أحزاب من اليمين واليسار تحرك ماكيناتها لإعادة علاقات المغرب وإسبانيا إلى الصفر


يحضر رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب شهر نونبر المقبل، حاملا معه همّ تجويد علاقات مدريد والرباط والنأي بها بعيدا عن رياح السياسة ومصالحها الآنية التي تعصف بمنطقة البحر الأبيض المتوسط وتأثير ذلك على الوضع السياسي الداخلي للبلدان المعنية. في وقت تتواصل التحضيرات لعقد اجتماع رفيع المستوى يجمع المسؤولين المغاربة ونظرائهم الإسبان ترجمة لدفء العلاقات الثنائية التي قيست درجاتها منذ مارس الماضي حين إعلان إسبانيا دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

 

وتتحدث وسائل الإعلام الإسبانية عن قيادة سانشيز لوفد وزاري هام إلى المغرب، يُرتقب من خلاله توقيع اتفاقيات اقتصادية تعكس التوافق والتطابق في الرؤى السياسية بين البلدين، لا سيما في ملفات الصحراء والهجرة وسبتة ومليلية المحتلتين. وفي هذا السياق، يبدو أن سانشيز اختار تنقية وفده الذي سيحلّ بالمملكة من أشواك السياسية التي يكيدها وزراء حزب بوديموس المعروف بمواقفه العدائية تجاه الرباط.

 

حزب بوديموس اليساري المتطرف ليس وحده في الداخل الإسباني من يرى في المغرب مُهدّدا لنفوذ مدريد في المنطقة، حتى حزب فوكس اليميني المتطرف لا يخفي مناداته لحكومة بيدرو سانشيز بالإسراع بقطع الطريق على المغرب في ملف سبتة ومليلة المحتلتين وإلحاقهما بدوائر نفوذ الناتو.

 

أصوات المواقف المتطرفة التي تتعالى تأتي في سياق التقارب السياسي المغربي الإسباني الذي أنهى مسلسل أزمة دبلوماسية طاحنة.

 

لعب على المكشوف 

 

وتفاعلا مع الموضوع، قال عبدالحميد باب الله الباحث في العلاقات الدولية إن مساعي بعض الأحزاب الاسبانية بإلحاق مدنتي سبتة ومليلية المحتلين بمنظمة معاهدة شمال الأطلسي يعتبر تقليدا تكتيكيا تلتجئ إليه الأحزاب اليمينية الإسبانية كلما ازدادت قوة العلاقات المغربية – الإسبانية من أجل التشويش على جودتها والبحث عن إضعافها وذلك راجع إلى خلفيتها الأيديولوجية التي كانت دائما مبنية على معاداة مصالح المغرب وعرقلة أيّ تطور إيجابي للعلاقات بين الرباط و مدريد.

 

واعتبر الباحث والأكاديمي في حديثه لـ”الأيام 24″ أن الموضوع إلحاق المدنتي أثير في أكثر من مناسبة منذ مارس إلى غاية اليوم، وفي حقيقة الأمر فالعملية معقدة سياسيا ومسطرة إدارية غير قابلة للتنفيذ وذلك لوضع المدينتين في الخارطة السياسية الدولية وارتباطهما بإشكاليات قانونية وإدارية لم تتم تسويتها بعد، بالإضافة إلى وضع الثغرين غير قابل للنقاش في انتمائهما التاريخي والشرعي إلى المغرب.

 

وأضاف المتحدث اللعب على وتر الثغرين من طرف اليمين الإسباني لإثارة هذا الملف الحساس في هذه الفترة التي تعرف تقاربا غير مسبوق وجد واقعي وبراغماتي بين المغرب وإسبانيا هدفه محاولة إضعاف هذا التوجه السياسي وتشتيت تركيز الرأي العام الداخلي الإسباني بخصوص المكتسبات الجديدة للحوار الاستراتيجي المسؤول الذي تتبناه قيادة البلدين، وخاصة عزمهما على المضي قدما في تنفيذ هذا التقارب الكبير وتنزيل الرؤية الجديدة في التعاون السياسي والاقتصادي والأمني غير المسبوق.

 

ويرى مراقبون أن التقارب الإسباني – المغربي، بعد أزمة خانقة بينهما، يزعج اليمين المتطرف وبعض الجهات التي ترى فيه تهديدا لموقع إسبانيا داخل المتوسط، وهو ما تنفيه الوقائع خصوصا وأن ما ستجنيه مدريد في تعاونها الجدي مع المغرب كثير ومهم، سواء على المستوى التجاري والاقتصادي وأيضا تنفيذ مشروع الربط القاري البري بين شمال المغرب وإقليم الأندلس، الذي سيتطور بعمليات نقل الغاز الطبيعي بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي.

 

وترفض الحكومة الإسبانية أيّ مساس بأسس الاتفاق الذي جمعها بالمغرب لتجاوز الأزمة التي خيمت على العلاقات لمدة سنة تقريبا، وتريد الحفاظ على أفضل علاقة جوار ممكنة مع المغرب، الذي وصفته بالجار الاستراتيجي.

 

منعطفات حاسمة

 

ويعتبر خبراء أن المنعرجات التي مرت بها العلاقات الإسبانية المغربية، وآفاق التعاون التي تم الإعلان عنها مؤخرا بمناسبة استئناف العلاقات، قد تكون في مهب الريح، إذا بقيت خاضعة للمزاج السياسي من جهة، ثم إذا بقيت تنأى بنفسها عن إيجاد حل للمعضلات العالقة، ومنها عدم تغييب التفكير التوافق بشأن ملفات سبتة ومليلية والجزر بالنسبة للمغرب، ولو من خلال حلول متوسطة أو بعيدة الأمد، من ناحية أخرى.

 

لقد أضحت قضية الصحراء بالنسبة للمغرب في السنة الأخيرة تأخذ زخما داخل دول متعددة تشكل فيها موقف إستراتيجي داعم للمقترح الذي يقدمه المغرب، وهذا يمنح المغرب دينامية جديدة، مما يدفع إلى التذكير بأن تحقيق علاقات من الود والاحترام والندية بين الدول إنما تقوم في ترسيخ أسس دولة المؤسسات والحقوق والحريات، ومن جانب آخر العمل على تحقيق التقدم بمختلف أبعاده.

تاريخ الخبر: 2022-10-10 15:19:22
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 69%
الأهمية: 82%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية