نماذج رائعة من رهبنة القرن الخامس


الشاب الكسندروس وُلد في آسيا، وتلقى تعليمه في القسطنطينية (مدينة إسطنبول حاليًا). أمضى بعض الوقت في الخدمة العسكرية، ولكنه تلقى رسالة لخدمة روحية أخرى بعد أن قرأ في الكتاب المقدس: (إن أردت أن تكون كاملاً اذهب وبع كل ما تملك وأعطه للفقراء، حينئذ يكون لك كنزاً في السماء، وتعال أتبعني). كما ورد في إنجيل القديس متى 19: 21.

قام على الفور ووزع كل ما يملك على المحتاجين وترك العالم متجهاً إلى الحياة الرهبانية في أحد الأديرة السورية بالقرب من مدينة إنطاكية، وتتلمذ على يد أحد شيوخ الدير وهو الأب إيليا. وبعد أن قضى أربع سنوات في حياة رهبانية حقيقية وافق أبيه الروحي أن ينطلق إلى الصحراء.

انطلق إلى الصحراء ولم يأخذ معه شيئاً سوى الكتاب المقدس. عاش في الصحراء في جهاد شاق لمدة سبع سنوات. في تلك الأثناء تجمع حوله نحو 400 راهب. عندما بدأ الراهب الكسندروس في تأسيس دبر بالقرب من نهر الفرات، طلب من الرهبان أن ينخرطوا في عبادة متواصلة للرب بدون أي أنقطاع، فقام بتقسيم الرهبان إلى 24 ساعة صلاة في اليوم. فبعد كل ساعة يقوم بتغيير الرهبان ليأتي آخرون لاستكمال العبادة أو الصلاة الدائمة، فكانوا يصلون من كتاب المزامير نهاراً وليلاً، ومن هنا فإن الدير حمل اسم “دير الساهرون”. وبعد 12 عاماً اتجه الأب الكسندروس وتلاميذه من الرهبان في السفر للتبشير للوثنيين، فقاموا ببناء كنائس ومنازل للمرضى والذين بلا مأوى في إنطاكية.

وبعد أن أمضى الأب الكسندروس خمسون عاماً فى عبادة صادقة كراهب حقيقي رحل عن عالمنا هذا إلى الحياة الأفضل في عام 430م. ثم التحق الآباء الرهبان بدير القسطينطينية المُلقب بدير “الساهرون” بدير القديس يوحنا الذي تم بناؤه عام 462م.

كان أحد رهبان دير “الساهرون”، راهب رائع يُسمى الأب “يوحنا الكهفي” وقصته رائعة جداً:

وُلد الشاب يوحنا بمدينة القسطنطينية في بداية القرن الخامس الميلادي، وهو نجل الأب “اوتروبيوس” Eutropius وكان يشغل مركز رئاسي في القسطنطينية، والأم “ثيودورا” Theodora.

رفض الشاب يوحنا أن يتبع مسار أخويه الآخران اللذان كانا يشغلان مراكز مرموقة في المدينة، ورغب مخلصًا أن يكرّس حياته للعبادة الصادقة للرب. ولكن تحت الحاح والديه أن يعمل مع أخويه، ترك منزل العائلة وتوجه إلى دير “الساهرون”، حيث صار راهباً.

عندما علم بمعاناة والدته بانخراط والده وأخويه في حياة العالم، قرر بالتشاور مع مدبّر الدير أن يعود لوالديه لخدمتهم روحياً. عندما طرق باب منزل والديه وعرفهم بنفسه على أساس أنه راهب غير معروف، بالإضافة إلى أن حياة النسك والتقشف التي قضاها بالدير غّيرت من معالم وجهه وجسمه، فلم يتعرف عليه والداه ولا أخويه، ولكن عذوبة حديثه ورقة كلمات النعمة التي كانت تخرج من فاه، تعلقًا به جداً وطلبوا منه بإلحاح شديد أن يحضر إلى المنزل كل يوم ويتحدث معهم.

وهنا وافق على طلبهم على شرط أن يقيموا له كهف صغير في حديقة المنزل، من هنا أخذ اسم “الكهفي”. أقام الأب يوحنا الكهفي في ذلك الكهف ثلاث سنوات، حيث تواصل فيها على تعليمهم الحياة الروحية النافعة لهم، وكانت نعمة الرب سنداً له في خدمته الصادقة حتى أن والديه وأخويه انخرطا في الطريق الصحيح، حيث محبة الرب من كل القلب.

الشئ العجيب أنه طوال هذه الفترة لم يتعرفا عليه إطلاقاً!! لم يكتفِ فقط بالتعليم ولكنه أيضاً كان شبه خادماً لهم في الاهتمام بتلبية احتياجاتهم.

وفي اليوم الذي قرر فيه أن يكشف لهم عن حقيقة نفسه، اختاره الرب لينتقل من هذا العالم، فقالوا في أنفسهم: (ألم يكن قلبنا مشتعل فينا عندما كان يحدثنا؟) وهي نفس الكلمات التي نطق بها تلميذي عمواس عندما تقابلا مع السيد المسيح – بعد قيامته المقدسة – وأخذ يحدثهم عما ورد في الكتب أن المسيح ينبغي أن يقوم.

والكنيسة اليونانية تحتفل بتذكار نياحته في 15 يناير من كل عام (طبقاً للتقويم الحديث)، ولو أحتفلت به الكنيسة القبطية فيكون يوم 28 يناير (طبقاً للتقويم القديم).

هذه الرهبنة الصادقة نشأت أصلاً على أرض مصر، حيث القديس أنبا أنطونيوس والأنبا بولا والأنبا مكاريوس الكبير والأنبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا باخوميوس أب الشركة الرهبانية، وكانت الكنيسة قوية بسبب قوة الحياة الرهبانية الصادقة، ومتى ضعُفت الرهبنة ضعُفت الكنيسة.

تاريخ الخبر: 2022-07-27 09:21:43
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

نص الخطاب الملكي إلى القمة الـ 15 لمنظمة التعاون الإسلامي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 21:26:08
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 64%

فينيسيوس أفضل لاعب في المربع الذهبي لدوري الأبطال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 21:26:02
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

نص الخطاب الملكي إلى القمة الـ 15 لمنظمة التعاون الإسلامي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 21:26:03
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 55%

فينيسيوس أفضل لاعب في المربع الذهبي لدوري الأبطال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 21:25:56
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية