لبنان: السياح العراقيون يقدمون مساعدة غير متوقعة لاقتصاد البلاد المنهار

  • آنا فوستر
  • مراسلة الشرق الأوسط - بي بي سي

صدر الصورة، BBC/Jewan Abdi

التعليق على الصورة،

يقول العراقيون إن لبنان بلد رخيص وسهل للسائح

اهتزت حافلة فاطمة زغيب على صوت التصفيق والغناء، وهي تسير بصعوبة على الطرق الجبلية الضيقة في لبنان.

يستمع الركاب إلى أغنيتهم العراقية المفضلة. كانت فاطمة معلمة لغة فرنسية، وهي الآن مرشدة سياحية، وتستقبل كل يوم ما يصل إلى 100 سائح عراقي، في أجمل المواقع في البلاد.

إنهم أجزاء من موجة جديدة من السياح الذين يصلون إلى لبنان، في الوقت الذي هجره فيه كثير آخرون من جميع أنحاء العالم. في الواقع، إنه الآن الوجهة الأولى للسياح العراقيين. وتثبت دولاراتهم الأمريكية أنها ضرورية للاقتصاد.

لدى لبنان الكثير ليقدمه للسياح العراقيين. يمكنهم الآن الحصول على تأشيرات رخيصة الثمن بسهولة عند وصولهم إلى المطار. إلى جانب سعر الصرف الجيد بالنسبة لهم، فإنه يجعل الرحلة هنا جذابة حتى لأصحاب الدخل المنخفض.

  • كيف تغيّر وجه بيروت بعد انفجار المرفأ
  • برلمان لبنان الجديد: لا غالب ولا مغلوب، فماذا بعد؟

نتشارك العربة الحمراء أنا وجنة حسين التي جاءت من بغداد، على "تلفريك دو لبيون" الذي ينقل الركاب إلى الجبال الشاهقة في جونية. تبدو مناظر الساحل مذهلة من نوافذها المقوسة، وتستخدم جنة هاتفها باستمرار لجمع الصور ومقاطع الفيديو لنشرها على منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • أزمة الخبز في لبنان: كيف بدأت؟ وهل حقا تم منع بيع الخبز للسوريين؟
  • بوكو حرام: النساء اللاتي يمشين عشرات الأميال لإنقاذ حياة أطفالهن
  • راغب علامة: استياء من صوره مع زوجة سفير العراق بالأردن ووزارة الخارجية تتدخل
  • انفجار مرفأ بيروت: كيف تغيّر وجه المدينة التي أنهكتها أزمة اقتصادية حادة

قصص مقترحة نهاية

صدر الصورة، BBC/Jewan Abdi

التعليق على الصورة،

تقول جنة حسين إنه تصرف في لبنان أموالا أكثر من أي موقع سياحي آخر

قالت لي "إنه بلد جميل للغاية، ولهذا السبب أتينا إلى هنا.. لم نأت من قبل، لكن الأمر مختلف الآن. ليس هناك صعوبة في الحصول على تأشيرة، بالإضافة إلى أن الدولار الأمريكي يساوي أكثر، لذا فهو بالنسبة لنا إحدى أرخص الوجهات التي يأتي إليها السياح".

لكن ماذا عن المشاكل في لبنان، كانقطاع التيار الكهربائي ومشاكل العملة؟ تبتسم "لقد تعودنا على ذلك.. حتى في العراق ليس لدينا كهرباء. والناس متعبون، وهم بحاجة إلى الاسترخاء. لذا يأتون إلى هنا".

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟

الحلقات

البودكاست نهاية

يتفق عبد القادر الجميلي من هيئة السياحة العراقية على أن شعبه صامد. "لقد مررنا بهذه الأنواع من الصعوبات لسنوات عديدة. الصراعات السياسية في لبنان والعراق هي حياة يومية يعيشها كلا البلدين. لذلك ليس من الصعب على الإطلاق على العراقيين الذهاب إلى لبنان، بغض النظر عن الوضع الاقتصادي أو المشاكل الأمنية لديه".

وهناك أسباب أخرى أيضا. اعتاد الكثير من العراقيين على زيارة الجارة تركيا. لكن في يوليو/تموز، أصيب منتجع في شمال العراق بقذائف مدفعية، مما أسفر عن مقتل ثمانية سياح. نفت تركيا أي تورط لها، لكن بعض الناس غيروا خطط عطلتهم غضبا من ذلك، مثل أحمد صالح.

يقول أحمد "بعد القصف، لا أشعر بالأمان في الذهاب إلى تركيا لأننا لم نكن متأكدين من إمكانية حدوث تصعيد مع الحكومة العراقية في المستقبل".

وصل أحمد إلى لبنان قادما من العراق قبل أيام قليلة، وتحدثنا أثناء تجولنا في المرسى الجميل المليء بالقوارب في جبيل. كانت السياسة مجرد جزء واحد من اختياره للمجيء إلى هنا.

وقال "في العراق ليس لدينا العديد من الأماكن لزيارتها للخروج من منطقة التوتر هذه، لذلك عادة ما نسافر ونذهب إلى بلدان سهلة (الدخول إليها) .. قررت يوم الثلاثاء أنني أريد السفر، وكنت يوم الأربعاء على متن الطائرة".

صدر الصورة، BBC/Jewan Abdi

التعليق على الصورة،

أحمد صالح وزوجته يلتقطان صورة سيلفي على ساحل البحر الأبيض المتوسط في لبنان

فقدت العملة اللبنانية 90٪ من قيمتها في السنوات القليلة الماضية، بينما يعاني الاقتصاد بشدة. تعيش الغالبية العظمى من اللبنانيين الآن في فقر، وبات التمكن من تحمل تكاليف أساسيات الحياة صراعا. لا يملك الكثير نقودا زائدة لإنفاقها على أشياء مثل التسوق وتناول الطعام بالخارج. لذا فإن الأموال التي يجلبها السياح العراقيون معهم وينفقونها في أماكن مثل المحالّ التجارية والمقاهي، تساعد في الحفاظ على استمرار الأعمال التجارية.

اليوم، أحضرت المرشدة السياحية فاطمة زغيب مجموعة سياح إلى سهل البقاع. توقفوا لتناول طبق من معجنات صفيحة المحشوة بلحم الضأن. في هذه المنطقة ستجد أفضلها في لبنان.

تعمل جوليا نعمة في مطعم "اللقيس فارم"، المزدحم على الطريق السريع الرئيسي. تشرح قائلة "من المؤكد أن وجود السياح العراقيين يعد تغييرا كبيرا هنا .. خاصة هذا العام، كان هناك الكثير منهم. إذا لم يكونوا هنا، لكنا نشعر بالفرق لأن الأرقام عالية جدا. إنهم ينفقون الكثير من المال في هذا المكان. إنهم بالتأكيد ينشطون اقتصادنا".

كان الدكتور سجاد الخفاجي، أحد أعضاء المجموعة السياحية، في لبنان لمدة 28 يوما، وتجول في جميع أنحاء البلاد للاستمتاع بمعالمها التاريخية. كانت محطتهم الأخيرة في اليوم لمشاهدة المعابد الرومانية المدمرة التي يبلغ عمرها ألفي عام في بعلبك. من المذهل النظر إليها، قطع ضخمة من الحجر ذي اللون الأصفر الذهبي وأعمدة شاهقة تشمخ نحو الشمس. إنها أيضا من أكثر الأماكن قيمة في العالم من الناحية التاريخية، لكن الفناء المفتوح على مصراعيه ليس مزدحما.

صدر الصورة، BBC/Jewan Abdi

التعليق على الصورة،

السياح العراقيون يساعدون في إنعاش الاقتصاد اللبناني المتضرر بشدة

يوضح سجاد "السبب الرئيسي الذي دفعني للمجيء إلى لبنان هو أنه قريب من العراق، وشعبينا قريبان من بعضهما البعض أيضا. لدينا لغتنا العربية المشتركة وعلاقاتنا الودية. كلانا نحب وندعم بعضنا البعض خلال أزماتنا".

  • سعد الحريري: من يرث زعامة السنة في لبنان؟

وتعتقد المرشدة فاطمة، التي شجعها أصدقاؤها العراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير حياتها المهنية، أن توجهها الجديد أمر حيوي.

وتقول "ليس لدينا صناعة ولا تجارة ولا شيء في لبنان. هذا ما جذبني إلى السياحة. إنها أفضل طريقة لإنقاذ البلاد".

على الرغم من آمال فاطمة، فإن السياحة وحدها لا تكفي لعكس مسار اقتصاد البلاد المنهار. المشاكل كبيرة للغاية. لكن كل دولار ينفقه هؤلاء السياح العراقيون الجدد يساعد على النجاة من الأزمة المالية في لبنان.