كتب المحلل السياسي الإيراني البارز أحمد زيد آبادي، مقالا نشرته صحيفة "اعتماد" الصادرة في طهران، سلط الضوء على تعدد مؤسسات النظام الإيراني وتقديمها قراءات متناقضة وبعض الأحيان مشوبة بالخرافات عن الإسلام وبعيدة عن الشفافية، وتلقي بظلالها على سياسات النظام.
واستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى خطبة للرئيس الراحل، هاشمي رفسنجاني، في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان رئيسا للبرلمان، حيث انتقد خلالها الغرب بالقول، "إنهم لا يعرفون ماذا نريد أن نفعل نحن"، وبعد ذلك رد الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران على تصريحات رفسنجاني، حين سأله أحد الصحافيين بخصوصها، فقال "إن رئيس البرلمان الإيراني على حق، لا نعرف حقا ما يريدون فعله، والسبب هو أنهم لا يعرفون حتى أنفسهم، ماذا يريدون أن يفعلوا".
"نحن -الإيرانيين- لا نعرف ماذا يريد نظامنا"
واستنتج زيد آبادي، قائلا: "لسوء الحظ، هذه القصة لا تزال مستمرة بقوة. ليس الغربيون فقط، بل نحن -الإيرانيين- أيضا لا نعرف، ماذا يريد مسؤولو البلد أن يفعلوا؟ لذلك، نعتقد أنهم لا يعرفون ماذا يريدون أن يفعلوا أيضا، فالقرارات والآراء منقسمة والجهات التي تتحدث نيابة عن النظام مبعثرة لدرجة، بات الأمر محيرا للغاية، ليس للمواطن العادي فقط، ولكن أيضا لهؤلاء الذين يتابعون قضايا البلاد، هذا لا يخص فقط المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل القضايا الدينية أيضا، حيث الوضع أكثر تعقيدا.
كما أضاف المقال أن "النظام الحاكم في البلاد يقدم نفسه على أنه "جمهوري" و"إسلامي"، والتوقع المعقول منه أن يقدم تعريفا وشرحا رسميا، لحدود هاتين الكلمتين الأساسيتين، فحتى لو غضضنا الطرف عن تعريف "الجمهورية"، فإن "الإسلام" أيضا كمعيار لأداء الحكومة، ليس له تعريف محدد..".
ينبغي تحديد مرجعية الإسلام المعني من قبل النظام
وأردف الكاتب يقول: "تعتبر الحكومات العلمانية المعتقدات الدينية أو غير الدينية للمسؤولين التنفيذيين، مسألة فردية ولا ترى أنها تتعارض مع إدارة شؤون البلاد، لكن في النظام الإيراني، الذي يعتبر نفسه نظاما دينيا، تواجه هذه المسألة تعقيداتها الخاصة، فإذا كانت طبيعة النظام مرتبطة بـ "الإدراك الموضوعي للإسلام"، ينبغي تحديد مرجعية وتفسير الإسلام المعني بالكامل، ولكن يقال إن الإسلام المعني هو وفقا لقراءة مؤسس "الجمهورية الإسلامية الإسلامية" (روح الله خميني)، لكن ما يروج من خطاب حكومي يظهر عكس ذلك.
مئات المؤسسات وترويج الخرافات
وواصل الكاتب يقول: "فقد تشكلت المئات المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية في نظام الجمهورية الإيرانية، وجميعها تعتبر نفسها الممثل والمتحدث الرسمي للنظام، وتنشر نوعا من الإسلام يتوافق ورغباتها ومصالحها. الإسلام الذي يروج له المسؤولون المعممون وغير المعممين لا يتوافق حتى مع قراءة مؤسس النظام نفسه وفي بعض الحالات من الواضح أنه نوع من الخرافات.
كما أضاف: "للأسف، أصبح الترويج للخرافات في السنوات الأخيرة على المنابر الرسمية غير مسبوق، ويُتهم كل من يتعرض لهذه الخرافات بمخالفة تعاليم الإسلام".
من هو أحمد زيد آبادي؟
صحافي إصلاحي ومحلل سياسي، مقرّب من التيار الديني الوطني، وبعد تأييده احتجاجات عام 2009 على تزوير الانتخابات الرئاسية، حكم عليه بالسجن ستة أعوام والنفي خمس سنوات إلى منطقة نائية في إيران، وحظر من ممارسة أي نشاط سياسي ومنع من عضوية أي حزب وإجراء مقابلات، وخرج من السجن بعد أن قضى العقوبة، وسبق أن شغل زيد آبادي منصب الأمين العام لمنظمة الخريجين الإسلامية الإيرانية (إدوار تحكيم) وكان عضوا في مجلس إدارة جمعية الصحافيين الإيرانيين.
