حذرت دراسة جديدة، نُشرت خلال مؤتمر الأمم المتحدة الخامس عشر للتنوع البيولوجي (COP15) في كندا، من أن الأرض ستواجه "انقراضاً جماعياً" بحلول عام 2100، مما قد يقضي على أكثر من ربع التنوع البيولوجي الحي في جميع أنحاء العالم. وتشير النتائج إلى فقدان 10% من جميع الأنواع النباتية والحيوانية بحلول عام 2050، وترتفع إلى 27% بحلول نهاية هذا القرن. وفقاً لما نقلته صحيفة ديلي ميل البريطانية.

وتأتي الدراسة نتاجاً لبرنامج محاكاة طور علماء أستراليون وأوروبيون من خلاله "أرضاً افتراضية" لمحاكاة حالات الانقراض العالمية التي ستحدث بسبب تغير المناخ خلال هذا القرن، بالإضافة إلى أسباب أخرى، مثل: الاستغلال المفرط للموارد، وتغيير استخدام الأراضي، والإفراط في الحصاد، والتلوث،والغزوات البيولوجية.

والانقراض الجماعي هو مصطلح شائع في مجال علم الأحياء، حيث يطلق على نهاية وجود كائنٍ حيّ ما أو مجموعة من الكائنات الحية (الأنواع). وعلى الرغم من أن الانقراض هو جزء من تاريخ الحياة على الأرض، لكن أثناء الانقراض الجماعي يتعرض كوكبنا لفقدان جزء كبير من التنوع البيولوجي في فترة زمنية قصيرة. ففي الـ400 عام الماضية، انقرض عدد كبير من الثدييات والطيور والبرمائيات والزواحف عندما اصطادها البشر أو دمروا موطنهم الطبيعي. لكن هذه قد تكون البداية فقط.

كمبيوتر خارق وتوقع مخيف

باستخدام أحد أقوى أجهزة الكمبيوتر العملاقة في أوروبا، استخدم عالم المفوضية الأوروبية الدكتور جيوفاني سترونا من جامعة هلسنكي والبروفيسور كوري برادشو من جامعة فلندرز نموذجاً حاسوبياً لإنشاء أرض افتراضية كاملة مع أكثر من 15000 شبكة غذائية للتنبؤ بالمصير المترابط للأنواع التي من المحتمل أن تختفي من ويلات المناخ وتغيرات استخدام الأراضي خلال القرن المقبل، وفقاً لمجلة فوربس.

ويقول العالمان إن المناهج السابقة لتقييم معدلات الانقراض خلال القرن القادم قد جرى التقليل من شأنها من خلال عدم دمج الانقراضات المشتركة - أي الأنواع التي تنقرض لأن الأنواع الأخرى التي تعتمد عليها تخضع لتغير المناخ و/أو التغيرات في المناظر الطبيعية.

حتى الآن، لم يتمكن الباحثون من ربط الأنواع على نطاق عالمي لتقدير مقدار الخسارة الإضافية التي ستحدث من خلال الانقراض المشترك، لكن بالمقابل يقدم النموذج تنبؤاً قاتماً لمستقبل التنوع العالم، مما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن العالم يتجه نحو سادس حدث انقراض جماعي.

هل بتنا على أعتاب انقراض سادس؟

زعم الباحثون إن "كوكب الأرض دخل بالفعل في حدث الانقراض الجماعي السادس، مدفوعاً بالنشاط البشري وتغير المناخ". محذرين في الوقت نفسه من أن الاستهلاك الشره للبشرية والدمار العشوائي هو السبب في هذا الحدث، وهو أول انقراض كبير منذ الديناصورات.

فيما قال برادشو: "يمكن للأطفال الذين يولدون اليوم، أن يشهدوا اختفاءً فعلياً لآلاف الأنواع النباتية والحيوانية مع بلوغهم سن السبعين، من بساتين الفاكهة الصغيرة وأصغر الحشرات إلى الحيوانات الشهيرة مثل الفيلة والكوالا".

وفي سياق متصل، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لدى افتتاحه قمة "كوب-15"، والتي وصفت بأنها "الفرصة الأخيرة" للطبيعة، إن مليون نوع من الكائنات أصبح الآن "على حافة الهاوية". وأضاف: "في شتى أنحاء العالم، وعلى مدى المئات من السنين، ظللنا نعزف سيمفونية من الفوضى على آلات الدمار ".

وحسب تقرير موجز للأمم المتحدة نُشر في عام 2019، ونقلته فوربس، تعد البرمائيات من بين الحيوانات الأكثر عرضة للخطر حيث 40% من الأنواع المدروسة معرضة للخطر، تليها النباتات بنسبة 34%، والشعاب المرجانية بنسبة 33%، والأسماك الغضروفية مثل أسماك القرش والشفنين بنسبة 31%، وتشبه اللافقاريات الحشرات بنسبة 27% والثدييات بنسبة 25% والطيور بنسبة 14%.

مسلسل الانقراضات الجماعية

شهد كوكبنا، الذي تجاوز عمر الحياة عليه أكثر من 3.7 مليار سنة، 5 حلقات من مسلسل الانقراضات الجماعية خلال الـ540 مليون سنة الماضية، تزامن معها إبادة واسعة للأنواع الحيوانية والنباتية على سطحه وداخل مياهه. وبينما تعود أسباب أربعة منها إلى العمليات التي قلبت الدوران الطبيعي للكربون عبر الغلاف الجوي والمحيطات، يعود سبب الانقراض الأخير الذي أطلق عليه اسم "انقراض العصر الطباشيري-الثلاثي" إلى الكويكب الذي ضرب الأرض قبالة سواحل المكسيك قبل حوالي 66 مليون سنة.

وقدر العلماء أن الانقراضات الجماعية الخمسة تسببت وقتها بإبادة جماعية لحوالي 99% من أشكال الحياة الحيوانية والنباتية على سطح كوكبنا، فيما تسبب الانقراض الخامس والأخير بإنهاء حياة الديناصورات، بالإضافة إلى القضاء على 75% من الحيوات التي كانت متبقية على سطح الكوكب.

وسبق أن نشر مجموعة من العلماء في عام 2016 تقريراً أكدوا فيه أن عدد الأنواع التي عاشت على الأرض منذ بدء الحياة عليها قبل ما يقرب من 3.7 مليار سنة تجاوز التريليون نوع، فيما لا تتجاوز النسبة الموثقة منها الواحد في المئة ألف الآن.

TRT عربي