زيارة بايدن للشرق الأوسط: الرئيس الأمريكي يزور المنطقة في ظل تراجع نفوذ واشنطن

  • جيرمي بوين
  • محرر شؤون الشرق الأوسط بي بي سي

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

زيارة بايدن إلى المنطقة هي الأولى منذ توليه منصبه في عام 2021

قد يفضل الرئيس الأمريكي جو بايدن عدم زيارة الشرق الأوسط خلال الأسبوع الجاري، أو أي أسبوع آخر، بحجة أن جدول أعماله مزدحم.

كما تأتي الزيارة في ظل توقع زملاء الرئيس من أعضاء الحزب الديمقراطي داخل الكونغرس الأمريكي نتيجة مؤلمة في انتخابات التجديد النصفي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بعد أن تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في حدوث أخطر مواجهة بين أكبر قوى نووية في العالم منذ ذروة الحرب الباردة.

علاوة على ذلك تتطلع الصين بشغف إلى بوادر الانحدار الأمريكي، مع صعودها الحتمي لتصبح قوة عالمية.

والأسوأ من ذلك أن زيارات بايدن السابقة للشرق الأوسط أبرزت حدود النفوذ الأمريكي. فعندما زار القدس كنائب للرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، عارضه رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، عندما دعا إلى تجميد مشاريع الاستيطان في الأراضي المحتلة، والتي يعتبرها القانون الدولي غير قانونية.

ومن المقرر أن يزور بايدن إسرائيل وسوف يقضي ساعات قليلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قبل أن يتوجه إلى السعودية ليشارك في قمة تضم زعماء دول الخليج إلى جانب قادة الأردن ومصر والعراق.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • جو بايدن "يغامر" بالعودة إلى رمال الشرق الأوسط المتحركة - الغارديان
  • هل كشف غزو روسيا لأوكرانيا عن شروخ في علاقة واشنطن مع دول الخليج؟
  • زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط: ما الذي يحمله الرئيس الأمريكي للمنطقة؟
  • البيت الأبيض يدافع عن لقاء "محتمل" بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان

قصص مقترحة نهاية

وتأتي جولة الرئيس الأمريكي وسط عمق وتعقد عدة أزمات يسعى إلى السيطرة عليها.

وكانت الحرب الروسية الأوكرانية قد أجهضت آخر الآمال الرامية إلى مستقبل سلمي أعقب نهاية الحرب الباردة قبل ما يزيد على 30 عاما، وبسبب تداعياتها الاقتصادية سوف يدفع بايدن ثمنا عندما تبدأ الانتخابات الأمريكية.

كما أصبح الحد الفاصل بين أصدقاء أمريكا وأصدقاء إيران في الشرق الأوسط بؤرة ساخنة مرة أخرى، فإن تحول الوضع من التهديدات والمواجهة السرية إلى حرب شرسة أخرى، فسيكون الأمر خطيرا ومزعزعا للاستقرار في كل شيء، مثل حرب روسيا في أوكرانيا.

  • محمد بن سلمان: تعليق ولي العهد السعودي حول العلاقات مع إسرائيل وإيران يفتح أبواب التحليل والتكهن

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة،

سبق أن زار بايدن السعودية عام 2011 عندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما

انعدام الثقة

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟

الحلقات

البودكاست نهاية

من وجهة النظر السياسية قد تصبح جولة بايدن تذكيرا جديدا بتراجع الدور الأمريكي المؤثر في الشرق الأوسط. وسوف يدعو بايدن، مرة أخرى، إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة جنبا إلى جنب مع إسرائيل، ما يعرف باسم "حل الدولتين"، على الرغم من علمه بأن الخطوة ستظل بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى عندما يغادر المنطقة، فضلا عن تخفيضه مرة أخرى التمويل الأمريكي للفلسطينيين.

والخطوة الأكثر إحراجا أنه سيطلب من السعوديين إسداء خدمة كبيرة، تتمثل في إنتاج المزيد من النفط وبيعه بسعر أقل، نظرا لأن الاضطراب الاقتصادي الذي أعقب غزو روسيا لأوكرانيا جعل الولايات المتحدة، تماما مثل بقية دول العالم، تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة، على الرغم من أنها لم تعد تعتمد على واردات النفط من دول الخليج.

فالحقيقة السياسية الواضحة جدا أمام بايدن أن كل سنت زيادة في سعر غالون البنزين داخل الولايات المتحدة يعني خسارة المزيد من الأصوات المؤيدة للديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي.

كما يأتي الطلب الأمريكي للسعوديين في لحظة حرجة، في ظل المليارات التي ينفقها السعوديون على الأسلحة، فضلا عن انعدام ثقة السعوديين في واشنطن عندما تخلى الرئيس أوباما بشكل غير رسمي عن الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، عام 2011، بعد أسبوعين من الاحتجاجات في الشوارع. ويفسرون ذلك بأن (الأمريكيين) إن كانوا يفعلون ذلك مع صديق مخلص، فبإمكانهم أن يفعلوه مع أي شخص آخر.

  • هل كشف غزو روسيا لأوكرانيا عن شروخ في علاقة واشنطن مع دول الخليج؟

صدر الصورة، Reuters

وازدادت شكوك السعودية في الولايات المتحدة عندما نشر بايدن، في بدايات فترة رئاسته بعد توليه منصبه، تقريرا استخباراتيا أمريكيا خلص إلى أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، كان مسؤولا عن مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، الذي قُتل عندما ذهب لاستلام بعض الأوراق الرسمية داخل القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018، ونفى السعوديون الاتهامات.

كما صرح بايدن خلال حملة ترشحه للرئاسة بأن السعودية دولة منبوذة، وتقتل منتقديها وتسجن العديد من المعارضين البارزين الآخرين. أما السعوديون فهم لا يعتقدون أنهم مدينون للرئيس الأمريكي بأي جميل، ومما يحرج بعض مؤيدي بايدن، أنه يستعد للتراجع عن تصريحات أدلى بها سابقا، فضلا عن أن رؤساء الولايات المتحدة عادة لا يزورون الدول التي يصفونها بأنها منبوذة.

وتساور الولايات المتحدة مجموعة أفكار طموحة تهدف إلى إجبار روسيا على بيع نفطها بسعر أقل، في ظل تدفق عائدات النفط والغاز على خزينة موسكو، على الرغم من العقوبات الغربية التي فُرضت عليها بعد الغزو، لذا فإن الخطط الأمريكية لتجفيف تلك الأموال لن تنجح بدون الدعم السعودي.

المسألة الإيرانية

كانت المواجهة بين المعسكر الإيراني والمعسكر الأمريكي، في معظم الأوقات، المحرك الرئيسي للصراع في منطقة الشرق الأوسط. فالانقسام خطير، وتظهر عليه بوادر العودة إلى الاحتدام مرة أخرى، وهو سبب لا يقل أهمية عن أسعار النفط في جولة بايدن.

ومنذ أن انسحب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من "خطة العمل الشاملة المشتركة" عام 2018، الاتفاق الذي يحد من قدرات إيران النووية، كانت الأزمة تختمر، وكانت إيران تحترم الحدود المتفق عليها بشأن خططها النووية، والتي تصر دائما على أن تلك الخطط لا تتضمن أسلحة.

  • التطبيع: وزير الخارجية الإسرائيلي يقول إن الشراكة مع دول عربية تهدف إلى ردع إيران

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم بعد تعرضه لأضرار بسبب حريق (صورة أرشيفية)

بيد أنه بعد اتخاذ ترامب خطوته وفرض عقوبات جديدة على إيران، ردت إيران بتسريع برنامجها النووي، واستطاعت حاليا تخصيب ما يكفي من اليورانيوم إلى الحد الذي يقترب من القدرة على إنتاج قنبلة نووية.

وتأتي المعارضة المشتركة لإيران كأحد العوامل الدافعة لـ "اتفاقات أبراهام"، التقارب بين إسرائيل وبعض دول الخليج، والذي يمثل الإنجاز الرئيسي للسياسة الخارجية لإدارة ترامب. كما جرى حديث عن "ناتو شرق أوسطي"، يضم إسرائيل والدول العربية الصديقة للولايات المتحدة. بيد أن فكرة وجود تحالف عسكري رسمي بين الدول العربية وإسرائيل لاتزال مستبعدة إلى حد كبير.

وقد يحث بايدن الإسرائيليين على ضبط النفس، بعد أن تصعيدهم الحرب السرية مع إيران، المتمثلة في الاغتيالات والحرائق الغامضة وتفجيرات في منشآت نووية والحرب الإلكترونية، نظرا لعدم رغبة بايدن في الانجرار لحرب ساخنة مع إيران بسبب إسرائيل.

ويواجه بايدن، الذي تعرض لانتقادات في الداخل، أزمة عالمية في أوكرانيا، وأزمة أخرى في إيران، كما أن نسبة نجاح جولته الشرق أوسطية ضئيلة جدا. فضلا عن عدم تحلى الحلفاء الذين رعتهم الولايات المتحدة على مدى عقود، لا سيما إسرائيل والسعودية، بإحساس مرن بالالتزام.

لذا فمن المحتمل أو يواجه بايدن مرة أخرى حدودا للنفوذ الأمريكي وهو على متن طائرة الرئاسة متوجها إلى المنطقة.