رفع المجني عليهم في قضية شبكة الاستغلال الجنسي للقاصرين التي كان يديرها الأمريكي جيفري أبستين وخليلته دعاوى قضائية على البنك الألماني دويتشه بانك والأمريكي جي بي مورغان يتهمونهم فيها بتسهيل التحويلات المالية للجناة، والتي كانت تقدم إليهم كمقابلات لخدمات دعارة القاصرين.

فيما تضع هذه الدعاوى البنك الألماني ونظيره الأمريكي في قلب الفضيحة الجنسية التي هزت الرأي العام الدولي، لتورط عدد من الشخصيات المعروفة في العالم. هذا وأدينت خليلة أبستين ومعاونته، جيسلين ماكسويل والحكم عليها بـ20 سنة حبساً نافذة.

بنوك في قلب فضيحة أبستين

ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، اتهم المجني عليهم في قضية جيفري أبستين كلاً من البنك الألماني دويتشه بانك" والأمريكي جي بي مورغان بتجاهل التحذيرات من النشاط المشبوه للجاني وخليلته، وتسهيل التحويلات المالية التي كانت تدفع مقابل استغلال الضحايا القاصرين جنسياً.

أحد هؤلاء المدعين في القضية الجديدة كانت امرأة رفضت ذكر اسمها وهي راقصة باليه سابقة بنيويورك جرى استقطابها إلى الشبكة من شابة أخرى، واعتدى عليها إيبستين جنسياً واتجر بها مع أصدقائه من 2006 حتى 2013، وفقاً لمذكرة الدعوى. وتضيف المذكرة أن إبستين كان يسحب مبالغ كبيرة من جي بي مورجان لتسديد مدفوعات نقدية لها ولنساء أخريات.

وكان إبستين وخليلته يملكان نحو 40 حساباً في دويتشه بانك، وكانوا يتلقون التحويلات المالية إزاء خدماتهم ويدفعون لضحاياهم عبر البنك الألماني. ووفق دعوى المرأة التي قاضت دويتشة بانك، والتي استغلها أبستين وأصدقاؤه جنسياً بين 2003 و2018، فإن البنك تجاهل كل الإشارات المحذرة على العمل المشبوه للجاني، بما في ذلك المبالغ التي كانت تدفع للعديد من الشابات وحركة سحب الكبيرة للنقود.

وتتهم الدعوى البنكين بخرق القوانين المالية المكافحة للاتجار بالبشر وبالمشاركة في نشاط أبستين الإجرامي وشبكته، في وقت "يجب أن تعرف البنوك من هم عملائها وما الحسابات التي تستخدم لضبط عمليات غسيل الأموال وتجنب استعمالها في النشاط الإجرامي".

وطالبت الدعاوى الجماعية المرفوعة على البنكين حسب محامي الضحايا، بجبر الضرر والتعويضات المالية عن ذلك. وقال برادلي إدواردز أحد محامي المدعين في بيان مكتوب: "هؤلاء الضحايا تعرضوا للظلم من كثيرين، وليس فقط إبستين، (فهو) لم يتصرف بمفرده (...) لقد حان الوقت لمحاسبة المسئولين الحقيقيين، بخاصة أصدقاؤه الأثرياء والمؤسسات المالية التي لعبت دوراً أساسياً في نشاطه".

بالمقابل نفى دويتشه بنك ما نسب إليه في الدعوى القضائية، وقال على لسان متحدث باسمه: "نعتقد أن هذا الادعاء يفتقر إلى الجدارة وسنقدم حججنا بالمحكمة". وامتنع بنك جي بي مورغان عن التعليق على هذه القضية.

ما قضية إبستين؟

ارتبطت تهم البيدوفيليا بجيفري إيبستين منذ سنة 2005، بعد أن فتحت شرطة بالم بيتش فلوريدا تحقيقاً في شأنه، إثر تقدم أحد الآباء بشكاية يتهمه فيها بالتحرش الجنسي بابنته البالغة من العمر 14 سنة.

وأدين إيبستين سنة 2008 بارتكاب جرائم الدعارة والاستغلال الجنسي لفتاة دون السن القانوني، الذي يحدده القانون الأمريكي في 17 سنة، هذا بعد التحقيق معه والتفاوض حول اعترافه باقترافه هذه الجريمة. وحكم عليه بالسجن لمدة 13 شهراً فقط، مع السماح له بإدارة أعماله، وفق ما جاءت به صفقة الاعترافات.

وبعد إطلاق سراحه لم يبدُ إبستين نادماً على ما اقترف، بل دافع عن موقفه في تصريح خص به صحيفة "نيويورك بوست" سنة 2011، قائلاً: "لست وحشاً مفترساً يبحث عن طرائده لإشباع رغبته الجنسية، أنا مجرد مذنب. والفرق بين الأمرين مثل الفرق بين جريمة قتل وسرقة كعكة".

لكن إعادة فتح التحقيق فيدرالياً بعد إدانتها الأولى بعشر سنوات أبانت أنه ذلك "الوحش المفترس" الذي أنكره. إذ كشفت تلك التحقيقات الفيدرالية أن إيبستين وشريكته جيسلين ماكسويل كانا يديران شبكة واسعة للاتجار بالقاصرات في ولايتَي فلوريدا ونيويورك، كما كانا يحتجزانهن للاستعباد الجنسي.

وفي إحدى شهادات هؤلاء الضحايا قالت فرجينيا جيوفري التي لم يتعدَّ عمرها وقتها 15 سنة إن أبستين كان يجوب بها العالم في طائرته الخاصة كي تقدم خدمات جنسية لزبائنه وأصدقائه، وأنها خضعت للتدريب على الجنس لمدة تقرب من ستة أشهر على يد أبستين ومديرة أعماله جيسلين ماكسويل.

مضيفة أن "أبستين يمارس الجنس مع القاصرات يومياً بحضوري وكان كل المحيطين به يعرفون هوسه بالقاصرات، لكن عندما بلغت الثامنة عشرة من العمر تراجع الاهتمام بي لأنني أصبحت بالغة".

فيما بلغ عدد المشتكيات اللاتي قدمن لمحكمة مانهاتن شهاداتهن 15 فتاة. بينما جاء بشهادة أحد عمال الصيانة الذين عملوا لدى أبستين ما بين 1990 و2001 أنه شاهد ما لا يقل عن 100 فتاة يعملن في التدليك في منزله خلال تلك الفترة.

هذا وعثر سنة 2019 على إبستين ميتاً في زنزانته، فيما قيل حسب معاينة الجثة أنه انتحر. وعبرت المشتكيات عن سخطهن مما حصل، وخيبة أملهن في أن إبستين لم يلقَ العدالة بالجرائم التي ارتكبها بحقهن. بينما أدينت جيسلين ماكسويل في التهم التي نسبت إليها، وحكم عليها بـ20 سنة سجناً.

من كان زبائن أبستين؟

وأورد وثائقي سابق على شبكة Netflix على لسان عدد من ضحايا إبستين أنهن قابلن في عدد من المرات كلاً من ترمب وكلينتون في الجزيرة التي كان يملكها إبستين وكانت مسرح جرائمه.

ووجهت ضحيتان اتهامات إلى الأمير أندرو نجل الملكة إليزابيث الثانية بالاعتداء عليهما جنسياً بتواطؤ من إبستين الذي كان صديقه. ووصفت إحداهما ما جرى خلال اللقاء بالأمير أندرو في فيلا أبستين في نيويورك عام 2001 قائلة: "اشترت جيسلين دمية للأمير أندرو وقدمتها له ووقفت وفرجينيا لالتقاط صورة مع الأمير وقد وضع الأمير يده على صدري".

وجاء في شهادة الحارس الشخصي السابق لأبستين الذي كان رافق الضحية لبعض الوقت أنها كانت تخشى أن يحدث لها مكروه لو رفضت ممارسة الجنس مع الأمير الإنجليزي. وجرى إخفاء جل شهادة هذا المرافق التي أدلى بها تحت القسم.

TRT عربي