بعد فكّها أسر نظام الفصل العنصري في 1991، تفوّقت جنوب إفريقيا على المغرب (14-10)، واستضافت النهائيات في عشرة ملاعب بلا مشكلات، رغم تخوُّفات من الأمن والإقامة والنقل.

صدحت أغنية "واكا واكا" بصوت المغنية الكولومبية شاكيرا محققة انتشاراً عالمياً كاسحاً. لكن الفوفوزيلا، وهي بوق بلاستيكي طويل يُصدِر صوت سرب من النحل أو محرّك زورق يختنق، خلقت ضوضاء تحوّلت من بدعة خفيفة الظلّ افتتاحاً إلى ضجيج مريع.

آلة الجحيم

أزعجت القنوات الناقلة ولاعبين على غرار الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، لعوقها التواصل بينهم، فوصفها أحد الصحافيين بـ"آلة الجحيم".

ولم تكن كرة جابولاني الرسمية أكثر ترحيباً، لصعوبة توقع مسارها، فوصفها حارس البرازيل جوليو سيزار بأنها "كرة سوبر ماركت" واتفق معه معظم زملائه.

وشهدت البطولة مفاجآت، فأُقصيت إيطاليا حاملة اللقب وفرنسا بطلة 1998 من الدور الأول، وبلغت ستة منتخبات أوروبية فقط من أصل 13 دور الـ16، لكن إسبانيا وهولندا أفلتتا من الكماشة.

وأصبحت جنوب إفريقيا أوّل مضيف يفشل في تخطي الدور الأول، وتُوّجت إسبانيا باللقب لأول مرة في تاريخها، فيما كان معدل الأهداف (2.27) الأدنى منذ 1990.

لمسة يد تتحوّل إلى مصيبة

ودّعت فرنسا كأس أوروبا 2008 باكراً، ولاحقت فضائح أخلاقية مهاجميها كريم بنزيمة وفرانك ريبيري وخاضت ملحق التأهل للمونديال أمام إيرلندا.

بلمسة يد فاضحة من تييري هنري طاردته بتعمُّد الغش، تأهلت فرنسا وعوّض فيفا على إيرلندا بخمسة ملايين دولار.

لكن وصيفة 2006 لعبت بأجواء مسمومة، تمرّد ومشكلات بين اللاعبين.

وتعادلت مع الأوروغواي افتتاحاً بلا أهداف، وفي استراحة المباراة الثانية ضدّ المكسيك (0-2) توجّه المهاجم نيكولا أنيلكا إلى مدرّبه ريمون دومينيك بأفظع العبارات، فاستُبعد من المنتخب.

قبل المباراة الثالثة ضد جنوب إفريقيا (1-2) وقع شجار بين القائد الجديد باتريس إيفرا ومدرب اللياقة، فانسحب اللاعبون إلى الحافلة، وقرأ دومينيك، الذي تحوّلت آراؤه حول التنجيم إلى مادة للسخرية، بياناً غاضباً من اللاعبين الذين لطخوا مشاركة الديوك.

ظلم يمهّد للفيديو

كانت إنجلترا متأخرة 1-2 أمام ألمانيا في ثمن النهائي، عندما أطلق فرانك لامبارد تسديدة بعيدة ارتدت من العارضة على بعد متر داخل المرمى في بلومفونتين، لكن الحكم الأوروغواني خورخي لاريوندا رفض احتساب الهدف، فخسرت إنجلترا 1-4، وكانت هذه الواقعة من أسباب اعتماد تكنولوجيا خط المرمى لاحقاً وحكم الفيديو المساعد "في إيه آر".

أضافت ألمانيا الأرجنتين ومدرّبها دييغو مارادونا إلى قائمة ضحاياها (4-صفر) في ربع النهائي، فودّع ميسي (23 عاماً)، أفضل لاعب في العالم 2009 وصاحب 47 هدفاً في 53 مباراة مع برشلونة الإسباني، البطولة دون تسجيل أي هدف. توقف مشوار "دي مانشافت" في نصف النهائي على يد إسبانيا برأسيَّة بويول، ولم تكن حال البرازيل أفضل، فخرج كاكا ورفاقه من ربع النهائي على يد هولندا (1-2).

غزوة إسبانيا

لم تكن إسبانيا بلغت النهائي في تاريخها، واستهلت مشوارها بخسارة أمام سويسرا بهدف رغم أفضليتها.

أطلقت انتفاضة محققة ستة انتصارات توالياً على هندوراس (2-0) وتشيلي (2-1) ثم بهدف على كل من البرتغال والباراغواي وألمانيا وهولندا، مربكة خصومها بأسلوب تيكي تاكا المرتكز على الاستحواذ والتمريرات السريعة.

وشكّل المدرّب فيسنتي دل بوسكي استمرارية لسلفه لويس أراغونيس في أوروبا 2008، لكن قبل ذلك تميّز الإسبان بـ"لا فوريا روخا" (الغضب الأحمر) المعتمد على الجهد البدني والروح القتالية والشجاعة.

مصارعو الثيران وكونغ فو

شكّل "العقل" إنييستا ثنائياً رهيباً في خط الوسط مع زميله في برشلونة "الماكينة" تشافي، وأنقذ دافيد فيا بأهدافه الخمسة تشكيلة أصبحت تلعب دور مصارعي الثيران.

أصبحت إسبانيا بين 2007 و2010 الأقوى في العالم مع 55 مباراة حققت فيها 50 فوزاً مقابل خسارتين فقط، على غرار مجر الخمسينيات، برازيل بيليه وفرنسا زيدان بين 98 و2001.

نهائي خشن بحرارة منخفضة (14) شهد توزيع 14 بطاقة صفراء بينها 9 لهولنديين حاولوا تشتيت تركيز الخصم.

بعد نصف ساعة، طار لاعب وسط هولندا نايجل دي يونغ موجهاً ركلة عنيفة على صدر تشابي ألونسو، فلم يحصد من الحكم الإنجليزي هاورد ويب سوى بطاقة صفراء.

قال ألونسو: "شعرت كأن جسدي تمزّق، ولم يُجمَع بشكل صحيح. بعد الفوز كانت الناس ترشّ المياه في كل مكان، طلبت منهم التوقف لأنه حتى المياه كانت تؤلمني".

أهدر الهولندي أرين روبن انفرادية سانحة أمام الحارس إيكر كاسيّاس (62)، ومثله فعل سيسك فابريغاس أمام مارتن ستيكلنبورغ في الوقت الإضافي (95).

وبعد طرد الهولندي جوني هايتينغا (109) وصلت كرة فابريغاس إلى إنييستا فعالجها بقوة في الشباك قبل أربع دقائق من ركلات الترجيح. لقب أول لإسبانيا وخسارة ثالثة لهولندا في النهائي بعد 74 و78.

أمضى إنييستا معظم موسم 2010 يتعافى من إصابة بفخذه وأخرى نفسية جراء وفاة صديقه داني خاركي قائد إسبانيول. بعد هدف التتويج خلع قميصه فظهرت عبارة "داني خاركي، معنا دائماً".

بعد النهائي قالت المذيعة سارا كاربونيرو لصديقها الحارس كاسياس: "انظر أين كنا بعد المباراة الأولى وأين أصبحنا الآن"، فما كان من كاسيّاس إلا أن قبّلها على فمها.

TRT عربي - وكالات