موازنة السودان 2023م.. تحديات كبيرة وتأخير يثير التساؤلات


تواجه موازنة السودان- التي لم تأخرت إجازتها حتى الآن- تحديات عديدة، ويتخوف خبراء من تسبب السياسات الحالية في تداعيات اقتصادية وسياسية وحتى أمنية كبيرة.

الخرطوم: الفاضل إبراهيم

تحديات كبيرة تنتظر موازنة السودان للعام 2023م، والتي لم تتكشف ملامحها بعد- رغم قرب انتهاء شهر يناير- خاصةً فيما يتعلّق بجانب الإيرادات ورفع الأجور.

وبحسب معلومات ومصادر «التغيير»، أن تأخير إجازة الميزانية سببه المطالب المتواترة بزيادة المرتبات للعاملين بالدولة.

وكانت وزارة مالية الحكومة الانقلابية أصدرت منشور إعداد مقترحات موازنة 2023م، نوفمبر الماضي، في ظل وضع سياسي واقتصادي وأمني معقد.

غير واقعية

وتوقع المحلل الاقتصادي د. أحمد سالم، أن تكون الموازنة غير واقعية بناء على حديث الوزير نفسه الذي كشف عن حجم الموازنة البالغ خمسة تريليون جنيه.

وقال لـ«التغيير»: «الموازنة وفق هذا الرقم تعتبر كبيرة جدا وستكون غير واقعية».

وأضاف بأنه «لا يمكن تحقيق الإيرادات الذاتية المذكورة لعدة أسباب أهمها الخلل في تحصيل الضرائب ورفع قيمة الجمارك التي أثبتت عدم جدواها بعد أن تراجع الاستيراد».

ونوه إلى أنه من خلال قراءة أرقام الأداء للميزانيات في السنوات الماضية يتضح حجم الخلل والتدهور الذي أصاب الاقتصاد السوداني.

مقارنة بالأرقام

ووفق دراسة أجراها سالم حول عجز الميزانية خلال الفترة من 2017 إلى 2022م، قال: «إذا نظرنا للموازنات السابقة مثلاً في 2017 كان الأداء الفعلي للميزانية 93 مليار جنيه وكان المخطط له 84 مليار بعجز يعادل 9 مليارات جنيه».

وأضاف: «وفي 2018 كان الأداء الفعلي للميزانية 163 مليار جنيه وكان المخطط له 127 مليار جنيه بعجز يقدر بمبلغ 36 مليار جنيه».

«وأيضا في العام 2019 كان الأداء الفعلي للميزانية 217 مليار جنيه وكان المخطط له 195 مليار جنيه بعجز يقدر بمبلغ 22 مليار جنيه».

وأفاد د. سالم بأن العجز في الميزانية خلال هذه السنين ناتج عن زيادة في الصرف عمّا هو مخطط له.

أما في 2020م كان الأداء الفعلي للميزانية 448 مليار جنيه وكان المخطط له 641 مليار جنيه بنقص يقدر بمبلغ 193 مليار جنيه.

وفي 2021م كان الأداء الفعلى للميزانية 1412 مليار جنيه وكان المخطط له 2475 مليار جنيه بنقص في الميزانية يقدر بمبلغ 1063 مليار جنيه.

ومضى د. سالم في حديثه لـ«التغيير» قائلاً: «يتضح أن العجز في هذه السنوات بالسالب، مما انعكس سلباً على الصرف في الخدمات ومشروعات التنمية والبنى التحتية».

وأضاف: «أما في العام 2022 فقد كان الربط المخطط له مبلغ 3206 مليار جنيه ولكن حتى الآن لم يصدر تقرير الأداء الفعلي لمعرفة العجز في تنفيذ الميزانية السابقة».

وتابع: «تعطى هذه القراءة مؤشرات سالبة في إدارة الملف الاقتصادي تتضح في تدني الإيرادات الذاتية وتوقف شبه كامل للقروض والدعم الدولي».

وأشار كذلك إلى أن الاستمرار في سياسة رفع الدعم يزيد من التضخم والركود وبالتالي يؤثر على الإيرادات والمواطنين.

تحسن طفيف

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي د. الفاتح عثمان محجوب، إن الموازنة العامة للدولة السودانية للعام 2023م بشكلها الحالي ليست فيها زيادات كبيرة جداً في المرتبات.

وأضاف لـ«التغيير»: «لكن ربما يكون هنالك تحسن طفيف بما يتفق وأهداف الموازنة العامة المعلنة أي تخفيض التضخم إلى 25% والحفاظ على ثبات معقول لسعر الصرف للجنيه السوداني».

وأشار إلى أن ذلك يتطلب سياسات نقدية انكماشية تقلل الطلب على السلع والخدمات مما يؤدي لتحجيم الاستيراد وتقليل الطلب على الدولار.

وأكد د. الفاتح أن سياسات الموازنة في الإيرادات تقوم على زيادة الجباية في كل رسم حكومي وزيادة الضرائب بما يكفي لجعل المواطنين غير قادرين على شراء غالب احتياجاتهم وبالتالي يستقر سعر الصرف للجنيه السوداني ويهبط التضخم.

الضغط على المواطن

وحذر د. الفاتح من  تجاهل وزارة المالية وبنك السودان المركزي لنقطة مهمة وهي أن الضغط على المواطن ربما يولد الانفجار.

وقال: «وبالتالي عليهم تخفيف ضغوط المحليات والولايات على القطاعين الصناعي والخدمي اللذين يعانيان أصلاً من حالات إفلاس كثيرة جداً قد تصل إلى قرابة نصف المؤسسات الصناعية والخدمية بنهاية العام الجاري».

وأضاف: «إذا تواصلت هذه السياسات النقدية الانكماشية ربما ينتج عنها مشاكل أمنية وسياسية خاصة في أطراف البلاد وفي العاصمة».

نصائح

وقدم د. أحمد سالم نصائح لوزارة المالية بقوله: «إذا أراد الوزير تعظيم إيرادات الدولة كما ذكر في تصريح صحفي خلال هذا العام عليه بالعمل على مراجعة هيكلة الدولة وتخفيض الصرف على بند التسيير الذي تقدر تكلفته بـ25% من الميزانية».

ونوه كذلك لضرورة خفض الصرف على القطاع السيادي والذي تقدر تكلفته السنوية بأكثر من «7%» من الموازنة.

وأضاف: «وعليه أيضا بتخفيض المصروفات على الأجهزة النظامية وهيكلة ميزانياتها والتي كانت تقدر بأكثر من 30% في الموازنة وعند التنفيذ كانت تبلغ أكثر من 50% من الميزانية».

مضاعفة الإيرادات

وأكد سالم أنه إذا أراد وزير المالية مضاعفة الإيرادات الذاتية من دون زيادة رأسية في الضرائب والرسوم فعليه باتخاذ الإجراءات المطلوبة لترشيد الإعفاءات الضريبية والجمركية الممنوحة لعدد من الشركات والمؤسسات والهيئات والمنظمات والتي يقدرها بعض المراقبون بما يزيد عن «60%» من جملة الإيرادات الذاتية.

وكانت مصادر «التغيير»، كشفت أنه سيتم رفع الدعم بصورة كاملة من الكهرباء والماء والغاز في الموازنة المنتظرة.

وذكرت أن المالية لم تنشر الموازنة حتى الآن، في ظل وجود محاولات يائسة من أجل «طبخها» لتقليص العجز و«تجميل» المؤشرات الاقتصادية الرئيسة.

ونبهت المصادر إلى وجود تضارب كبير في طرق العمل بين وزارة المالية وبنك السودان المركزي.

تاريخ الخبر: 2023-01-28 03:23:28
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية