“غاندي”.. إرث خالد ورؤية شكلت أساس الأمم المتحدة


الروح العظيمة… شخص له نصيب كبير من معنى اسمه، إنه موهانداس كرمشاند غاندي، المعروف باسم المهاتما، والتي تعني “الروح العظيمة”، عاش حياته في الهند أثناء استعمالها من قبل الإمبراطورية البريطانية، حيث كانت الهند جزءًا تابعًا للإمبراطورية البريطانية، وهي مجموعة من الدول كانت تحكمها بريطانيا، وكانت هي صاحبة القول الفصل في قوانينها.
في أواخر القرن ٢٩ وحتى ما بعد منتصف القرن العشرين ناضل غاندي، بوصفه ناشطًا سياسيًا ذكيًا، من أجل استقلال الهند عن الحكم البريطاني، ومن أجل حقوق الفقراء، ويحظى نهجه في الاحتجاجات السلمية المجردة من العنف باحترام العالم حتى وقتنا الراهن. لذلك يخلد العالم ذكراه، خاصة العاملين من أجل السلام وأولهم الأمم المتحدة، حيث شكلت رؤية غاندي أساس للأمم المتحدة حسب تعبير الأمين العام أنطونيو جويتريش.

في هذا الإطار، شهد مقر الأمم المتحدة في نيويورك، مساء أمس الأربعاء، إزاحة الستار عن تمثال نصفي لمهاتما غاندي، زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجية اللاعنف، وجرى الحدث بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، ووزير الخارجية الهندي سوبرراهمانيام جيشانكار، إضافة إلى الممثلة الدائمة للهند لدى الأمم المتحدة، السيدة راتشيرا كامبوج.
وأعرب الأمين العام عن شكره لحكومة الهند لتبرعها السخي بهذا التمثال النصفي، مؤكدًا أن إرث غاندي موجود في كل مكان، بما في ذلك العمل اليومي للأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم من أجل المساواة والتضامن والتمكين على حد تعبيره، وأعرب عن أمله في أن يذكرنا تركيب هذا التمثال في مقر الأمم المتحدة بالقيم التي أيدها غاندي والتي نبقى ملتزمين بها.

وقال الأمين العام، إن زيارته الأخيرة للهند في وقت سابق من هذا العام ذكرته أن هناك عددًا قليلًا من الأشخاص في التاريخ ممن يتماشون مع أهداف وقيم الأمم المتحدة مثل المهاتما غاندي.

وأشار إلى أن رؤية غاندي المناهضة للإمبريالية شكلت أساس للأمم المتحدة. وأضاف:”كما ينص الميثاق، فإن منظمتنا مبنية على مبدأ “الحقوق المتساوية وتقرير المصير للشعوب”. في الواقع، استلهم واضعو الميثاق كثيرا من رسالة غاندي الداعية إلى السلام واللاعنف والتسامح”.

إرث خالد
وأوضح أنطونيو، أن نجاح غاندي في حشد الملايين من أجل المقاومة ضد الاستعمار، مع الالتزام بمبادئ اللا عنف، ألهم الناس في جميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن غاندي ليس مجرد شخصية تاريخية. “لا يزال صدى أفكاره وقيمه الحكيمة، بما في ذلك اهتمامه بالعدالة والتحول الاجتماعي، يتردد إلى اليوم”.

وقال إن العديد من أفكاره سبقت مفهوم التنمية المستدامة – بما في ذلك وجهة نظره القائلة بأن “الفقر هو أسوأ أشكال العنف”، منبهًا إلى أن إيمانه بضرورة الحكم على المجتمعات بناء على سجلها في رفع مستوى الفئات الأكثر ضعفا يحمل دروسا مهمة لقادة اليوم، مضيفًا: “كان غاندي من أوائل الذين أدركوا مخاطر نهب بيئتنا وتدميرها، مشيرًا إلى أن الأرض والهواء والأرض والمياه ليست ميراثا من أجدادنا، بل على سبيل الإعارة من أطفالنا. كان مؤيدًا شهيرًا للمنتجات المحلية المستدامة مثل ثياب الخادي – وهي ثياب مصنوعة محليا من القطن في الهند”.

ثقافة السلام
وقال جوتيريش: كما دافع غاندي عن المرأة في السياسة ورفض الممارسات التمييزية بجميع أنواعها. كما كان مدافعا صلبا عن التعايش السلمي وعدم التمييز والتعددية. وإدراكًا منه أن التنوع هو أحد أعظم أصول الهند، سعى جاهدًا لتحقيق علاقات متناغمة بين الأديان والثقافات والمجتمعات، وفقًا للأمين العام.
وأضاف الأمين العام أن تركيز غاندي في حياته انصب على الضغط من أجل الإصلاح الاجتماعي والسياسي من خلال المقاومة اللاعنفية، مع خلق ثقافة السلام.

حياة غاندي
وُلد غاندي في ولاية بوربندر الواقعة في شمال غربي الهند في الثاني من أكتوبر عام 1869، وتوصف عائلته بأنها من النخبة، إذ كان والده رئيس وزراء الولاية.
وكانت والدته سيدة شديدة التدين، غرست فيه الأخلاق الهندوسية بقوة، وتناول الطعام النباتي والتسامح الديني وأسلوب الحياة البسيط واللاعنف.

تزوج غاندي في سن ال 13 عاما من كاستوربا، وهي فتاة محلية كانت تبلغ من العمر 14 عامًا، التقى غاندي، عندما كان طالبا يدرس القانون في لندن، أعضاء الجمعية الثيوصوفية، الذين شجعوه على التعمق في قراءة النصوص الهندوسية، لاسيما البهاغافاد غيتا، ووصف فيما بعد النص الهندي القديم بأنه راحة له، ونما تقديره للهندوسية، وبدأ يتعمق أيضًا في الديانات الأخرى، متأثرًا بشكل خاص بموعظة يسوع المسيح على الجبل، كما تأثر كثيرا بالكاتب ليو تولستوي.

مكافحة التمييز في جنوب أفريقيا
وقبل غاندي، بعد أن تعرض للإذلال، وظيفة في جنوب إفريقيا وأبحر إليها في أبريل 1893، ليقضي فيها 21 عامًا، وأثناء سفره إلى البلاد، طُرد من عربة قطار الدرجة الأولى بسبب لون بشرته.
وبسبب سوء معاملة المهاجرين الهنود، أنشأ غاندي الكونغرس الهندي في ناتال لمحاربة التمييز وتطوير فكرة التطهير الذاتي والاحتجاج المدني اللاعنفي، أُلقي القبض عليه بسبب تنظيم إضراب ومسيرة للاحتجاج على فرض ضريبة على المنحدرين من أصول هندية، بيد أن البريطانيين اضطروا إلى إسقاط الضريبة والإفراج عن غاندي، راجت أنباء انتصار غاندي في إنجلترا، وأصبح شخصية دولية.

اتهام بالتحريض
عاد غاندي إلى الهند وبدأ في حملته من أجل استقلال بلاده في أعقاب مذبحة مدينة أمريستار السيخية المقدسة، عندما أطلق البريطانيون النار على تظاهرة، مما أسفر عن مقتل نحو 400 شخص وإصابة 1300 آخرين.، وتبنى الهنود من جميع طبقات المجتمع والأديان دعوته الرامية للاحتجاج غير العنيف، وتشجيع عدم التعاون مع الحكم البريطاني، والذي تضمن مقاطعة البضائع البريطانية، ولجأ غاندي إلى الصوم كوسيلة احتجاج على الحكم البريطاني بعد إطلاق سراحه من السجن.
وردًا على ذلك، اعتقل البريطانيون غاندي بتهمة التحريض وإثارة الفتنة وسجنوه لمدة عامين.
وطبّق البريطانيون قانون مكافحة التحريض المثير للجدل، الذي يعود إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، للرد على الحركات المناهضة للاستعمار، وقال غاندي جملته الشهيرة إن القانون “صُمم لقمع حرية المواطن”، ولا يزال القانون معمولا به في قانون العقوبات الهندي وتستخدمه الحكومات المتعاقبة ضد طلاب وصحفيين ومثقفين ونشطاء اجتماعيين ومعارضين للحكومة.
سافر غاندي إلى لندن في عام 1931 لحضور مؤتمر الطاولة المستديرة كممثل وحيد للمؤتمر الوطني الهندي. وقدم صورة قوية وهو يرتدي ملابسه الهندية التقليدية، وفشل المؤتمر بالنسبة لغاندي، الذي كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت 62 عاما.، لم يكن البريطانيون على استعداد لمنح الهند استقلالها، ولم يدعم كثير من المسلمين والسيخ وغيرهم رؤية غاندي الخاصة بالهند كبلد موحد، ولم يصدقوا أنه تحدث نيابة عن جميع الهنود، قدم غاندي بعد ذلك استقالته من حزب المؤتمر واعتزل الحياة السياسة، لكنه واصل حملته من أجل المساواة الاجتماعية لصالح “الداليت”، وهي الطبقة المعروفة باسم “المنبوذين”.وأجبرت قدرته على تعبئة الجماهير والنهج السلمي الثابت ببطء السلطات البريطانية على التفاوض.

الإطاحة بإمبراطورية
تحققت أهداف غاندي عندما أضعفت الحرب العالمية الثانية قبضة بريطانيا على إمبراطوريتها. وحصل على استقلال بلاده في عام 1947 ، لكن آماله في تعايش المجتمعات الهندوسية والمسلمة مع بعضها في ولاية واحدة تبددت عندما انقسمت البلاد إلى دولتين: الهند وباكستان، وخلق الانقسام مزيدا من العنف، وعاد غاندي إلى دلهي للمساعدة في حماية المسلمين الذين اختاروا البقاء في الهند وبدأوا الصيام من أجل حقوق المسلمين.، وكان غاندي بعد أقل من ستة أشهر من الاستقلال في طريقه إلى اجتماع صلاة في المدينة، عندما أطلق شاب هندوسي متعصب النار عليه.، كان الرجل غاضبا من موقف غاندي التصالحي تجاه المجتمعات الإسلامية وباكستان.واتحد الناس من شتى أرجاء العالم في حداد على وفاة شخصية سلام عالمية، لم ير على الإطلاق تحقق حلمه برؤية “الهند” التي لا يقسمها دين أو طائفة أو طبقة معينة.

تاريخ الخبر: 2022-12-15 09:21:59
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

رسميا.. فيفا يعلن استضافة قطر ثلاث نسخ من كأس العرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 12:25:56
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

تأجيل أولى جلسات محاكمة "مومو" استئنافيا بسبب إضراب كتاب الضبط

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 12:25:50
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

رسميا.. فيفا يعلن استضافة قطر ثلاث نسخ من كأس العرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 12:25:52
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية