لم يمر لقاء رئيس الحكومة عزيز أخنوش بزعماء المعارضة مرور الكرام، بل ترك وراءه غبار جدل متصاعد أساسه صراع حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، حيث حضر اللقاء سالف الذكر الأمناء العامون للأحزاب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي، في ما حضر جامع المعتصم ليس بصفته ممثلا لحزب العدالة والتنمية، لكن بصفته “مستشارا في ديوان رئيس الحكومة، أخنوش الذي يبلغ صدامه السياسي مع عبد الإله ابن كيران مرحلة قصوى من حيث التراشق وتبادل الاتهامات.
غاب ابن كيران وحضر نائبه في الحزب جامع المعتصم، هكذا تقول الصورة المُلتقطة على هامش لقاء أخنوش والمعارضة، لكن توالت ردود الفعل بين الترويج لحضور المعني بالأمر حيث تضاربت الصفات، قبل أن يدخل “البيجيدي” على الخط ليتبرأ ضمنيا من حضوره، مؤكدا أن المعتصم تواجد في الاجتماع بصفته مكلفا بمهمة داخل ديوان رئيس الحكومة وليس مستشارا كما تم التوريج له، دون أن يشرح تفاصيل المهمة الملكف بها علما أن الرجل سبق له وأن اشتغل في ديوان رئاسة الحكومة لولايتين سابقتين.
وحاول البيجيدي الرد على المفاجأة غير متوقعة وذلك ردا على “الزوبعة” التي أثيرت حول كون جامع المعتصم، النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يشتغل مستشارا لرئيس الحكومة، وحول تناقض ذلك مع أخلاقيات العمل السياسي. مشيرا إلى أن المعتصم يعمل فعلا مكلفا بمهمة في ديوان رئيس الحكومة أخنوش، وأن أخنوش هو الذي رغب أن يعمل معه معتصم، بعد أن قرر الاحتفاظ به کمکلف بمهمة لدى رئاسة الحكومة، وليس كمستشار لرئيس الحكومة، وهو الأمر الذي لم يعترض عليه جامع المعتصم، وفق ما أفاد به بيان الحزب.
وفي قراءة للموضوع، يبدو أن ملف المعتصم وحضورة في اللقاء المذكور هو يخضع حتما لحسابات سياسية، بحيث أنه وبالعودة إلى مسار الرجل نجد أنه مساره السياسي لفّه كثير من الجدل لا سيما وأنه سبق وأن اعتُقل يوم 12 يناير2010، إذ كان يشغل وقتها منصب عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ونائب عمدة سلا ورئيس مقاطعة تابريكت بذات المدينة، بعد التحقيق معه في موضوع شكاية والعمدة السابق لسلا إدريس السنتيسي. وبعدها يُفْرَجُ علي المعتصم ليدخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي بعد حصوله على عفو ملكي، قبل أن يُعيِّنَ مديرا لديوان رئيس الحكومة.
لماذا أثار حضور جامع المعتصم الجدل ؟ هناك ضرورة للإجابة على سؤال حاسم.. من هو المعتصم؟
ملف اعتقال المعتصم وقتها، قال عنه عبد الإله بنكيران إنه “مدّبر”، متهما حزب الأصالة والمعاصرة بالوقوف وراء ما يقع لنائب عمدة مدينة سلا ورئيس مقاطعة تابريكت وعضو الأمانة العامة للحزب انذلك، مشيرا إلى أن جامع المعتصم موجود في السجن ليس لأنه ارتكب مخالفة قانونية أو اختلس أموالا عمومية، فهو رجل يتحرى ويتحرج من أخذ ما عنده فيه حق، ولكنه موجود في السجن، فقط لأنه انتصر على إلياس العمري في تحالفات تشكيل مجلس مدينة سلا”، مؤكدا على أن جامع المعتصم خدم مدينة سلا بشكل مشرف، وتعرض لضغوطات من أجل فك الارتباط مع عمدة سلا انذلك نور الدين الأزرق، مشددا على أن ذلك هو السبب الوحيد والحقيقي.
وقرر حزب العدالة والتنمية، قال ابن كيران عدم السكوت عما يقع مهما كلفه ذلك من ثمن، لأن الأمر لم يعد يحتمل السكوت، مضيفا أن دخول المعتصم إلى السجن يعد من أكبر الكبائر لأنه رجل نزيه وحريص على تطبيق القانون أكثر من غيره، واعتبر أن القضية سياسية مخدومة بشكل دنيء لا يقدم عليه العقلاء ومن لهم بعد النظر. وتساءل المتحدث عن عدم مساءلة العمدة السابق ادريس السنتيسي المستفيذ الأول من هذه القضية، حول ثروته وحول العديد من الملفات المشبوهة التي يعرفها الرأي العام الوطني والسلاوي على وجه التحديد، ليؤكد أن المستهدف هو حزب العدالة والتنمية.
لكن الرجل (جامع المعتصم) له رواية أخرى مغايرة، قائلا “اعتقلت لأني رفضت صفقة”. دون أن يكشف تفاصيلها. قبل أن تتوالى التعليقات على الإفراج عن المعتصم، إذ قال إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة وقتها، الذي اُتهم بوقوفه وراء اعتقال المعتصم، إن إطلاق هذا الأخير يعتبر “صفقة مع الدولة”.
