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-06 06:23:47
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية