الشركات تكافح في حرب اقتناص المواهب | صحيفة الاقتصادية


لم يصدق فريزر جوف حظه. في وقت سابق من هذا العام، تواصل مسؤول توظيف على موقع الشبكات المهنية لينكد إن مع الشاب البالغ من العمر 23 عاما، الذي يعمل في مجال التسويق الرقمي في لندن، لمعرفة ما إذا كان مهتما بوظيفة في شركة كلير باي للمدفوعات. لقد كان عرضا لا يمكنه رفضه. حصل جوف على زيادة في الأجر تبلغ 40 في المائة إلى 35 ألف جنيه استرليني، وحقوق ملكية في الشركة الأم "سكوير" ومجموعة من الامتيازات. شملت تلك الامتيازات عضوية مجانية في ناد رياضي وأموال تساعده على دفع فواتير تكاليف عمله من المنزل، وفرص للعمل في سان فرانسيسكو.
يقول جوف، الذي انضم في آذار (مارس) وكان يعمل لساعات طويلة ويبذل مجهودا كبيرا لبناء معرفته في القطاع، "ليس لدي درجة علمية حتى. لقد علمت نفسي بنفسي. أحاول الآن الحصول على زيادة أخرى، وأعتقد أنني سأحصل عليها".
على الرغم من ارتفاع التضخم والمخاوف من أن المملكة المتحدة ستتجه نحو ركود طويل، ظلت البطالة منخفضة واستمرت الشركات في التوظيف، وكانت تدفع أجورا وفيرة في الغالب. حتى في الوقت الذي يتوقع فيه بعض المراقبين أن تقلص الشركات من الإنفاق والتوظيف استجابة للتباطؤ الذي يلوح في الأفق في الطلب على البضائع والخدمات، فإن كل قطاع - من التكنولوجيا إلى الضيافة، والبناء وعلوم الحياة - لا يزال يعاني ضائقة في المواهب.
يقول جوف، "لا يبدو أن أحدا يستعد للركود. لا تزال الامتيازات موجودة ولا يبدو أن شيئا قد تغير".
أدى انتعاش سوق العمل في المملكة المتحدة منذ ذروة الجائحة إلى انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته منذ 1974. أجبر نقص العمالة كثيرا من الشركات على زيادة الأجور وتقديم مزايا أكبر وتوفير مرونة هائلة، ما يعزز الضغوط التضخمية.
أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد تشارترد للإدارة أخيرا على 1043 مديرا أن نحو 90 في المائة قالوا إن مؤسساتهم كانت توظف في تموز (يوليو) 2022. بالنظر إلى الأشهر الستة المقبلة، قال 40 في المائة تقريبا إنهم سيزيدون من التوظيف، بينما قال الثلث إن شركاتهم ستستمر في التوظيف كالمعتاد.
تقول كريستين أوينجز، المديرة والشريكة في مجموعة بوسطن الاستشارية، "لقد فقدنا في المملكة المتحدة جزءا كبيرا من قوتنا العاملة"، مع ملاحظة أنها لا تزال سوقا للباحثين عن عمل.
في الأعوام الأخيرة، تزامن انخفاض القوى العاملة التي تعمل لحسابها الخاص مع تقاعد كثير من الأشخاص مبكرا، وترك آخرون وظائفهم بعدما أجبرتهم مشكلات صحية طويلة الأجل مرتبطة بكوفيد على إعانات البطالة. غيرت الجائحة المفاهيم حول العمل مع شروع كثير من الموظفين في مسارات وظيفية جديدة، حيث في الأغلب ما ينجذبون إلى عمل أكثر مرونة يمكن تأديته من المنزل. أدى كل هذا إلى وجود أكثر من 1.2 مليون وظيفة شاغرة في المملكة المتحدة، وفقا لبيانات حكومية.
تقول أوينجز، متحدثة عن الجو الذي يواجه مديري التوظيف، "إننا نخرج من فترة غير مسبوقة مع الجائحة. لكننا ما زلنا نواجه كثيرا من هذه المشكلات".
