لماذا يظل النقد حبيس أسوار الجامعات، وهل ثمة خلط بين مفهوم الناقد الفني والأدبي ومدرسيه، وهل لعبت الجامعة المصرية في أن  تحبس أكاديمييها داخل أسوارها بعيدا عن المشهد الثقافي والإبداعي والفني وعدم اشتباكهم مع راهن ما تنتجه الحركة الإبداعية والفنية في مصر والعالم العربي،  كل هذا الاسئلة نحاول ان نجيب عنها في التقرير التالي:

سيد الوكيل: الواقع النقدي المصري ممزق  

يقول الروائي والقاص والناقد سيد الوكيل "لاشك أن الواقع النقدي المصري والعربي ممزق وهذا يرجع لأسباب أولها  أن المشتبكين الفعليين مع المشهد الثقافي المصري والعربي من أكاديمين هم في الأساس مرتبطون ارتباطا وثيق الصلة بالواقع الثقافي ومشتبكين من البداية، وذلك قبل خوض غمار الدراسة الأكاديمية والأمثلة كثيرة على هذا النموذج الذي مازال يلعب دوره بدءا بـ محمود الضبع، ومصطفى الضبع، حسين حمودة، يسري عبد الله ومن قبلهم كان شاكر عبد الحميد، ومحمد سيد إسماعيل وغيرهم.

وتابع الوكيل: هناك نموذج آخر من الأكاديميين الذين سافروا ومارسوا تدريس النقد عبر الجامعات العربية، وتبدو أن سبل التواصل مع  المشهد الإبداعي المصري وما يدور فيه أصبحت مقطوعة، ومثال ذلك الناقد والأكاديمي أيمن بكر وغيره وهم من جاءوا للمشهد النقدي الأكاديمي بخلفية إبداعية لكن لظروف الحياة والعمل انقطعت صلتهم.

ولفت الوكيل إلى أن "هناك نموذج ما يمكن أن ندعوه بالأكاديمين التكنوقراط وهؤلاء يمثلون الغالبية العظمى في المشهد الأكاديمي المصري والعربي، وهم  منفصلين عن واقع وراهن المشهد الثقافي ومكتفين تماما بتدريس مناهج النقد في الجامعة المصرية دون اشتباك  مع راهن المشهد الثقافي وجديده.

وختم الوكيل بالإشارة إلى أن هناك نموذجًا آخر من الأجيال الجديدة والذين راهنوا على المعرفة الفردية والتي تتأتي مع الوقت وبشكل فردي دون اللجوء إلى الأكاديمية، وهؤلاء يشتبكون مع راهن الواقع الثقافي بشكل كبير ويمثلون النسبة الأعلى ويجمعون ما بين احتراف الإبداع وممارسة النقد.

شذى يحيى: علينا عدم الخلط بين احتراف وممارسة النقد وتدريسه 

تقول الكاتبة والناقدة شذى يحيى: لا يوجد في أي  مكان فى العالم أكاديمية لتعليم النقد، ثمة أكاديمية لتخريج ناقد فني، أكاديميون يساهمون فى تخريج أجيال، فالنقد بمعناه الواسع لا يدرس، خاصة أنه خليط من حصيلة خبرات ومهارات وقراءات وتطوير للذائقة وتعرف على التقنيات والفلسفة وعلم الجمال والسياسة والأدب والتاريخ وعلم الاجتماع تراكم معرفى بعيد تماما عن التحصيل الأكاديمى.

وتشير يحيى إلى أنه: لا شك أن الأمر في الأكاديمية المصرية مختلف، فالأكاديمي يقيم العمل الفني للطالب بناء على منهج اتبعه وقرره في  خريطة تدريسه لطلبته، وهذا يختلف كليا عن ممارسة النقد وتقييم عمل فني وإبداعي، لذا علينا أن نفرق بين فهمنا لتدريس النقد داخل أسوار الجماعة وممارسته خارج أسوارها، فدراسة مدارس النقد أو علم الجمال وتاريخ الفن وحتى الجشتالت وديالكتيك اللوحة والبناء والتكوين والعلاقات بين الكتلة والفراغ وتراكيب الألوان والتقنيات لا يمكن أن يصنع ناقدا لأن مهمة الناقد أكبر من إعطاء الموافقة على أن هذا العمل عمل فنى أو لا.

ولفتت يحيي إلى هذه حقيقة، فمهمة الأكاديمي فعلا هي التدريس لتقييم جودة العمل الذى يقدمه له الطالب، إلى جانب أن الطالب لا يستطيع كسر القاعدة، على عكس الفنان  فإبداعه يتأتى فى كسر القاعدة والإدهاش.

ولفتت يحيي إلى أن "مهمة الناقد تبدأ بعد التأكد من  العمل الفني، مؤكدة أنه لا يمكن أن  تقول إن هناك غيابا للنقاد  خاصة أن هناك نقاد جيدين جدا على الساحة مثل ما فى أعمال فنية وأدبية جيدة.

وأشارت يحيى إلى أن النقد يزدهر بالمناخ حوله وجود عمل فنى متطور وأصيل وجمهور مهتم بقراءة العمل الفنى واستيعاب وتذوق جماليات الفن يجعل النقد يزدهر والناقد يبذل مجهود لتطوير أدواته ورؤيته.

وختمت يحيى: ممارسة النقد الفني يحتاج إلى تراكم سنوات من الخبرة والمعرفة وجلسات مطولة مع فنانين وخبرة حقيقية بالاشتباك والاطلع على المعارض، إلى جانب ذلك إدراكه ومعرفته بمدارس القراءات النقدية المتعددة، إلى جانب ذلك تكنولوجيا الخامة، وقراءة العمل سيكولوجية المبدع وعلم النفس الإبداعى السياق الثقافى والفلسفى للعمل الفنى تصنيف العمل من حيث الاتجاه قراءة القيم الجمالية والتعبيرية.