عزيزي القاريء تحدثت معك في المقال السابق عن لحن:شيري ني ماريا مرد الإبركسيس الكبير. واليوم اريد أن أستكمل الحديث معك ونغوص بين نغماته الشجية ومعاني كلماته الروحية.

❖ الجزء الأول من اللحن:
يبدأ اللحن أول ما يبدأ بنغمات ثابتة عريضة ملؤها القوة لكنها في كل نهاية مقطع منها تميل إلى الإنحناء إلى أسفل إلى الاستسلام. أنه ملخص حياة العذراء القوة والثبات في الإيمان بكل ما يقوله لها الملاك وإلهامات الروح القدس، والتسليم والخضوع في كل شئ. التسليم لقيادة الروح القدس عند اختياره بإخضرار عصاة يوسف النجار البار مع الحمامة التي استقرت فوقه، ليأخذها إلى بيته رغم أنها كانت عاقدة العزم على ان تبقى بتولاً، وهو الفكر الذي لم يكن يخطر ببال فتاة يهودية في ذلك العهد، كتعبير القس يوحنا حنين كاهن كنيسة مارمينا فلمنج بالأسكندرية – في كتابه القديسة والدة الإله مريم العذراء الدائمة البتولية (طبعة 76).

ثم تسليمها العجيب لما قاله الملاك في بشارته رغم صعوبة الأمر عليها، بل على البشرية كلها ورغم لحظة الاستغراب الضئيلة التي قالت فيها للملاك “كيف يكون لي هذا وأنا لست أعرف رجلاً” إلا أنها قدمت في شخصيتها هذا التسليم العجيب وقالت: “هوذا أنا آمة الرب ليكن لي كقولك”

كيف تجتمع القوة مع التسليم أنها العذراء وأنه أيضاً لحن العذراء الذي رغم القوة التي فيه إلا أنه ينحني حيناً بعد حين معلناً أن القوة لا تمنع التسليم بل تؤكده وتبعد عنه كل ما يمكن أن يصفه بالضعف.

ويمضي اللحن ليصور إلى جوار روح التسليم التي تميزت بها السيدة العذراء، روح التواضع التي كانت ترفرف على حياتها فإختارها الرب ورضيها مسكناً له.

فمن هذه التي كانت تستطيع أن تحتمل كل هذا المجد والبهاء العظيم الذي به ستدعى “والدة الإله”. من هذه التي تستطيع أن تحتمل أن يقال لها:

“الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك

والقدوس المولود منك، يدعى ابن الله”

من هذه التي تستطيع بعد كل هذا المجد، أن تظل متضعة ومنسحقة وتنحني في تواضع وتقول : “هوذا أنا أمة الرب”

لذلك فاللحن يصور ذلك بنغمات ترتفع وتختال في عظمة وبهاء لكم بعد ذلك تنخفض وتنحني في تواضع جم لينتهي الجزء الأول من اللحن بسلسلة من المتواليات الإنخفاضية جميعها تؤكد شخصية العذراء الممثلة في التسليم والتواضع الحقيقي الذي ليس بالقول فقط “هوذا أنا أمة الرب” لكنه بالفعل الذي فاق القول إذ ذهبت لتصير “خادمة” ليس للرب فقط بل لأليصابات نسيبتها الحبلى بإبن في شيخوختها.

❖ الجزء الثاني من اللحن:-
أما الجزء الثاني من اللحن فهو إعادة كاملة دون حذف أو تغيير للجزء الأول وكان هذا الآب القديس الذي صاغ هذا اللحن يريد أن يؤكد على أهمية التسليم والتواضع في حياة العذراء أو كأنه في الجزء الأول يستعرض ذلك في حياة العذراء أما في الجزء الثاني فكأنه يطلب منا أن نتمثل به في حياتنا وان نكرر هذا النموذج الذي قدمته العذراء في تسليمها وتواضعها.. في حياتنا فنتشبه بها ونتمثل بفضائلها.

عزيزي القارئ سوف أكتفي بهذا القدر من شرح الجزء الأول والثاني من لحن: شيري ني ماريا مرد الإبركسيس الكبير. وإلى اللقاء في المقال القادم والجزء الثالث من هذا اللحن الرائع ” فإلى أن التقى بك أتركك تستمتع بنغماتهالعذبة.

رابط اللحن: