عاطف عبد الرحمن: رحيل كاتب بحجم نجيب محفوظ خسارة للأدب (حوار)

 رحيل كاتب بحجم نجيب محفوظ خسارة للأدب.. وتعريفي للهامش هو المكان الذي ارتبطت به معظم كتاباتي

يورتريه للكاتب عاطف عبد الرحمن

الكاتب عاطف عبد الرحمن حالة فريدة من السرد الموغل في ثنائية الزمن والمكان، هو المولود بمدينة بورسعيد والقابض على جمر الإبداع منذ ما يزيد عن خمسة وثلاثون عامًا، بين الرواية والقصة اختار عاطف الكتابة في صمت دون صخب ودونما انتظار لحصاد ما، قدم أكثر من ستة عشر عملا ابداعي ولم ينا ما يستحق من حفاوة ولا تقدير رغم تناول نقاد مصر للكثير من أعماله منها " ليالي عزبة البوهي" " جيهان شعاع من الشمس،زمن العشق والجنون " تلك اللحظة" وغيرهم الكثير من القص والروي " عاطف خرج من أسره وهو الرافض دائما للتعامل مع كل الوسائل الإعلامية مكتفي بفرح الكتابة بفرادة وحب دون انتظار مكافأة ما..

الدستور التقت الكاتب وسألته.

 بداية.

غلاف رواية " جيهان شعاع من الشمس للكاتب عاطف عبد الرحمن
  • بعد أكثر من عشرة أعمال في مجال الرواية.. هناك الكثير من أبعاد الزمان والمكان في سردك. حدثنا عن تطويع ذلك في كتاباتك؟

 قبل أن نسترسل أحب أن أنوه أن لكل كلمة دلالة مرتبظة بها فالزمان والمكان كلمتان يختلف تفسيرهما من شخص إلى آخر.. بالنسبة لي المكان هو البقعة التي تحتوي حركة تنفعل معها وتتفاعل بها في زمن محدد ولهذا تجد أن الزمن والمكان لدي مرتبطان إرتباطاً وثيقاً فلا يمكن النظر إلى مكان في إحدى رواياتي بمعزل عن زمنه والعكس بالعكس.. وربما لهذا السبب ستجد أن معظم أعمالي تدور حول حياة سكان الهامش سواء في القرى أو المدن.. وهذا الهامش هو المكان الذي إرتبطت أحداث معظم كتاباتي بسكانه وعبرت عنه بقدر أشعر تجاهه بالرضى.

  • عن تعدد العوالم في ما يخص الواقعي وما وراءه وكذلك الرمزي والمباشر تحديدا في رواية (ليالي عزبة البوهي)
غلاف رواية زمن العشق للكاتب عاطف عبد الرحمن

ليالي عزبة البوهي هي رواية تتحدث عن الهامش بما فيه ومن فيه.. والتحولات التي تحدث لسكان هذا الهامش نتيجة دخول رافد ثقافي جديد بما يعنيه من آفاق وعي تتفتح لتشعل في النهاية ثورة ضد الجهل والظلم والخرافة شاهدناها في مشهد الختام ونساء العزبة يشعلون النار في مقام هذا الدعي بما كان يُمارس داخله من مجون وفجور وشرور تحت دعاوى كاذبة..إنها صرخة لإيقاظ الوعي في وقت سادت فيه الغشاوة على الأعين ومنعت الكثير من الرؤية الواضحة لهذا كانت تلك النهاية دعوة لإيقاظ العقول من غفوتها.. أما عن الما وراء واقعي في تلك الرواية فهو ليس بمستغرب على من عاشوا تلك العوالم وصنعوا تلك العوالم وحولوها إلى ماتراه من رمزية تصف بجلاء ما ترصده الأعين.. أما عن المباشر فأعتقد أن عالم الرواية بعيد تماماً عن المباشرة سواء بالتلميح أو بالتصريح.

غلاف رواية ليالي عزبة البوهي ل عاطف عبد الرحمن

ــ ليتك تحدثنا عن تلك المؤثرات الإبداعية أو الروائية التي كان لها التأثير الأكبر في كتابات المبدع عاطف عبد الرحمن.

.. لا أنكر أن علاقتي المبكرة بالقراءة في سنوات العمر الأولى كان لها أثر كبير في تكوين وعيي وأثرت بشكل مباشر على خيالي خاصة قراءاتي للأساطير اليونانية والأغريقية وكذا السير الشعبية وكتب التراث العربية مثل الف ليلة وليلة وغيرها إضافة إلى كل ماكان متاحاً وقتها من عيون الأدب العالمي سواء شرقي أو غربي.. كل ذلك شكل خليطاً من المؤثرات التي ساهمت في تشكيل خيالي منذ تلك الفترة.

  • الذكرى الثالثة عشر لرحيل أديب نوبل نجيب محفوظ.. كيف يرى الكاتب عاطف عبد الرحمن أصداء كتابات نجيب محفوظ في كتاباته.. وماذا سيبقى من أدب نجيب محفوظ؟

رحيل كاتب بحجم نجيب محفوظ هو حقاً خسارة للأدب ونحن الآن في ذكراه السادسة عشر ومازلنا بحاجة للتعرف أكثر على منجزه الإبداعي في مجال السرد فرغم كل ما كُتب عن نجيب محفوظ إلا أنني أعتقد أن الرجل مازال بحاجة لدراسات متعمة تأخذ الكثير من الجهد لسبر أغوار هذا الرجل بربطه بالمرحلة الزمنية التي نشأ فيها وشهدت قامات كبرى كانت حوله وعاصرها فلم يكن الرجل كما يحاول البعض تصويره أنه نبت شيطاني نشأ بمعزل عن ماحوله لكنه إبن لحركة تنوير كانت ممتده من قبله وعاصر هو جزء كبير منها وأثر بها وتأثر أيضاً.. 

وأعتقد أنه بعد أن تنزاح الغشاوة عن العيون اللاهثة حول التريند والشهرة ومع المنجز العلمي الذي يتسارع يومياً فأعتقد أنه سيعاد إنتاج الرجل وربما بعد سنوات طويلة جداً سنجد من يُعيد قراءة الحافيش وأصداء السيرة الذاتية ففيهما الكثير مما لم يتم الإفصاح عنه.

  • قدمت العديد من الأعمال السردية واتضحت تلك التباينات في مشروعك السردي لاسيما ما يخص بلد المنشأ بورسعيد.. فكيف ترى مشوار حصادك الإبداعي؟

.. عليً أن أعترف بداية أنني كنت محظوظاً أن عشت سنوات حياتي الأولى في بلدي بورسعيد وأعقبتها سنوات المراهقة والشباب في محافظة الدقهلية وخاصة مدينة المنصورة وما حولها من قرى وعزب.. ففي الفترة الأولى في بورسعيد كان هناك مخزن يتفجر من الحكايات حول البطولات والمقاومة الشعبية وحكايات الصيادين والبحر وكذا الحكايات المرتبطة بالأساطير حول بحيرة المنزلة إضافة إلى حكايات العاملين في مجال البمبوطية وحكاياتهم عن الأجانب لننتقل إلى مخزن حكايات آخر مرتبط بعالم الأولياء الصالحين في المنصورة وما حولها وكراماتهم وحكايات الزراعة والحصاد وقصص أخرى من الكفاح والبطولة مرتبطة بدار إبن لقمان ونماذج من الفتوات الذين عاصرت أواخر أيامهم في المنصورة .. كل تلك الحكايات ستجدها مرتبطة بالهامش وسكانه ومنها أنتج الخيال مجموعة الروايات التي تراها فستجد بورسعيد حاضرة في ( زمن العشق.. والجنون ) وكذا ستجدها في بعض مشاعد ( التاسوع) وستجدها حاضرة بقوة بتحولات السبعينيات في (تلك اللحظة ) كما ستد المنصورة تطل من خلال ( ليالي عزبة البوهي ) ومن المشروع الروائي الذي أعمل عليه حاليا وهو ( وقائع سنوات الجمر).

  • عن الخلاص والسلوى والجدوى.. هل تنتهي أحلام الكاتب بمجرد الانتهاء من عنوان كتابه؟

 لا خلاص لمن امتهن الكتابة فسيظل هاجساً يُطارده أنه لم يكتب الأفضل وسيحاول من جديد وجديد ومن شعر أنه وجد حلمه وانتهى وتوقف فقد مات حتى وهو يسير بيننا.. الكتابة حياة ولا يمكن لمن ذاق حلاوتها أن يكف عن فعلها أبداً.

  • عن المشهد الثقافي والإبداعي في مدينة بورسعيد كيف يراه الروائي المبدع عاطف عبد الرحمن؟

المشهد الثقافي والإبداعي في مدينة بورسعيد لا يختلف عن غيره من المشاهد الإبداعية والثقافية في كل المحافظات.. هناك حالة من تصدر الغث والردئ رغم وجود مواهب وأقلام ناضجة وواعية ومحترمة.. ورغم أن الجيد يحاول بجهد وقدر كبير من الطاقة أن يتواجد ويفسح لنفسه مكاناً إلا أن الظروف الحالية ربما لا تمكنه فن ذلك.. لكنني أقدر أنه مع إستمرار عملية الفرز فستكون الغلبة للموهوب الجاد وستتوارى الأصوات الأخرى بعيداً عن الضوء.. عن بورسعيد فهي بلد ثقافية بإمتياز وسيكون لمبدعوها شآن مميز قريباً.

  • ماذا عن الجوائز وتلك الإشكالية المحيرة وما يخص المنح والحجب.. أين اسمك وكتابتك من تلك الجوائز؟

أعتقد أن سؤالك يحمل الإجابة (المنح والحجب) فهذا هو حال الجوائز في هذه الأيام لا تُمنح للموهبة وإنما تُحجب عنها لتمنح لمن تريده الجهة المانحة سواء كانت لجنة التحكيم أو الجهة الراعية أو المنظمة للجائزة.. وهذا في رأيي يشكل علامة إستفهام كبيرة فالجوائز تحديداً المادية يُمكنها أن تُساعد المبدع وتعينه على مواجهة الظروف المادية القاسية التي يمر بها الجميع فما بالك لو كان مبدعاً حقاً ويهمه التفرغ لإبداعه.. أما عن إسمي في هذه الجوائز فلقد تقدمت مرتين لجائزتين إحداهما هي جائزة صالون إحسان عبد القدوس وقد حصلت عليها برواية بارادايس أما الجائزة الأخرى فهمي لمؤسسة ثقافية حديثة نوعاً ما ولكن جائزتها المادية مغرية وبعد أن تقدمت إلى الجائزة بفترة وردني اتصال من أحد أعضاء لجنة التحكيم يُخيرني فيه بأنني سوف أُعلن فائزاً على أن أحصل فقط على نصف القيمة المادية للجائزة فرفضت طبعاً المشاركة في هذه المهزلة وابتعدت تماماً عن الجوائز مكتفياً بكتاباتي وهذا هو مكاني واسمي بين الجوائز مانحيها وحاجبيها.

تاريخ الخبر: 2022-08-31 09:21:16
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

دعمًا لفلطسين.. فصائل عراقية تستهدف ميناء حيفا في إسرائيل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

هجوم إسرائيلي على الضفة الغربية.. واستشهاد 5 فلسطينيين

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:19
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

الرئيس الفرنسي: الحوار مع روسيا يجب أن يستمر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:09
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

أمطار مصحوبة برياح مثيرة للأتربة والغبار على 7 مناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:23:35
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية