"أنا محطم نفسيًا وأهلي اتخلوا عني"، الكلمات المفزعة تزيدك ألمًا حين تتعرف أكثر على صاحبها، فهو طالب في الصف الثالث الثانوي، لم تبدأ معاناته بعد ظهور النتيجة وإنما قبل الامتحانات بشهرين، حيث حكى: "أنا كنت طالب متفوق، دائمًا أحصل على الدرجات النهائية في كل الامتحانات بالدروس الخصوصية خلال العام، والآن أنا شخص محطم نفسيًا رسبت في بعض المواد ويفترض أن أدخل امتحانات الدور الثان، بعد أن أصبت بحالة غريبة قبل الامتحانات بشهرين، توقفت عن المذاكرة تمامًا لم يكن عندي أي طاقة للمذاكرة ولا قدرة على التركيز.
حاولت كثيرًا أن أذاكر ولكنني فشلت. وضاع تعب سنة كاملة في شهرين. المشكلة الأكبر أن أهلي تخلوا عني تمامًا وخذلوني. ماديًا ومعنويًا وطوال الوقت "كلام يسم البدن" أصبحت لا أطيق نفسي وفقدت الأمل في كل شيء حتى طموحي بالكلية التي أحلم بها.
****
عزيزي القارئ، مرارة الخسارة قاسية، خاصة حين تكون قيد أنملة من تحقق أملك وهدفك، وحين تشعر أنك لم تدخر جهدًا في السعي لتحقيق الحلم؛ ولكن كثيرًا ما تنطوي الخسارة على درس أكبر وأهم وأكثر قيمة. ربما جاء الدرس مبكرًا لكنه سيفيدك بلا شك، إذا لم تترك نفسك عالقًا عند هذه النقطة. وستكون لذة وصولك إلى هدفك وحلمك مضاعفة حين تصل بعدما ذقت مرارة فقدانه.
وتقول الدكتورة عزة زيان استشاري العلاقات الأسرية إن أهم خطوة لتتجاوز هذه اللحظة، وهذا الشعور بأنك محطم هو أن تحدد بنفسك السبب الذي أفقدك قدرتك على التركيز والمذاكرة في ذلك الوقت الحاسم، لتتأكد من أنك لن تتعرض للمشكلة نفسها مرة أخرى. قد يكون السبب خوفك من الامتحانات وحماسك ومدى إدراكك لأهمية الامتحان، وقد يكون السبب مشاحنات شهدها البيت أو تعرضك لضغوط من الوالدين بطريقة أزعجتك بدلا من أن تحفزك. اجلس مع نفسك وحدد السبب بوضوح لتتمكن من معالجته ومن ثم تجاوزه.
ولا ينبغي أن تستسلم أمام هذه العثرة في طريقك. الحواجز أحيانًا ما توضع في طريقنا لنتعلم مع الوقت والتجارب كيف نقفز أعلى وننجح في تجاوزها وتخطيها، بالتالي، تكون هذه الحواجز حافزًا لتحسين نفسنا وتطوير مهاراتنا ومواصلة السعي بقوة أكبر. عليك أن تتصدى كذلك لشعورك بالذنب. طالما بذلك كل ما في وسعك فلا ينبغي أبدًا أن تلوم نفسك على أمرٍ خارج عن إرادتك.
أما بالنسبة للأسرة فمن المهم أن تتحدث معهم عن مشاعرك. تتكلم بوضوح وصراحة عن السبب الذي أفقدك تركيزك، وعن أنك كنت حريص على حلمك تمامًا مثلما هم حريصون عليه وربما أكثر. كما أنهم شركاء أيضًا في المسؤولية فقد كان عليهم أن ينتبهوا إلى وجود مشكلة طيلة الشهرين اللذين عجزت خلالهما عن المذاكرة.
ولكل أسرة تمر بتجربة مشابهة تقول استشاري العلاقات الأسرية إن الأبناء يتوقعون من آبائهم أن يقدموا لهم حب غير مشروط، لا مشروط بالطاعة ولا التفوق ولا تحقيق أحلامهم. ينبغي أن ندعم أولادنا في عثراتهم قبل نجاحهم، وأن نكون مصدرًا لطمأنتهم بدلاً من أن نكون مصدرًا إضافيًا للخوف من الامتحانات.
وشوشة
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس اب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
