مثل أثر لا ينمحي، مرّ عبد الكريم بن سعود المنصور بالنصر، أعطى الأصفر من تجربته وذهب إلى عرش التاريخ، كان المولود في 1985م مناطق تأثير وأرض إخضرار، وهو حينما يأتي لا بعده أحد، وحين يريد الذهاب يغدو كل شيء من رحيله منابت رائحة وأزهار ربيع وذكرى لا تغيب، إنّه المُتشكّل من إرث والمتسلسل من عراقة.
كان الشاب الذي ظهر في النادي العاصمي الكبير لأول مرّة موسم 2018ـ2019 مثل بدء سريان وإعلان مولد للعلم لا بالإخبار، فأظهر عمله وترك للحديث زمنًا يكون لغيره. كان وهو يؤدي مهامه المنوط بها ينفّذ مثل مطرقة صلبة، وحين يتعامل مع الإنسان يكون من عرفان نبل. يعرف جيدًا الشاب الذي درس إدارة الأعمال في جامعة الملك سعود في الرياض وجامعة ميامي فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية كيف يؤسس للعلاقات من مبدأ الاحترام وتقدير المواقف، وهو ساعة ما يأخذ المسائل على محمل الجد لا يرجع إلى “التسويق” ولا إلى “التأمين” بل إلى تلك التي كبرت في داخله من شجرة العائلة وتربية الأصلاء.
كانت تجربة عبد الكريم المنصور مع كرة القدم من خلال النصر التي أعطاها من طابعه الشخصي والعملي، فلم يكن كثير الكلام لكنّه عظيم الأثر، ودارت بينه وبين اللاعبين والمدرب والأطقم الفنية كمشرف عام على كرة القدم في النادي الكثير من المواقف، ودوّن في سجلّ العاصمي الكبير لوحة الشرف الكُبرى بطلًا للدوري الاستثنائي.
لقد سكن عبد الكريم أكثر من مدينة وهو ابن “الفرعة” في إقليم “سدير” العظيم، وقد طار بين واشنطن وجدّة والرياض، وحلّ بهن كُلّهن دون أن يغادرهن مستودعًا كل الخطى وصمته المؤثر وأثره الطويل، المجالس وصدور الرجال.
إنّ الرجل الذي درس التسويق وأصبح رجل أعمال ناجحًا في تنفيذ مشاريع لقطاعات متنوّعة، يقف كثيرًا عند القصص التي تُكتب بماء الوجه وخصال الرجال، وهو لا يعقد صفقة من صفقاته إلا وقد كتب على صدر الصفحات والعقود مواثيقه الخاصة وطابعه الأصيل.
إن المجال الرياضي يكون منصفًا وعادلًا بمثل عبد الكريم المنصور الذي قطع رحلته مع نادي النصر دون أن يخذل أحدًا، ولا أن يخذل ناديه الكبير، وهو في مسيرته القصيرة فتح بابًا للخبرات الشابة في أن تعود لتستكمل القصّة التي بدأتها وسنكون محظوظين لو عادوا. لقد غادرنا عبد الكريم المنصور كمتخصص رياضي، لكنّنا سنترقبه مثل يوم جديد.
*نقلاً عن الرياضية السعودية
