تأملات في لحن الآباء الرسل “أوندوس” (٢)


عزيزي القارئ، أود أن أستكمل الحديث معك اليوم عن لحن الآباء الرسل “أوندوس”. في المقال السابق تحدثت معك عن لماذا نصوم للآباء الرسل ولماذا نعيد للآباء الرسل، واليوم أريد أن أحدثك عن لماذا نرتل للآباء الرسل.

يقول الكتاب الحكماء يرثون مجدا.(أمثال 3 آية 35)، ومكتوبٌ أيضاً: “مجد وكرامة وسلام لكل من يفعل الصلاح.(رومية 2 آية 10).

ويقول القديس بطرس فى رسالته الأولى 5 آية1: “أطلب الى الشيوخ الذين بينكم أنا الشيخ رفيقهم والشاهد لآلام المسيح وشريك المجد العتيد أن يعلن”. ويكمل فى آية 4 من نفس الرسالة ويقول: “ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون إكليل المجد الذى لا يبلى”.

ويقول بولس الرسول فى رسالته لأهل أفسس 5 آية 27 ” لكى يُحضرها لنفسه كنيسة مجيدة”.

ويقول بولس الرسول لأهل رومية 8 آية 30: “والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضا، والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضا، والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضا”.

ويقول فى رسالته الثانية لأهل تسالونيكى 1 آية 10 : “متى جاء ليتمجد فى قديسيه ويٌتعجب منه فى جميع المؤمنين”.

ويقول السيد المسيح بكل وضوح فى أنجيل معلمنا يوحنا 17 آية 10 “وكل ما هو لى فهو لك، وما هو لك فهو لى و أنا ممجد فيهم”

فكما هو مبين من هذا الكم من الآيات، إن الله يتمجد فى قديسيه، فكلما نمجد قديسيه بالتمجيدات والتسبيحات يتحول هذا المجد تلقائيا إليه. فإذا كان الله قد مجدهم بنفسه، هل سنضن عليهم نحن بالمجد؟

فبالفعل يجب أن نمجدهم بالتسابيح وهذا هو ما حدث فى لحن “أوندوس” الذي وضعته الكنيسة في صوم الرسل وفى أعياد الرسل تمجيدا لهم على جهادهم وإكمال سعيهم وحفظهم للإيمان ولأنهم أناروا الكنيسة بتعاليمهم وثبتوها بدمائهم. فالكنيسة تقول لهم فى مطلع لحن”أوندوس”:

“لأنه حقاً هكذا يتمجد اسمكم على الأرض”

Ontoc `al30wc jar `kcal0in paci t3n j3n .

يا جميع مختاري الإله أبائنا الرسل.

ke `f0onikon ton 0eon ton `apoctolon.

وكأن الكنيسة تخاطب آبائنا الرسل أمام كل الشعب، “لأنه حقاً هكذا يتمجد اسمكم على الأرض”. وتؤكد هذا التمجيد بكلمة “حقا” (Ontoc) أي بالحقيقة، وتشرح كيف يكون التمجيد بكلمة “هكذا” مما يعني أنها تقول للآباء الرسل أن إسمكم يتمجد هكذا، بالألحان الجميلة هنا على الأرض ( t3n j3n ).

ولعلك تلاحظ معي عزيزي القارئ عندما تستمع إلى لحن “Ontoc” إن لحن كلمة الأرض (t3n j3n ) نزل بالنغمات الى القرارات الغليظة، حتى يبين أنه تحت هنا على الأرض، نحن نمجد إسمكم، أما فى السما فوق،فالتمجيدات لها شكل آخر ومذاق آخر وأدوات أخرى.وبالرغم من هذا إلا أن التمجيدات هنا على الأرض أيضاسوف تكون جميلة والدليل على ذلك ،هذا اللحن الرائع Ontoc.

ولحن أوندوس له بداية رصينة، فلماذا هذه الرصانة التي في مطلع اللحن، والتي يدعمها هذه النغمات المنخفضة؟

لا شك في أن ذلك يعطي إنطباع بأن الكنيسة إستحضرت قدام الشعب هؤلاء الآباء الرسل بدليل أنها تخاطبهم بصيغة الحاضر وليس الغائب ” لأنه حقاً هكذا يتمجد اسمكم على الأرض ، لم تقل الكنيسة “إسمهم”بل “اسمكم” وذلك لأنهم حاضرون وموجودون بأعمالهم التي تتبعهم موجودون بإيمانهم الذي حفظوه لنا حتى يومنا هذا.

وكأن الكنيسة وهى تقول لهم “لأنه حقاً هكذا يتمجد اسمكم على الأرض”، تشير للشعب وتقول له بهذا السلم المنخفض: “إنحنوا لهؤلاء الرسل المبشرين والإنجيليين والشهداء والمعترفين، إنحنوا لهم إكراما، فـ “الإكرام لمن له الأكرام”. وإعطوهم التمجيد اللائق، ألم يقل المسيح “أنا ممجد فيهم” ؟

وبعد هذا المدخل الصغير الرصين والسلم المنخفض للتكريم والتمجيد، تبدأ دقات آلتي الناقوس والمثلث المفرحة لترسم فرحة الشعب بالمسيح الممجد فى قديسيه.

وتظل هكذا حتى تأتي جملة غريبة التكوين، مبهجة أم حزينة لا أعرف، الصياغة مبهجة لكن حينما تلمسنى من الممكن أن أبكى بسهولة مثل الأطفال الصغار، ولا أعرف السبب الحقيقي لمثل هذه المشاعر!!

هذه الجملة بالذات مليئة بالميليسما وليس بها أية كلمات على الإطلاق.

وهذه الجملة قد وضعتها الكنيسة خصيصاً فى لحن أوندوس للآباء الرسل، كما وضعتها أيضاً فى لحن “أومونوجينيس” أيها الوحيد الجنس، والذي يُقال فى الساعة السادسة من يوم الجمعة العظيمة.

وفى لحن “أومونوجينيس” يوم الجمعة العظيمة تقال بدون دف أو مثلث فتُبكيك وتؤثر فيك. وفى صوم وعيد الرسل،تقال بالدف والتريانتو وتدغدغ مشاعرك. وكأن الكنيسة بهذه الجملة تريد أن تقول لنا: أن التمجيدات التي نقدمها لهؤلاء الرسل لم تأتي من فراغ، بل قد جاءت بسبب تعبهم وجهادهم ونسكهم وصلواتهم وإحتمالهم الطرد والإهانة والألم، حتى بلغ الأمر في النهاية إلى إنهم إستشهدوا حبا في للملك المسيح.

عزيزي القارئ أرجو أن أكون إستطعت أن أشرح لك الربع الأول من اللحن الرائع ” Ontoc

وإلى أن نلتقي في الأسبوع القادم مع الربع الثاني منه، اتركك تستمتع بسماع هذا اللحن الفريد من نوعه والممتليء بالوقار والبهجة، بركة الأباء الرسل وبركة صومهم وعيدهم ولحنهم فلتبارك حياتك، آمين.

تاريخ الخبر: 2022-07-02 12:21:29
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية