اتفاق جوبا: طالبوا بحقوق دارفور كاملة ولكنهم استولوا على الحصيلة لأنفسهم «7- 8»


اتفاق جوبا: طالبوا بحقوق دارفور كاملة ولكنهم استولوا على الحصيلة لأنفسهم «7- 8»

د. صديق الزيلعي

* ناقشنا في المقال الأول قضية التهميش بمنظور تاريخي، يبني على مناهج الاقتصاد السياسي، وأن مصالح الدولة الاستعمارية هي التي خلقت هذا التطور غير المتكافئ في بلادنا. وانتقدنا مفهوم الحركات التي تنظر للتهميش كظاهرة جغرافية، الأمر الذي يؤدي لنتيجة خلاصتها: كل مواطني أواسط السودان همشوا كل مواطني غرب السودان. هذا المفهوم القاصر، لن يقدم حلاً لأنه يشكل معادلة صفرية. ثم تعرضت بقية المقالات لدور الحكومات المتعاقبة في عملية التهميش بسبب: سياساتها، ومناهج عملها، ومصالح قادتها. وانتقلنا إلى جوهر القضية، وهو إهمال المنتج الصغير، وهو المواطن العادي الذي يجب أن يكون ما يناله من مكاسب وتحسين وضع هو أساس أداتنا لقياس أي اتفاق، وتحديد موقفنا منه، وتقييمنا له. وكان المقال السابق حول عداء الحركات للقوى المدنية، وتحالفهم مع العسكر منذ وقت مبكر.

ملاحظات حول بعض البنود:

  • البند 8-4: “اتفق الطرفان على أن تكون من مهام مفوضية إصلاح الخدمة المدنية مراجعة التعيينات في الوظائف القيادية بالخدمة المدنية التي تمت منذ تكوين الحكومة الانتقالية”. مبدئياً، هذا معقول لإثبات العدل في التعيين وإبعاد تهمة الفساد، ولكن ما هو أخطر من تعيينات الحكومة الانتقالية، والذي تم خلال ثلاثة عقود، لم تتم الإشارة له، رغم أن الاتفاقية نصت على تفاصيل التفاصيل في بنود أخرى.
  • البند 11-1: “اتفق الطرفان على ضرورة إصلاح المنظومة العدلية حتى تستعيد مهنيتها واستقلاليتها”. لا اختلاف حول النص، ولكن المشكلة أنه معمم، ويفتح ألف ثغرة لإفراغه من مضمونه عند التنفيذ.
  • البند 12-1: “اتفق الطرفان على إجراء التعداد السكاني القومي بصورة علمية وشفافة بفترة كافية قبل نهاية الفترة الانتقالية، بمساعدة ورقابة دولية”. مر عامان على توقيع الاتفاق وتبقت سنة لنهاية الفترة الانتقالية، حسب نصوص الاتفاق، ولم نسمع عن أي تحضير للتعداد رغم تهديد البرهان، صباح مساء، بأنه سيجري الانتخابات بعد فترة قصيرة.
  • البند 14-4: “تقرر عقد مؤتمر ولايتي الخرطوم وشمال كردفان خلال 6 أشهر، يخاطب قضايا التنمية والخدمات والبيئة والتعايش السلمي. وتم تحديد مسارات للشمال، والشرق، والوسط، ولم تحدد مسارات للخرطوم وشمال كردفان”. لماذا عقد مؤتمر للإقليمين، رغم أن المسارات التي حُددت بشكل غير منطقي شاركت في المؤتمر، ونالت مكاسب.
  • البند 19: “تكوين مفوضية للعدالة الانتقالية خلال شهر من التوقيع”. من أكبر التجاوزات التي ارتكبت في حق الأبرياء في دارفور، هي: تصفيتهم، وانتزاع أراضيهم، وإحلال قبائل وافدة مكانهم. وكل ذي عقل يؤمن بأنه إذا كانت الحركات مهمومة حقاً بمعاقبة من ارتكبوا تلك المجازر والتصفيات الجماعية، لتحركوا بهمة من أجل تكوين المفوضية. لكن، وحسب تجارب حكومة البشير، يسكت قادة الحركات عند نيل المناصب الوزارية.
  • البند 20: “تشكيل مفوضية سلام تختص بتنفيذ اتفاق السلام”. حدِّث ولا حرج.
  • البند 21: “اتفق الطرفان على إدراج الاتفاقيات في الوثيقة الدستورية، وفي حالة التعارض يزال التعارض بتعديل الوثيقة الدستورية. “بالواضح وما بالدس”، ولكل ذي عينين: اتفاق جوبا أعلى من الوثيقة الدستورية التي هي بمثابة الدستور الانتقالي الذي يحكم الفترة الانتقالية. إذا لم يكن تحالف الحركات مع العسكر يتميز بالتسلط، لكتبنا نصاً يقول: “في حالة التعارض، يلتئم اجتماع ثلاثي بين المكون العسكري والحركات والحرية والتغيير لمراجعة النصين، والاتفاق حول قرار بشأنهما”.
  • البند 25.2: “تقرر حكم إقليمي فيدرالي، وإصدار قرار رسمي باستعادة نظام الأقاليم في مدة لا تتجاوز الـ 60 يوماً”. كما كررنا: المحك هو التنفيذ، رغم أن الحركات رفضت تغيير الحكام العسكريين، مما جعل كل أقاليم السودان تحكم من قبل النظام البائد. ونفس الأمر حدث مع المجلس التشريعي بأن يكون قيامه بعد إكمال الاتفاق. الأمر الذي راق لقوى الحرية والتغيير الحاكمة، والتي استمرأت أن تكون السلطة التشريعية في يدها (عن طريق اجتماع المجلسين)، مما أضر بالفترة الانتقالية بالغ الضرر.
  • البند 26.6: “المفصولون من الخدمة المدنية تعسفياً لأسباب تتعلق بالصراع في دارفور، تتم معالجة أمرهم عبر اللجنة القومية لإعادة المفصولين تعسفياً”. كل بنود الاتفاقية تشمل قرارات نافذة، ولكن لا أدري السبب الذي يجعل المفصولين تعسفياً يتم تحويل قضيتهم إلى اللجنة القومية لإعادة المفصولين، ولماذا تحديد أسباب تتعلق بالصراع في دارفور، رغم وجود العشرات من المفصولين من أبناء دارفور فصلوا تعسفياً.
  • قادت الحركات التفاوض باسم كل الإقليم، وطالبت بنسبة في السلطة حسب حجم السكان، وعندما تم توقيع الاتفاقية نالت الحركات، بالأصح قادة الحركات، كل المكاسب. بدون مراعاة التنويع الإثني والقبلي في الإقليم، وتجارب الصراعات المريرة بين مختلف مكوناته. وهكذا بدت الحركات عملية تهميش جديد، ظهرت بوادر مواجهتها داخل الإقليم من عدة مكونات اجتماعية. وعندما طالب حمدوك الحركات بتقديم كوادر مؤهلة لشغل المناصب الوزارية رفض القادة وأصروا أن ينالوا المناصب لأنفسهم، بالإضافة لإصرارهم على الإعفاء من شرط عدم الترشح في الانتخابات القادمة.
  • “تحديد نسب لاستيعاب أبناء دافور في الوظائف العليا بالقضائية والخارجية والخدمة المدنية والجامعات”، يمكن وصفه ببساطة بأن من يملك السلطة يمكنه أن يقرر ما يريد. فمثلاً، لم يتم حصر أبناء دارفور الموجودين حالياً في تلك الوظائف، ونالوها عن جدارة.
  • “تحديد دفع مبالغ ضخمة فوق طاقة الدولة السودانية”. يشكل منهجاً يخدم مصالح من يخططون لنيل الامتيازات، ولنا تجارب كثيرة، منها: تجربة الحكم الإقليمي في دارفور خلال عهد نميري، وتجربة الإسلامويين فيما أسموه (الحكم اللامركزي)، وإنشاء عدد كبير من الولايات وعشرات المناصب الدستورية. فقد تعرضنا في المقالات السابقة لبعض أوجه التهميش، كان المنطق أن تتم دراسة تلك المعوقات، وتقديم خطة محددة لمعالجتها. فطوال وجود كوادر الحركات في جوبا لمدة عام كامل، لم يهتموا بتكليف خبراء من دارفور، ومن خارجها لإعداد خطة اقتصادية اجتماعية لمعالجة معوقات التنمية في دارفور، بمنظور التنمية الريفية المتكاملة المستهدفة مصالح المنتج الصغير، (وهم الغالبية العظمى من سكان الإقليم). كما طيلة العام، لم نسمع أن الحركات قدمت تصوراً لإصلاح المشاريع البسيطة التي تمت في دارفور بمساعدة دولية: (غرب السافانا، جبل مرة، الغزالة جاوزت)، ليتم البناء على تجارب تلك المشاريع.

اتفاق جوبا: بادرت الحركات المسلحة بعداء قوى الثورة (6 – 8)

تاريخ الخبر: 2022-12-09 00:22:53
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

تبسة: اتفاقية للتقليل من تأثيرات منجم الفوسفـات ببئر العاتـر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:18
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

قالمة: 45 رخصـة استغـلال واستكشـاف للثـروة المنجميـة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:16
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية