المقاومة السودانية.. هل تقبل التسوية السياسية؟


عبّرت بعض لجان المقاومة السودانية، عن مواقف متباينة حيال التسوية السياسية المنتظرة بين الانقلابيين والقوى المدنية لتجاوز الأزمة الراهنة، وتدرجت الآراء ما بين الرفض القاطع والقبول المشروط.

التغيير- الخرطوم: فتح الرحمن حمودة

مع إكمال انقلاب قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، عاماً كاملاً في 25 اكتوبر المنصرم، وصل سوء الحال مرحلة غير مسبوقة في كل مناحي الحياة، ما دفع البعض للتمسك بأي خيط أمل يسهم في إعادة الفترة الانتقالية إلى مسارها الصحيح لإكمال التحول المدني الديمقراطي.

وفي وسط هذا الخضم المتلاطم، برز الحديث عن التسوية السياسية التي يجري الإعداد لها كأحد المخارج الممكنة من الوضع المزري الحالي، لكن هذه التسوية المتوقع إبرامها بين قادة الانقلاب والمدنيين تواجه معضلات كثيرة على عدة مستويات، ورغم أن قوى عديدة عبرت عن آرائها تجاه التسوية المبنية على مسودة الدستور الانتقالي الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، إلا أن عنصراً مهماً لم يتم استصحابه بالصورة الكافية في هذا الجانب وهو لجان المقاومة التي تمثل حجر الزاوية في الحراك الثوري الرافض للانقلاب والديكتاتورية بكل أشكالها.

وكانت قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي كشفت عن رؤيتها للحل السياسي وإنهاء الانقلاب، وذلك من خلال ثلاث وسائل أولها العمل الجماهيري في الشارع، التواصل الدبلوماسي مع المجتمع الإقليمي والدولي والعملية السياسية.

وعبّرت لجان مقاومة، عن مواقف متباينة حيال التسوية المنتظرة، وتدرجت الآراء ما بين الرفض القاطع والقبول المشروط، وإن أجمعت كلها على ضرورة أن تعالج القضايا الرئيسية، وألا تقود لمحاصصة.

«التغيير» سعت إلى الحصول على إجابات للأسئلة المطروحة بشأن حدوث تسوية بين العسكر والمدنيين، من بعض المنضوين تحت مظلة لجان المقاومة، ومواقفهم من التسوية ومن رؤية المجلس المركزي حول إسقاط الانقلاب.

رفض قاطع

ربما كانت غالبية القوى الثورية التي فقدت الثقة في العسكر مع رفض التسوية كلية والمضي في خط مقاومة الانقلاب حتى يتم إسقاطه، وهو رأي يتفق معه عضو لجان المقاومة «أحمد عصمت» الذي قال لـ«التغيير» إن رويتهم أصبحت واضحة لمستقبل العملية السياسية في البلاد، وأضاف: «لذلك نرفض التسوية السياسية الجارية حالياً».

واعتبر أن رؤية المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بشأن إسقاط الانقلاب ما هي إلّا اتفاق على الحد الأدنى الذي ينتج العديد من المشاكل والخلافات، فالهدف النهائي لديه معانٍ مختلفة- على حد تعبيره.

وأشار عصمت إلى أن ميثاق لجان المقاومة أصبح خارطة الطريق لإسقاط الانقلاب من حيث بناء تحالف قاعدي متفق في الرؤية السياسية والمصالح وغيره حتى الوصول إلى الهدف النهائي.

واتفق معه عضو لجان المقاومة «فضيل عمر»، واعتبر أن التسوية السياسية الجارية «ما هي إلا إعطاء الترياق للمجلس العسكري المسموم ليتعافى ويعود ليقتلنا من جديد».

وقال لـ«التغيير»: «أنا لا أثق في قيادات المجلس العسكري الحالي ولا المليشيات التي حوله».

ورأى فضيل أن كل أنواع التسوية في الوقت الحالي- إن وجدت- لن تقود لإنجاز التحول الديمقراطي.

وأوضح أن المجلس العسكري غير جاد ولا يرغب في التسوية فقط يريد إنتاج شراكة جديدة بشروطه مع استجلاب عناصر النظام السابق.

ووصف فضيل المجلس المركزي للحرية والتغيير بأنه عاجز عن إنتاج فعل سياسي ولديه عجز مؤسسي وليس لديه خطاب سياسي يضمن له القاعدة الجماهيرية الواسعة- حسب تعبيره.

ونوّه إلى عوامل أخرى منها الهجوم المتكرّر من الحزب الشيوعي والجذريين كما يسمون أنفسهم، وقال إن هؤلاء أيضاً ليس لديهم خطاب سياسي ويعتمدون بشكل أساسي على إنتاج خطاب هجومي للحرية والتغيير وما تقوم به من خطوات.

ورأى فضيل أن التيارين الجذري والإصلاحي الذي يدعو للتسوية إذا لم تتحقق لهما شروط الوجود بالسلطة في المرحلة القادمة لاستنساخ فشلهم مرة أخرى فلن يكونوا جزءاً من أي اتفاق قادم.

تسوية بمواصفات

من جانبه، اعتبر عضو المقاومة «كاسبر ثوري»، أن التسوية- التي يراها- هي التي تعيد البلاد إلى منصة التأسيس بمعالجة القضايا المركزية والمظالم التاريخية وجرائم الإبادة الجماعية في المناطق التي شهدت الحروب.

وقال لـ«التغيير»، إن هذا لن يتم إلا إذا ارتكزت التسوية على مبدأ عدم الإفلات من العقاب الذي يمثل حجر الزاوية في التسوية التأسيسية.

وأشار إلى أن أي حوار أو تفاوض يجب أن يفضي إلى اتفاق أو تسوية تعالج القضايا الأساسية التي تمثل أهداف الثورة، وأضاف: «إذن التسوية ليست مرفوضة من حيث المبدأ بل المرفوض هو التسوية التي تقوم على المحاصصة السياسية ولا تعالج القضايا الرئيسية».

ورأى كاسبر أن رؤية الحرية والتغيير- المجلس المركزي تجاهلت قضايا أساسية وملفات مهمة إضافة إلى استنادها على مشروع دستور به الكثير من الثغرات التي أشار إليها الخبراء، ونوّه إلى أن الرؤية لم تشارك قطاعات واسعة من جماهير الثورة والقوى التي رفضت الانقلاب.

ومضى عضو لجان المقاومة أحمد كرار في ذات الاتجاه، وقال لـ«التغيير»: «أنا لا أرفض أي تسوية سياسية في ظل الوضع الحالي المتأزم ولكن بشرط أساسي هو أن يكون شكل الحلول السياسية يلبي الكم الأكبر من المطالب التي ينادي بها الشارع السوداني»، وأضاف: «التسوية ما كعبة لكن كعبة التسوية الكعبة».

ووصف كرار رؤية المجلس المركزي بالخطوة الممتازة في وضع شكل الدولة القادمة، وقال: «هنالك نقاط تحتاج إلى مكاشفة من بينها تعريف وتسمية مكونات قوى الانتقال بصورة مباشرة واستبعاد أو استمرارية لجنة البشير الأمنية من السلطة تحتاج إلى رد واضح من المجلس المركزي لجماهير الشعب السوداني».

عموماً، ربما باتت مواقف القوى السياسية والمكونات الثورية من التسوية المطروحة جلية إلى حدٍ ما، لكن مع الحراك الكثيف الدائر في الساحة السودانية هذه الأيام يصعب التكهن بما ستؤول إليه الأمور، وما إذا كان مشروع التسوية أو الاتفاق السياسي المنتظر سيكتمل أم لا، وما إذا كان سينقل البلاد ومرحلة الانتقال إلى مربع جديد أم سيعقد المشهد أكثر!!

تاريخ الخبر: 2022-11-04 03:22:37
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

انطلاق فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 21:25:16
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية