كان وديع فلسطين طالبًا في الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1941، وأخبرهم المشرفون أن الآنسة مي زيادة قد عادت إلى مصر من لبنان وستلقي محاضرة في القاهرة الشرقية تحت عنوان "عش في خطر"، وذلك بدعوة من المستشرق الدكتور تشارلز آدمز صاحب كتاب "الإسلام والتجديد". 

أبدى وديع فلسطين اعتذاره عن المشاركة في موكب الجمهور لالتزامه بامتحان في ذلك اليوم، لكنه أبلغه بأنه سيحرص على حضور محاضرات مي زيادة في المرة المقبلة. 

لم تكن هناك مرات مقبلة، كانت محاضرة “عش في خطر” آخر ما ألقته مي زيادة من محاضرات عامة، ونشرت المحاضرة في جريدة "القافلة" التي كان وديع فلسطين من محرريها في الجامعة، وحسبما كتب في مقاله عن عصر مي زيادة بمجلة "الأديب" 1974، أنهم نشروا مقدمة المحاضرة بـ :"الدنيا كلها خطر، وتاريخها حافل بالأخطار، لذا يجب على المرء ألا يخشى الخطر في هذه الحياة، كما قالت الآنسة مي في محاضرتها عش في خطر التي ألقتها يوم الأثنين 20 يناير الساعة الخامسة والنصف بالقاعة الشرقية". 

وروى وديع فلسطين، أنه فاتته المرة الوحيدة التي أتيح له رؤية وجه مي زيادة، لأنها ارتكنت إلى العزلة بعدها إلى أن ودعت الحياة في 19 أكتوبر من نفس السنة التي ألقت فيها المحاضرة عام 1941. 

يذكر أن الكاتب وديع فلسطين توفى بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز 99 عامًا، ولوديع فلسطين العديد من الكتب والترجمات التي أثرى بها المكتبة العربية.

وديع فلسطين ولد في عام 1923 بمركز أخميم بمحافظة سوهاج، وتخرج فى قسم الصحافة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عام 1942، وعمل بالصحافة السياسية والاقتصادية والأدبية، وكانت بدايته في جريدتى "المقتطف" و"المقطم" بين عامى 1945 و1952.

ألّف وديع فلسطين وترجم ما قد يجاوز عدده أربعين كتابا في الأدب والاقتصاد والسياسة وعلوم الصحافة التي قام بتدريسها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة على مدى عشر سنوات، بين عامي 1948 و1957. ولعل أهم كتبه الأدبية الكتاب الصادر عام 2003 والمعنون "وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره"، وهو في جزءين، يسجل فيهما علاقاته بنحو مائة من الأعلام في مصر والبلاد العربية والمهجر وديارات المستشرقين. وذُكر بأنه أول من تنبأ بأن نجيب محفوظ سوف يصبح ذا شهرة عالمية، وبالفعل فقد حاز على جائزة نوبل للأدب عام 1988.

شارك في إخراج عدد من الموسوعات، منها الموسوعة العربية الميسرة، و"موسوعة الأقباط" باللغة الإنجليزية الصادرة في ثمانى أجزاء عن جامعة.