هدوء متوجس ساد العاصمة التشادية نجامينا، صباح الجمعة، حسب ما أوردت مصادر صحفية. ذلك بعد ليلة دامية قضتها المدينة، يوم الخميس، إثر مواجهات عنيفة اندلعت بين قوات الأمن ومحتجين رافضين لتمديد المجلس الانتقالي العسكري فترة بقائه في حكم البلاد، راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح.

وفي وقت اعتبر فيه رئيس الحكومة التشادي الأحداث "محاولة انقلابية مدعومة من الخارج"، يصر المحتجون على نفي هذا الأمر مطالبين بعودة مقاليد السلطة إلى يد المدنيين. بالمقابل، يجمع مراقبون بين ما حصل وبين العداء المتنامي لفرنسا في المنطقة، حيث تعد باريس الحليف الأبرز لرئيس المجلس العسكري محمد إدريس ديبي.

مظاهرات واسعة و60 قتيلاً

تظاهر المئات في العاصمة نجامينا ومناطق أخرى من التشاد، يوم الخميس، تزامناً مع التاريخ الذي وعد فيه المجلس العسكري بنقل الحكم إلى مدنيين منتخبين، ذلك قبل أن يمدد مؤخراً الفترة الانتقالية لعامين إضافيين. وطالب المتظاهرون بإسقاط حكم العسكر، وإقامة انتخابات مدنية نزيهة.

واندلعت مواجهات دامية بين المحتجين وقوات الأمن، راح ضحيتها 50 قتيلاً وأكثر من 300 جريح، معظمهم في نجامينا ومدينتي موندو وكومرا، وفق ما صرّح به رئيس الوزراء التشادي صالح كبزابو. وفي وقت لاحق، ذكر المتحدث باسم الحكومة عزيز محمد صالح إن 30 شخصاً قُتلوا في العاصمة نجامينا، و32 محتجاً في موندو.

ووصف رئيس الوزراء التشادي صالح كبزابو بـ"الانقلاب الفاشل"، واتهم المحتجين بكونهم ممولين من الخارج. وأعلن فرض حظر تجول بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، والذي سيظل ساري المفعول حتى "الاستعادة التامة للأمن" في بؤر الاضطرابات.

لماذا كل هذا الغضب؟

بعد مقتل الرئيس السابق إدريس ديبي، تولى المجلس العسكري الانتقالي بقيادة نجله محمد حكم البلاد، متعهداً بتسليم السلطة إلى المدنيين في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2022. وهو التعهد الذي خلفه المجلس نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، عندما قرَّر تمديد الفترة الانتقالية لعامين إضافيين.

هذا ما أثار سخطاً واسعاً لدى تيارات المعارضة، التي قاطعت لقاءات المصالحة الوطنية التي أجراها سابقاً المجلس العسكري بالدوحة، فآثرت الخروج إلى الشارع للاحتجاج والاشتباك مع قوات الأمن التي سعت إلى فض تلك المظاهرات.

في حديثه لـTRT عربي، يكشف الصحفي التشادي محمد جدي حسن، عن أن "الأمور عادت شيئاً فشيئاً إلى الهدوء في العاصمة نجامينا، لكنه هدوء حذر والناس خائفة"، مشيراً إلى وجود مخاوف من تحول الاحتجاجات إلى صدامات طائفية "مع سيطرة المكونات الجنوبية المسيحية على المظاهرات، واتهامهم لتشاديي الشمال المسلمين بالتواطؤ مع السلطة".

وفي سياق تأكيد هذه المخاوف، شهر سبتمبر/أيلول الماضي، انتقد رئيس المجلس العسكري محمد ديبي، ما أسماه انحياز كنائس الجنوب إلى أطراف معارضة من الطيف السياسي بالبلاد، محذراً من أن هذا الانحياز قد يقود البلاد إلى حرب أهلية جديدة.

وإضافة إلى هذا، ربط جدي حسن بين المظاهرات الأخيرة وموجة العداء، سواء على مستوى الفعاليات المشاركة في تلك المظاهرة أو على مستوى جهود فرنسا لدعم بقاء ديبي على رأس السلطة. وقال الصحافي التشادي: "العداء لفرنسا موجود بشكل كبير في مظاهرات أمس، لأن فرنسا الداعم الدائم لسلطة المجلس العسكري، وهي مستعدة لقتل الآلاف من أجل بقاء السلطة الحالية.

هذا وشهدت تشاد، مثل باقي دول منطقة الساحل، مظاهرات مناهضة للنفوذ الفرنسي في البلاد شهر مايو/أيار المنصرم. حيث رفع المحتجون وقتها شعارات "نريد فرنسا أن تغادر"، كما هاجموا عدداً من الشركات والمصالح الاقتصادية الفرنسية في البلاد. وقادت تلك المظاهرات حركة "وقيت تما" (حان الوقت)، التي استنكرت مساندة فرنسا للمجلس العسكري الانتقالي.

TRT عربي