إن هذا الاتجاه هو اتجاه عالمي. انخفض عدد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو إلى أقل من 11 مليون للمرة الأولى - أدنى مستوى على الإطلاق بـ6.6 في المائة من القوى العاملة. في الوقت نفسه، قالت أستراليا إنها ستسمح لعشرات الآلاف من المهاجرين بدخول البلد لتخفيف النقص في العمالة. في الولايات المتحدة، بينما ارتفع معدل البطالة، لا يزال هناك نحو وظيفتين شاغرتين لكل عامل عاطل عن العمل. تتزايد الأجور مع تنافس الشركات على الموظفين، ما يدفع الشركات إلى فرض رسوم أعلى على منتجاتها، ما يدفع الموظفين للمطالبة بزيادة الأجور.
يدفع أرباب العمل مكافآت، ويقدمون قدرا أكبر من المرونة وفرصا للتطور الوظيفي مع إعطاء الموظفين رأيا أكبر في كيفية إدارة أماكن عملهم، تقديرا للوقت والمال الذي تنطوي عليه الحاجة ليس فقط لتأمين موظفين جدد بل أيضا تدريب هؤلاء الأشخاص لملء الشواغر المتكررة. الضغط شديد لدرجة أن أحد مسؤولي التوظيف قال إن 15 في المائة من أتعابه كانت موضع تساؤل، لأن كثيرا من الأفراد الذين يقبلون العروض لا يأخذونها في نهاية المطاف، مضيفا في الوقت نفسه أن آخرين "يتجاهلون" أرباب العمل تماما إذا اختاروا العمل في مكان آخر.
كان لبروز ظاهرة العمل عن بعد تأثير غير مباشر في الذي يسمى بالعاملين "غير المكتبيين" - الأشخاص الذين ينبغي أن يكونوا حاضرين جسديا لأداء وظائفهم - الذين يشكلون أكثر من ثلاثة أرباع القوى العاملة في معظم الدول. وجدت مجموعة بوسطن الاستشارية أن أكثر من ثلث هؤلاء الموظفين معرضون لخطر الاستقالة في الأشهر الستة التالية وفقا لمسح عالمي شمل سبعة آلاف موظف غير مكتبي. قد يكون لهذا عواقب وخيمة على صناعات مثل البناء والتصنيع والرعاية الصحية والبيع بالتجزئة والنقل.
بالنسبة إلى كريس تيمينز، المدير في شركة جيسوب بارتنرشيبس للتطوير العقاري في إيست ميدلاندز، فإن النقص في خبراء المعاينة ومديري الأراضي والمقدرين يمثل مشكلة مستمرة على الرغم من توقع قطاع البناء انخفاضا في السوق.
"يبدو أن هناك عشرة وظائف متاحة لكل فرد. لديهم مجموعة من الوظائف للاختيار منها ونحاول جميعا الحصول على الأشخاص أنفسهم"، حسبما يقول تيمينز. هم لا يوظفون فقط لملء الشواغر، بل أيضا لملء الوظائف التي قد يحتاجون إليها في المستقبل. "عندما يوجد الشخص المناسب، ينبغي أن نحاول الحصول عليه".
من بين موظفي الشركة البالغ عددهم 96 موظفا، هناك 13 متدربا. "هذا عدد كبير بالنسبة إلى حجم شركتنا. لكن هذه السوق التي توجد فيها الشركة وهذا هو النضال الذي نخوضه للعثور على المواهب. نحن بحاجة إلى صنع مواهبنا الخاصة". خلال أزمة تكلفة المعيشة، تعمل الشركات مثل جيسوب على تحسين المزايا التي تقدمها للموظفين - من خصومات التجزئة إلى سيارات الشركة والسماح للموظفين بشحن السيارات الكهربائية في أماكن عملهم.
إن الشركات التي تزيد أجور العمال تدفع فاتورة متزايدة باستمرار. يقول راهول شارما، الذي يدير مطعما هنديا، ذا ريجنسي كلوب في شمال غرب لندن، إن زيادة الأجور 15 في المائة فرضت ضغوطا أكبر على الموارد المالية التي تعاني أصلا ضغوط ارتفاع أسعار اللحوم والحبوب والوقود والعمولات لتطبيقات توصيل الطعام. لقد أزال المطعم الأطباق الفاخرة من قائمة الأطباق للتوفير حيثما أمكن ذلك. يقول، "كانت زيادة الأجور تتعلق بالدفاع عن مكاننا وموظفينا بالفعل".
يضيف شارما أنه اجتاز الاضطرابات بعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم مرة أخرى عندما أجبرت الجائحة الجامعات على الإغلاق، ما دفع كثيرا من الطلاب العاملين بدوام جزئي - أساس صناعته - إلى العودة إلى دولهم. يقول إنه في الأشهر الأخيرة، انتظر رجال خارج المطعم عند وقت الإغلاق على أمل جذب الموظفين للعمل في مطاعم أخرى. "كانوا يتبعون موظفينا إلى المنزل. ينتظرون في الخارج في سياراتهم ثم تظهر السيارات نفسها خارج منازل موظفينا"، كما يقول. ينجذب الموظفون أيضا إلى الوظائف ذات الأجور المرتفعة والأقل إرهاقا جسديا، مثل وظيفة المساعدين عبر الإنترنت، التي يمكنهم القيام بها من المنزل.
"الوضع الحالي أسوأ مما كان عليه خلال كوفيد، وهذه المرة لا توجد مساعدة من الحكومة"، كما يقول.
مع ذلك، أشار بعض المراقبين إلى أن الفاصل الزمني وضيق سوق العمل سيخفان حتما.
يقول ليام رينولدز، الذي يدير معرض سيليكون ميلك راوند أباوت للتوظيف، يقام مرتين في العام لمحترفي التكنولوجيا في لندن، إن هناك تصحيحا يحدث في أجزاء من هذا القطاع. كانت شركات التكنولوجيا الكبرى توظف عددا أقل في حين لم يكن التمويل يتدفق إلى الشركات الناشئة. "بالنسبة إلى كثير من هذه الشركات، كان هناك كثير من المال فيها ما أدى إلى زيادة التوظيف. بالنظر إلى المستقبل، هناك مزيد من عدم اليقين"، كما يقول. في الولايات المتحدة، جمدت كثير من شركات التكنولوجيا الكبرى في وادي السيليكون، التي نمت بسرعة على مدار العقد الماضي، عمليات التوظيف بالفعل وخفضت الوظائف.
مع ذلك، يقول أليستر كوكس، الرئيس التنفيذي لشركة هيز للتوظيف المدرجة في مؤشر فاينشيال تايمز 250، إن التحول الرقمي واسع النطاق عبر القطاعات الأخرى يعني أن الشركات ستستمر في التعيين لوظائف لم تكن بحاجة إليها من قبل - من الأتمتة إلى الأمن الإلكتروني. كما يشير إلى عدم وجود مرشحين مؤهلين للوظائف الشاغرة الحالية.
يقول، "ببساطة، لا يوجد ما يكفي من النوع الصحيح من المهارات لتتناسب مع الوظائف التي يتم صنعها اليوم"، مضيفا أن الطلب كان يتزايد باطراد منذ بضعة أعوام. "لا تزال الشركات تعمل على التحول الرقمي، حتى مع تردي خلفية الاقتصاد الكلي".

تاريخ الخبر: 2022-09-30 00:23:03
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 44%
الأهمية: 46%

آخر الأخبار حول العالم

بينهم طفلة.. 4 شهداء في قصف للاحتلال على منزل برفح الفلسطيني

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-13 09:22:01
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

العدد الورقي الأسبوعي لجريدة وطني بتاريخ 12/5/2024

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-13 09:21:36
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

صباح الخير يا مصر

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-13 09:21:37
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 54%

تدابير‏ ‏الخلاص‏ ‏قرار‏ ‏وبالقيامة‏ ‏انتصار

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-13 09:21:35
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 61%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (١٣)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-13 09:21:38
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية