تسوية بلا ضفاف


تسوية بلا ضفاف

وجدي كامل

إذا صحّت التسريبات بوجود تسوية بين اللجنة الأمنية والمجلس المركزي للحرية والتغيير وما رشح من هوامش تحذيرية مبطّنة من البرهان وحميدتي بأن المؤسسة العسكرية ستراقب الأداء المدني الانتقالي وستتدخل (حال الانحراف) فإن التسوية وإن اكتملت أركانها ستصبح مثل سابقتها قابلة للانقضاض عليها. أكثر من ذلك فسلطات رئيس الوزراء القادم الذي سرّبت المعلومات أنه سيكون بسلطات واسعة أمر ستكذبه الوقائع.

غالباً ما سوف لن تتمتّع سلطات رئيس الوزراء القادم بحريات اختيار بدون تدخل وتقييد.

فرئيس الوزراء لن يتمكّن من السيطرة على الميدان التنفيذي بعدم صلاحياته المطلقة في العزل أو التعيين لشاغلى الوظائف المهمة ومنها وظيفة النائب العام الجديد. ولن يتمكن سيادته (أو دولته) من إقامة منظومة عدلية منحازة تدين بأهداف الثورة واسترداد حقوق الشهداء المتضرّرين بمحاكمة القتلة الضالعين أو المتهمين وهذا يعني تعليق أكثر لقضية فض الاعتصام ولأجلٍ غير مسمى.

وكذلك فإن رؤوس ورموز الفساد السابق والحالي وأعني لصوص المال العام ما بعد انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر والذين سيكونون في مأمن من المساءلة القانونية خاصةً إذا كانوا من جماعات الميليشيات المسلحة وجماعات الموز.

لن يتم تسليم المخلوع للمحكمة الجنائية واسترجاع أموال الدولة المهرّبة والمنهوبة لصالح حساب وزارة المالية. لن يحل جهاز الامن او تعاد حتى هيكلته. لن تجرّد المؤسسة العسكرية من امتيازاتها أو تتغير مناهج التعليم أو يعود بروفيسور محمد الأمين التوم أو القراي لاستكمال مهامهما.

لن يأتي دكتور أكرم جديد يطالب بمجانية العلاج وضبط استيراد الأدوية، ولن تتعدّل منظومات الإعلام ولن تعود الزواحف التي أعيدت إلى الخدمة المدنية إلى جحورها مرة أخرى. وللأسف وبالغ الأسف لن يبلع الكيزان ألسنتهم مرة أخرى.

حينها، وعند ذلك فقط سيتأكد الناس، كل الناس أن حمدوك الأصل ليس بعائد قطعاً، بل من سيأتي هو البديل، البديل الممتاز المشمول بالضرورة برضاء العسكر والموافقة الإقليمية عليه.

حينها سيكتشف الناس أن الراعي الرسمي للحكومة القادمة هي ذات اللجنة الأمنية ولكن بعودة تاكتيكية (إلى الثكنات) باستخدام للريموت كونترول هذه المرة كأمرٍ اقتضته (تكنولوجيا إدارة الأزمات المزمنة بمعاونة أصحاب المصالح الإقليمية والدولية).

في كلمة واحدة سيسجل التاريخ بأحرف بارزة (ولكنها ليست من نور بالطبع) أنه وبالتسوية هذه، وبدقة مواقيت التوقيع عليها فإن المجلس المركزي للحرية والتغيير سيكون قد قفز في الظلام قفزته الأخيرة وكتب خاتمة متاهته في رحلة البحث عن سلطة بلا مخاطر أو عقبات.

المجلس المركزي وإن أرادها هذه المرة سلطةً تشاركية مبرأة من العيوب وأهمها إثبات أنه مفوض حقيقي من الشعب للحديث باسمه فعليه وقبل فتح النقاش حول المشاركة عبر الندوات واللقاءات الجماهيرية واتباع منهج الشفافية أن يفتح النقاش على مستوى جميع اللجان (التحتية) بداخله ومنها اللجنة التنفيذية والإجابة على سؤال ديمقراطية ونزاهة تكوين نفسه ومكوناته من أشخاص بداخله وأسباب وجود وتنفّذ أسماء بعينها على مكونه.

المركزي وبلا أدنى تهاون أو تأخير عليه تمثيل الأحزاب والقوى المدنية ذات السبق والمشاركة الحيوية في إنشائه قبل أن يقوم بانقلابه المشهور بقاعة الصداقة في نهاية حكم حمدوك ويقفل باب عضويته على أحزاب وشخصيات تقوم الاتهامات عليها بأنها تغش سياسياً وتحشر نفسها بتواطؤ جماعي ناعم من جميع أعضاء المركزي.

غير أنه ورغم أهمية ما سبق ولصالح النزاهة والشفافية والأمانة الثورية فإن على المجلس المركزي إعادة تعريف الانتقال وفهم شرط التحول الديمقراطي بالعمل على إيجاد آلية، أو العمل ضمن أوسع جبهة مدنية ممكنة حتى ينجو من موت محقق آتٍ لا محالة إن مضى وحده في شراكة جديدة.

wagdik@yahoo.com

تاريخ الخبر: 2022-10-17 09:22:32
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

استمرار هطول الأمطار الغزيرة بعدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:23:41
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 52%

نزاهة توقف 166 شخصا بتهمة الفساد من 7 جهات حكومية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:23:40
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

في ذكرى رحيله الأولى.. سر حب مصطفى درويش لمدينة دمنهور - منوعات

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:21:07
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 69%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (١)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:21:34
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية