كيف سيعود التزام أميركا إلى المنطقة عبر الأمن والتنمية؟


عودة أميركية إلى المنطقة عبر الأمن والتنمية...؟

سؤال حيوي مهم يدور في فضاء المنطقة حول الأمن والتنمية، وهذا ما حمله عنوان مؤتمر جدة التاريخي، والحقيقة الزمنية المهمة والصارمة أن كل ما يحدث في الشرق الأوسط يؤثر على الولايات المتحدة بشكل كبير، ويخلق تناسباً طردياً بين الظروف السياسية في الشرق الأوسط وأميركا، وما تتطلع إليه المنطقة هو عقد جديد تحمله تسع دول عربية بينها ست دول خلجية بجانب أميركا للبحث عن مراجعة أمنية وتنموية للمنطقة التي تعيش حالة عدم استقرار مع الأزمات التي مرت بها خلال العقود الماضية، فهناك قلق طبيعي من الاختلال الحادث في السلوك السياسي الذي مارسته إيران خلال الأربعة عقود الماضية، والذي دفع بالمنطقة إلى تجاذبات أدت نتائجها بشكل مباشر إلى تزايد الفجوات الأمنية في الشرق الأوسط.

أميركا تواجه معادلة معقدة في الشرق الأوسط من أجل تمرير مقاربتها مع إيران، المنطقة أصبحت بحاجة إلى إجابات صارمة لسؤال مهم يقول (إيران إلى أين..؟) في ظل مقاربة أميركية تدفع أميركا بمؤشراتها لتوحي بأن أميركا لا ترغب في خسارة الاتفاق النووي مع إيران، وهي في ذات التوقيت ترغب في المحافظة على تحالفاتها في المنطقة، أميركا لديها الفرصة عبر مسار سياسي محدد من استخدام أدوات الضغط المسموحة من أجل إجبار إيران على تفادي العاصفة، فالإدارة الأميركية أصبحت أكثر استجابة لأزمات المنطقة بما يخدم مصالحها، وهناك تحول كبير وواضح في السياسية الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط تحديداً.

المهمة الأميركية تدور حول الكيفية التي يمكن لأميركا من خلالها قتل البرنامج النووي الإيراني، سواء كانت الطريقة عبر تفعيل الاتفاق النووي أو الضغط السياسي عبر نظرية -الضغط الأقصى- لوقف التطورات الممكن حدوثها من اقتراب إيراني من القنبلة النووية، القلق في المنطقة متسع بدرجة كبيرة نحو كل الدول ومن بينها إسرائيل التي ترغب في الوصول إلى ذات النتيجة التي تسعى إليها الدول العربية حول تحجيم المشروع النووي الإيراني، أميركا أثبتت عبر زيارة الرئيس بايدن إلى المنطقة أنها جادة في إحداث تحول عميق في التعبئة الاستراتيجية الأميركية خليجياً وعربياً، وهناك مساعٍ أميركية واضحة لتحقيق اندماج عربي مشترك لمواجهة الاختلال الأمني الذي يحدث في المنطقة.

التمدد الاستراتيجي الإيراني في المنطقة نقطة مهمة ودول المنطقة لن تبقى طويلاً رهن التداولات السياسية الغربية الإيرانية خاصة التهديدات المتكررة، والتلويح بخطورة امتلاك إيران سلاحاً نووياً أو القرب من ذلك. أميركا تدرك بعمق المسافة التي تفصل العالم العربي خاصة الدول الخليجية عن تبني الهجوم على إيران بأي وسيلة ومن أي دولة، الدول الخليجية لديها تفضيل عالي الأهمية والمستوى لتحقيق إنجازات من أجل ضمان طويل المدى حول الاستقرار في المنطقة، ولذلك فإن المشروع الأميركي في الخليج هو تعديل السلوك الإيراني حتى لو كان ذلك مؤلماً، فدول الخليج ترغب بأن يجلب هذا المؤتمر تحقيق مكاسب طويلة الأجل.

أميركا تدرك أنه عليها مواجهة قوى عالمية مثل الصين وروسيا في مواقع جغرافية متعددة في العالم ومنها الشرق الأوسط، أميركا أيضاً تفهم بوضوح طموحات القوى الدولية الهادفة إلى استبدال النظام العالمي القائم، ولأن منطقة الشرق الأوسط مفصلية في تحديد المسار الدولي فإن أميركا تتفهم أن أولوية أمن المنطقة أكبر من الحروب والصراعات الطائفية المثيرة لدول المنطقة خاصة التدخلات المباشرة من دول بعينها.

المطلوب التزام طويل الأجل، إذا ما كان الهدف الأخير هو تحقيق التنمية والأمن، وهذا هو التحدي الأكبر أمام مخرجات هذه القمة التي تشكلت بلا شك في مناخ سياسي مناسب بإدارة سعودية ماهرة ساهمت في تشكل العلاقات العربية - الأميركية وإعادة بنيتها الدبلوماسية، السعودية نجحت من دون شك في إثبات مكانتها السياسية والاقتصادية على المستوى الدولي، وحرصت السياسية السعودية على تحقيق النجاحات عبر عدم خلط أوراق المنطقة وموضوعاتها الشائكة.

من الواضح أن من أهم نتائج قمة جدة هو إدارك أميركا أن تصاعد الندية بينها ودول المنطقة على المدى الطويل لا يخدم أياً من الأطراف ولا يخدم المصالح الاستراتيجية المشتركة بين المنطقة وواشنطن، وقد أدركت أميركا بوضوح أن ربط سياستها الخارجية وتحركاتها بموضوعات مختلقة في مجال حقوق الإنسان لن تخدم مصالحها الحيوية، لقد أصبح من المهم أن تدرك أميركا أهمية التنوع الثقافي والقيمي للدول التي تتعامل معها في المنطقة التي تتجه عبر مشروعاتها التنموية والاقتصادية إلى أن تذهب إلى المستقبل المشروط بتحقيق إنجازات أمنية وتنموية متوازية بعيداً عن التهديدات المحتملة.

* نقلا عن "الرياض"

تاريخ الخبر: 2022-07-18 12:19:53
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 84%
الأهمية: 86%

آخر الأخبار حول العالم

ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:31
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 64%

ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:38
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

الحبس النافذ للمعتدين على “فتيات القرآن” بشيشاوة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:21
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية