جريمة قتل في نادي النيل
معاذ زكريا المحامي

في اليوم الذي تحتفل فيه دول العالم بيوم الشباب الدولي الموافق الثاني عشر من شهر أغسطس ؛ والذي أقرته الأمم المتحدة تقديراً وعرفاناً لدور الشباب في البناء والتعمير ؛ باعتيارهم نصف الحاضر وكل المستقبل ؛ في هذا الوقت بالتحديد ؛ وفي بلدنا المنكوبة بالأزمات تغتال يد الغدر والخسة واحداً من شباب البلد النجباء ؛ والذي كان يمكن له أن يسهم – كما هو الحال بالنسبة للكثير من الشباب الذين فقدناهم في الفترة السابقة – في رفعة هذا البلد وتقدمه لولا بعض رصاصات طائشة ؛ متهورة خرجت من فوهة بندقية يحملها شخص متهور ؛ مغرور ومتبلد الإحساس والشعور ؛ تحركه عصبية هوجاء ؛ لبدلة عسكرية يرتديها ؛ توهمه بانه فوق الجميع وفوق القانون.
وجريمة قتل الشاب المغفور له – بإذن الله – محمد مجدي محمد عبدالله ذي الواحد وعشرين عاماً في نادي النيل العالمي ؛ تجعلنا نطرح مجموعة من الأسئلة :-
أولاً: لماذا لم يصدر بيان المكتب الإعلامي في جهاز المخابرات العامة إلا بعد أن تم تداول الخبر وإنتشاره إسفيرياً ؛ حيث كانت صفحة ( مونتي كاروو ) بالفيسبوك ؛ أول من تحدث عن الواقعة ؛ وأوردت تفاصيل عن المجني عليه.
ثانياً: بيان جهاز المخابرات العامة قال إن مجموعة من الشباب عمدوا لإقتحام غرقة الحراسة ( كرفانة ) بواسطة عربة توسان ؛ حيث تصدى أحد أفراد الحماية للسيارة المقتحمة.
إذا سلمنا جدلاً بهذا القول ؛ فهل إقتحام العربة يستوجب مثل هذا التصرف الدموي والذي راح ضحيته المجني عليه فيما أصيب أشخاص أخرين !!!
أعتقد أن التصرف السليم والمسئول يقتضي بان يكون التدخل مناسباً للقوة التي تمت بها عملية الاقتحام ؛ وحيث أن بيان جهاز المخابرات العامة لم يشر – من قريب أو بعيد – إلى أن هؤلاء الشباب كانوا مسلحين ؛ عليه كان يجب التعاطي مع هذا الأمر بمسئولية ؛ دون الحاجة لإستخدام الرصاص الحي ؛ وإذا كان ثمة حوجة لإستخدامه ؛ فكان يجب أن يتم تصويبه نحو إطارات السيارة التي تم بها الاقتحام لإيقافها ومنعها من الحركة ؛ لا أن يكون التصويب نحو صدور شباب أعزل ؛ لا حول لهم ولا قوة.
ثالثاً: ماهو نوع السلاح المستخدم في الجريمة- وهو الأمر الذي سكت عنه بيان المكتب الإعلامي – مما فتح الباب أمام كثير من التكهنات حول نوع السلاح ؛ وهل هو من الأسلحة التي يمكن أن يحملها شخص مهمته حفظ الأمن في نادي ترفيهي ؛ لا مؤسسة عسكرية.
رابعاً: ماهي الأسباب والدوافع التي تجعل شاب متفوق ونابغ ويدرس في واحدة من أرقى المعاهد والجامعات في العالم مثل معهد Mit ماساتشوستس للتقنية ؛ أن يتصرف مثل هذا التصرف ؛ ويقوم بإقتحام غرفة حراسة النادي ؛ لاسيما وأن المجني عليه شخص يدرس ويقيم في الولايات المتحدة الأمريكية حيث إحترام النظام واجب على الجميع ؛ وحيث القانون فوق الجميع.
خامساً: ماهي معايير إختيار طاقم الحراسة والعاملين بالنادي ؛ إذا كان فرد مهمته تأمين ضيوف وزاور النادي ؛ يصدر منه مثل هذا التصرف الهمجي واللا مسئول؟؟
ما نعلمه أن النوادي الفخمة مثل نادي النيل العالمي تكون صارمة جداً في إختيار الكادر البشرى ؛ بقدر إلتزامها وصرامتها في تقديم أفضل الخدمات لنزلائها ؛ لذلك تراعي عند إختيارهم أن يكونوا على درجة عالية من الإلتزام وضبط النفس.
سادساً: هل خضع أو يخضع الأشخاص المكلفون بالحماية في مؤسسات حساسة كالنادي العالمي لدورات تدريبية في كيفية التعامل مع الآخرين ؛ وهل يتم عرضهم على مختصين نفسانيين قبل تعيينهم في مناصبهم.
سابعاً: أين كان بقية أفراد الحراسة بالنادي ؛ ولماذا لم يقوموا بالتدخل السريع والفوري عقب نشوب ” المشادة الكلامية ” بين الجاني والمجني عليهم ؛ حتى لا يتطور الأمر إلى هذه النهاية المأساوية باهظة الثمن.
ثامناً: ما هو دور كاميرات المراقبة في رصد وتوثيق حادثة كهذه ؛ فالنادي بلا شك به عدد كبير من كاميرات المراقبة المبثوثة في أرجاء مختلفة منه.
وبالرجوع لهذه الكاميرات يمكن أن تساعد في معرفة الخلفيات والدوافع وراء هذه الجريمة البشعة.
تاسعاً: لماذا كل هذا الصمت من قبل إدارة النادي العالمي ؛ ومن قبل جهاز المخابرات العامة ؛ فمنذ وقوع الحادثة الأليمة لم يصدر من النادي أو القائمين على أمره إلا بيان واحد (يتيم) وهو البيان الذي أشرنا إليه بعاليه.
القضية أصبحت الآن قضية رأي عام ؛ بالتالي كنا نتوقع مزيد من الوضوح والشفافية في كشف طلاسم الجريمة ؛ لاسيما وأن جريمة كهذه تمس سمعة النادي الفخم وسمعة المؤسسة التي تقف من خلفه.
عاشراً: ماهي التدابير الإدارية التي قامت بها إدارة النادي في هذا الصدد ؛ فتصرف فرد الحراسة – ولو كان حادثاً فردياً – إلا أن المسئولية تطال رؤسائه أيضاً ؛ باعتباره يخضع لتوجيهاتهم وتعليماتهم ؛ وفي هذا الخصوص لم نسمع أو نقرأ أن جهاز المخابرات العامة قد قام بإعفاء مسؤول الأمن ؛ أو أي مسؤول آخر بالنادي من منصبه ؛ أو أنه تم فتح تحقيق داخلي وتقديم أحداً من المسئولين للمحاسبة ؛ وهو أمر يثير الحيرة فعلاً.