رضا (خلق)

عودة للموسوعة

الرضا من الصفات والأخلاق الحميدة التي يتحلى بها الإنسان البصير والمؤمن، فهي صفة تجلب له الهدوء والتوازن النفسي، والقدرة على مكابدة الحياة والعيش فيها بأحسن ما يمكنه ذلك، فيكون فعّالاً نتيجة لتوازنه الداخلي وتسليمه لمجريات القدر، عم احتفاظه بعزيمته وإصراره وهمته، والرضا ثمرة من ثمرات المحبة، وأعلى مقامات المقربين، وهوباب الله الأعظم، ومستراح المتقين، وجنة الدنيا، لأن الرضا يفرغ القلب لله، ومن ملأ قلبه من الرضا، ملأ الله صدره غنىً ومنًا وقناعة. ورضا الله عن العبد أكبر من الجنة وما فيها، لأن الرضا هي صفته والجنة هي من خلقه، بدليل قوله تعالى: ﴿ورضوان من الله أكبر﴾.

تعريف الرضا

الرِّضا لغةً: ضد السُّخط، والرضا بالشيء الركون إليه وعدم النفرة منه.

وارْتَضَيْتُهُ فهومَرْضِيٌّ ومَرْضُوٌّ أيضا على الأصل ورَضِيَ عنه بالكسر رِضَاً مقصور مصدر محض والاسم الرِّضَاءُ ممدود، عن الأخفش: (وعيشة رَاضِيَةٌ) أي مَرْضِيَّةٌ، لأنه ينطق رَضِيْتُ معيشته على ما لم يسم فاعله ولا ينطق رَضِيَتْ وينطق رَضِيَ به صاحبا وربما نطقوا رضي عليه في معنى رضي به وعنه وأرْضَيْتُهُ عني ورَضَّيْتُهُ أيضا تَرْضِيَةً فَرَضِيَ وتَرَضَّاهُ أرْضَاهُ بعد جهد واسْتَرْضَيْتُهُ فَأَرْضَانِي. وأرضاه: أي أعطاه ما يرضى به، وترضَّاه: أي طلب رضاه. والرضوان: الرضا الكثير.

والرضا اصطلاحًا: هوطيب النفس بما يصيبه ويفوته مع عدم التغير. وقيل: هوازدياد الجزع في أي حكم كان، ونطق الجنيد: الرضا هوحمل الاختيار. ونطق الحارث المحاسبي: الرضا هوسكون القلب تحت مجاري الأحكام. ونطق ابن عطاء: (الرضا: نظر القلب إلى قديم اختيار الله للعبد وهوهجر السخط). ويقول الراغب الأصفهاني: (رضا العبد عن الله؛ حتى لا يكره ما يجري به قضاؤه، ورضا الله عن العبد؛ حتى يراه مؤتمراً بأمره منتهياً عن نهيه). ولمَّا كان أعظم رضا هورضا الله سبحانه؛ خُصَّ لفظ الرضوان بما كان من الله عز وجل :((يبتغون فضلاً من الله ورضواناً)) -[الحشر:8]-

الفرق بين الصبر والرضا

الصبر هوحتى يمنع الإنسان نفسه من عمل شيء، أوقول شيء يشير على كراهته لما قدره الله، ولما هبط به من البلاء، فالصابر يمسك لسانه عن الاعتراض على قدر الله، وعن الشكوى لغير الله، ويمسك جوارحه عن جميع ما يشير على الجزع وعدم الصبر، كاللطم وشق الثياب وكسر الأمور وضرب رأسه في الحائط وما أشبه ذلك.

يقول ابن القيم رحمه الله:
الصبر: حبس اللسان عن الشكوى الى غير الله، والقلب عن التسخط، والجوارح عن اللطم وشق الثياب ونحوها .
وأما الرضا فهوصبر وزيادة، فالراضي صابر، ومع هذا الصبر فهوراضٍ بقضاء الله، لا يتألم به.

نطق ابن القيم بعد حتى ذكر الصبر والرضا: " عبودية العبد لربه في قضاء المصائب الصبر عليها، ثم الرضا بها وهوأعلى منه، ثم الشكر عليها وهوأعلى من الرضا، وهذا إنما يتأتى منه، إذا تمكن حبه من قلبه، وفهم حسن اختياره له وبره به ولطفه به وإحسانه إليه بالمصيبة، وإن كره المصيبة ".

نطق الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "في الصبر: يتألم الإنسان من المصيبة جدا ويحزن، ولكنه يصبر، لا ينطق بلسانه، ولا يعمل بجوارحه، قابض على قلبه، موقفه أنه نطق: (اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها)، (إنا لله وإنا إليه راجعون). الرضا: تصيبه المصيبة، فيرضى بقضاء الله. والفرق بين الرضا والصبر: حتى الراضي لم يتألم قلبه بذلك أبدا، فهويسير مع القضاء (إن إصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له)، ولا يرى الفرق بين هذا وهذا بالنسبة لتقبله لما قدره الله عز وجل، أي إذا الراضي تكون المصيبة وعدمها عنده سواء " .

أنواع الرضا

يقول ابن تيمية، (الرضا نوعان:

أحدهما: الرضا بعمل ما أمر به وهجر ما نهى عنه ويتناول هذا النوع ما أباحه الله من غير تعد إلى المحظور كما نطق تعالى: ﴿اللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 62]، ونطق تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ﴾ [التوبة: 59]، وهذا النوع من الرضا واجب، والدليل على وجوبه ما ورد في القرآن من ذم تاركه كقوله تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ﴾ [التوبة: 58-59].

والثاني: الرضا بالمصائب كالفقر والسقم والذل، وهذا الرضا اختلف فيه أهل الفهم على قولين: بين الوجوب والاستحباب، وإلى هذا الأخير مال ابن تيمية، ونطق إنما الواجب فيه الصبر، واستدل على ذلك بما ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنه حتى النبي نطق: «إن استطعت حتى تعمل بالرضا مع اليقين فاعمل فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا»(10) فالرضا غريزة والصبر المعول الذي يعتمد عليه المؤمن.

وأما الرضا بالكفر والفسوق والعصيان فالذي عليه أئمة الدين أنه لا يرضى بذلك فإن الله لا يرضاه كما نطق سبحانه: ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ [الزمر: 7]).

اجتماع الرضا مع الألم

( ليس بين الرضا والتألم من القضاء تباين، فالمريض الشارب للدواء الكريه متألم به، وهومع ذلك راض به، ومثله الصائم في شهر رمضان في شدة الحر يحصل له التألم لكنه راض به، وكذلك تجد البخيل متألم من أخراج زكاة ماله راض بها، فالتألم كما لا ينافي الصبر، لا ينافي الرضا به).

منزلة الرضا والترغيب به في القرآن والسنة

في القرآن

أثنى الله تعالى على أهل الرضا في مواطن كثيرة وندبهم إليه:

نطق تعالى: ﴿(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)﴾ [التوبة: 100].

ونطق سبحانه: ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22].

تضمنت هذه الآيات: (جزاءهم على صدقهم وإيمانهم وأعمالهم الصالحة ومجاهدة أعدائه وعدم ولا يتهم بأن رضي الله عنهم فأرضاهم فرضوا عنه وإنما حصل لهم هذا بعد الرضا به ربا وبمحمد نبيًا وبالإسلام دينًا قوله: وهوالرضا عنه في جميع ما قضى فهنا ثلاثة أمور: الرضا بالله والرضا عن الله والرضا بقضاء الله).

نطق تعالى: ﴿(..وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾) [التوبة72].

منزلة الرضا منزلة عظيمة فقد حمل الله تعالى منزلة الرضا فوق منزلة جنات عدن، فرضوان رب الجنة أعلى من الجنة بل هوغاية مطلب سكان الجنان. ونلاحظ هنا حتى رضوان نكره، والتنكير يأتي على جملة من المعاني منها التقليل فرضوان من الله قليل خير من جميع ما في الجنة من المساكن والأنهار والحور العين وغيرها من النعيم المقيم.

ونطق سبحانه (في سورة الفجر): Ra bracket.png يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ Aya-27.png ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً Aya-28.png La bracket.png

(في هذه الآية لما فرغ سبحانه من حكاية أحوال الأشقياء ذكر بعض أحوال السعداء فذكر النفس المطمئنة وهي الساكنة الموقنة بالإيمان وتوحيد الله الواصلة إلى برد اليقين بحيث لا يخالطها شك ولا يعتريها ريب، نطق الحسن: (المطمئنة): هي المؤمنة الموقنة، ونطق مجاهد: الراضية بقضاء الله التي فهمت حتى ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها، وقيل: الآمنة المطمئنة، وقيل: غير ذلك، وكلها معاني متقاربة).

فقوله تعالى: ﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ﴾ أي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته ﴿رَاضِيَةً﴾ أي في نفسها ﴿مَّرْضِيَّةً﴾ أي قد رضيت عن الله ورضي عنها. وهذا ينطق لها عند الاحتضار وفي يوم القيامة أيضا كما حتى الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره وعند قيامه من قبره.

فالمراد هنا: هوحصول الرضا لها بما حصل لها من كرامته وبما نالته عند الرجوع إليه فحصل لها رضاها والرضا عنها.

ورضا الله تعالى هوأقصى ما يمتناه أهل الإيمان فقد نطق تعالى عن داود عليه السلام وقد أُعطِيَ من الملك ما أُعطي:

(﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾) [النمل: 19].

في السنة

الرضا بقسمة الله وقدره من وصايا الرسول الكريم، فعن أبي هريرة نطق رضي الله عنه:

نطق رسول الله : ((من يأخذ عني هؤلاء الحدثات فيعمل بهن أويفهم من يعمل بهن؟)) فنطق أبوهريرة: فقلت أنا يا رسول الله. فأخذ بيدي فعَدَّ خمسًا، ونطق: ((اتقِ المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا وأحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)).

وعن عائشة رضي الله عنها نطقت: فقدت رسول الله ليلة من الفراش فالتمسته فسقطت يدي على بطن قدميه وهوفي المسجد وهما منصوبتان وهويقول: ((اللهم إني أعوذ بك برضاك من سخطك وبمعافاتك ومن عقوبتك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك..)).


(فقوله: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك» أي بما يرضيك عما يسخطك فقد خرج العبد هنا عن حظ نفسه بإقامة حرمة محبوبة فهذا لله ثم الذي لنفسه من هذا الباب قوله: «وبمعافاتك من عقوبتك» استعاذ بمعافاته بعد استعاذته برضاه لأنه يحتمل حتى يرضى عنه من جهة حقوقه ويعاقبه على حقوق غيره).

ومن أدعيته أيضًا قوله في حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه:

((اللهم أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك حدثة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنبتر، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت..)).

عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه نطق رسول الله : ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا)) .

تضمن هذا الحديث الرضا بربوبيته سبحانه وألوهيته، وتضمن الرضا برسوله الكريم والسمع والطاعة له، وتضمن الرضا بدينه والتسليم مع كمال الانقياد.

(رضيت بالشيء أي قنعت به، واكتفيت به ولم أطلب معه غيره فمعنى الحديث لم يطلب غير الله تعالى ولم يسع في غير طريق الإسلام ولم يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد ولا شك في حتى من كانت هذه صفته فقد خلصت حلاوة الإيمان إلى قلبه وذاق طعمه). ونطق القاضي عياض: (معنى الحديث (ذاق حلاوة الإيمان): أي صح إيمانه واطمأنت به نفسه وخامر باطنه لأن رضاه بالمذكورات مرشد لثبوت معهدته ونفاذ بصيرته ومخالطة بشاشته قلبه لأن من رضي أمرا سهل عليه فكذا المؤمن إذا ولج قلبه الإيمان سهل عليه طاعات الله تعالى ولذت له).

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله أنه نطق: ((مَنْ نطق حين يسمع المؤذن: أشهد حتى لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينًا؛ غُفِرَ له ذنبه)).

نطق ابن القيم: (وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين وإليهما ينتهي.

فالرضا بإلهيته يتضمن الرضا بمحبته وحده وخوفه ورجائه والإنابة إليه والتبتل إليه وانجذاب قوى الإرادة والحب كلها إليه عمل الراضي بمحبوبه جميع الرضا وذلك يتضمن عبادته والإخلاص له.

والرضا بربوبيته: يتضمن الرضا بتدبيره لعبده، ويتضمن إفراده بالتوكل عليه، والاستعانة به، والثقة به والاعتماد عليه، وأنقد يكون راضيًا بكل ما يعمل به.

وأما الرضا بنبيه رسولًا: فيتضمن كمال الانقياد له والتسليم المطلق إليه بحيثقد يكون أولى به من نفسه فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع حدثاته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره في أي أمر من الأمور.

وأما الرضا بدينه: فإذا نطق أوحكم أوأمر أونهى: رضي جميع الرضا ولم يبق في قلبه حرج من حكمه وسلم له تسليما، ولوكان مخالفا لمراد نفسه، أوهواها، أوقول مقلده وشيخه وطائفته).

وعن عائشة -رضي الله عنها- نطقت: سمعت رسول الله يقول: ((مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ.)).


أقوال السلف والفهماء في الرضا

" لأن ألحس جمرة أحرقت ما أحرقت، وأبقت ما أبقت أحب إلى من حتى أقول لشيء كان ليته لم يكن، أولشيء لم يكن ليته كان "
—عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
يقول خط عمر بن الخطاب إلى أبي موسى رضي الله تعالى عنهما.png:
أما بعد فإن الخير كله في الرضا فإن استطعت حتى ترضى وإلا فاصبر.

ونطق عبد الواحد بن زيد:

وكان عمر بن عبد العزيز يقول: "ما بقي لي سرور إلا في مواقع القدر" فقيل له: ما تشتهي فنطق: ما يقضي الله.

ونطق ميمون بن مهران: "من لم يرض بالقضاء فليس لحمقه دواء".

وكان عبد العزيز بن أبى رواد يقول: "ليس الشأن في أكل خبز الشعير والخل ولا في لبس الصوف والشعر ولكن الشأن في الرضا عن الله -عز وجل-".

يقول ابن عطاء الله السكندري:
الرِّضا سكونُ القلبِ إلى قَديمِ اختيارِ اللهِ للعبدِ، أنَّهُ اختارَ لهُ الأفضل، فيرضى به.

- ونطق ذوالنون: (ثلاثة من أعلام الرضا: هجر الاختيار قبل القضاء، وفقدان المرارة بعد القضاء، وهيجان الحب في حشوالبلاء).

- ويقول ابن قيم الجوزية: (وطريق الرضا طريق مختصرة قريبة جداً، موصلة إلى أجل غاية، ولكن فيها مشقة. ومع هذا فليست مشقتها بأصعب من مشقة طريق المجاهدة ولا فيها من العقبات والمفاوز ما فيها. وإنما عقبتها همة عالية، ونفس زكية، وتوطين النفس على جميع ما يرد عليها من الله. ويسهل ذلك على العبد: فهمه بضعفه وعجزه ورحمته به، وشفقته عليه، وبره به، فإذا شهد هذا وهذا، ولم يطرح نفسه بين يديه، ويرضى به وعنه، وتنجذب دواعي حبه ورضاه كلها إليه: فنفسه نفس مطرودة عن الله، بعيدة عنه. ليست مؤهلة لقربه وموالاته، أونفس ممتحنة مبتلاة بأصناف البلايا والمحن).

― ويقول مصطفى السباعي: الثبات على الصبر أشدّ من الصبر نفسه، والرضا بالحرمان أشدّ من الحرمان نفسه، وما جميع صابر ثابت، ولا جميع محروم راضٍ، ولا جميع نائحة ثكلى، ولا جميع عبوس حزين، ولا جميع محبٍ متيّم.

ثمار وفوائد الرضا

1- الرضا يثمر محبة الله تعالى ورضوانه وتجنب سخطه:

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه نطق نطق رسول الله : «إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك نطقوا يا رب وأي شيء أفضل من ذلك نطق أجل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا».

2- الفوز بالجنة والنجاة من النار. 3- مرشد على حسن افترض العبد بربه.

4- مرشد على كمال الإيمان، وحسن الإسلام. 5- مظهر من مظاهر صلاح العبد وتقواه. 6- سبب من مسببات الراحة النفسية والروحية.

ولعل من أعظم الثمار التي يجنيها أهل الرضا هي الفرح والسرور بالرب تبارك وتعالى، فإذا صبغ المسلم حياته برضاه عن مولاه، ورضي المولى جل وعلا عنه عاش عيشة هنية في الدنيا والآخرة.

فالرضا عن الله بقضائه، والرضا بالدون من العيش، والرضا برزق الله تعالى وبما قسمه لك، والرضا بالمصيبة، يجعل المسلم في حياة مطمئنة، وهدوء بال، وراحة نفسية، إلى جانب تحصيل الأجر الكثير، ومغفرة الذنوب، كما تجاوز وذكرنا، هذا في الحياة الدنيا، أم الآخرة فالفوز بالجنان والرضوان.

مراجع

  1. ^ سورة التوبة :72
  2. ^ (قاموس المعاني)
  3. ^ (مدارج السالكين) -2/177-
  4. ^ (المفردات في غريب القرآن) للأصفهاني -1/558-
  5. ^ عدة الصابرين (ص/231)
  6. ^ كتاب الفوائد لابن القيم (1/112-113)
  7. ^ مجموع فتاوى ابن عثيمين (3/206)
  8. ^ [مجموع الفتاوى: 10/ 682، بتصرف]
  9. ^ (مدارج السالكين) -1/112-، بتصرف
  10. ^ مدارج السالكين -2/187-
  11. ^ (إحياء علوم الدين) للغزالي -4/344-
  12. ^ (فتح القدير) -5/625-، (تفسير الطبري) -12/ 580-
  13. ^ (تفسير ابن كثير)
  14. ^ (مدراج السالكين) -2/187-
  15. ^ أخرجه الترمذي في سننه: 4/551، ونطق الألباني: حسن، في (السلسلة السليمة) 2/600.
  16. ^ (رواه مسلم) 1/352
  17. ^ (فيض القدير): 2/139.
  18. ^ أخرجه النسائي في (سننه): 3/54، وأحمد بن حنبل في (المسند): 4/264، ونطق الألباني: سليم
  19. ^ رواه مسلم (1/ 62) برقم: 34.
  20. ^ (شرح النووي على مسلم) 2/2.
  21. ^ (رواه مسلم) 1/290
  22. ^ (مدارج السالكين) [2/172].
  23. ^ أخرجه الترمذي: 4/ 609، ونطق الألباني في (سليم الترغيب والترهيب)2/271: سليم لغيره
  24. ^ (مدارج السالكين) -2/177.
  25. ^ (حلية الأولياء) لأبي نعيم الأصفهاني
  26. ^ (إحياء علوم الدين) -4/344-
  27. ^ مدارج السالكين لابن القيم الجوزية
  28. ^ رواه البخاري: 5/2398، ومسلم: 4/2176.
  29. ^ (نظرة النعيم) -6/2124-.
تاريخ النشر: 2020-06-03 19:34:10
التصنيفات: أخلاق إسلامية, تصوف, سلوك, مصطلحات إسلامية, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة أخلاقيات/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رزقا بمولودة بعد 27 سنة زواجا السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:23
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

جيش الصومال يواصل حربه على حركة «الشباب»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:01
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 99%

طرفا الصراع في السودان يوافقان على هدنة 24 ساعة

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:24:58
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 100%

10 عمليات عاجلة لمفاصل منجليي الأحساء السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:20
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 56%

مقتل 21 شخصاً بحريق في مستشفى ببكين

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:03
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 88%

جرحى باشتباكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية في بيروت

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:04
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 93%

تأجيل زيارة الرئيس الجزائري لباريس إلى وقت غير محدد

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:03
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 97%

السعودية: نحرص على إعادة سورية لمحيطها العربي - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:18
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

المحكمة العليا في السعودية تدعو لتحري هلال العيد يوم الخميس

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:24:54
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 88%

الرئيس السوري يستقبل وزير الخارجية السعودي في دمشق

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:24:52
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 85%

ماسك يعزم على تحدي «ChatGPT» بـ«تروث جي بي تي» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:16
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

المبعوث الأممي : طرفا حرب السودان لايريدان الوساطة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:20
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 65%

النواب الأوروبيون يوافقون على إصلاح سوق الكربون

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:24:55
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 87%

مساعدو روبوتات لمحادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:21
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

خيار حذف الحساب إلزامي في Android السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:25:24
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 63%

عنابة: شاب يلقى حتفه  في حادث إصطدام سيارتين بشارع الصديق بن يحي

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:24:31
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 51%

حجز 36000 وحدة من الألعاب النارية في عين التوتة بباتنة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:24:38
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 52%

شلغوم العيد بميلة: حجز مسدس ناري بسوق الخضر والفواكه

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-18 18:24:45
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

تحميل تطبيق المنصة العربية