لحن شيري ني ماريا (٦)


عزيزي القاريء تحدثت معك في المقال السابق عن الجزء الخامس من لحن: شيري ني ماريا مرد الإبركسيس الكبير.واليوم اريد أن أستكمل الحديث معك الحديث عن نفس هذا الجزء، فمازال الغوص فيه بحرا من النغم والذي يعتبر مختلفا بالكلية في طبيعته وفي إيقاعاته ومقامه الموسيقي، لذا ينبغي لنا أن نفهم لماذا هو مختلف هكذا.

بعد ذلك وقبل أن ينتهي الجزء الخامس بقليل، تظهر في اللحن جملتين تملأهما الحيرة والدهشة مع لمسة عذاب، والجملتين لهما صياغة لحنية متقاربة مع اختلاف بسيط وتكرار الجملة هكذا مرتين إنما يؤكد هذه الحيرة واختلاف درجة الاستقرار في الجملة الثانية عن الأولى يوضح الدهشة. وظهور “اللمس الموسيقي” لنغمة الـ “مي” الطبيعة رغم ما حولها من مي منخفضة يعطي احساساً بالإلتماس والإستعطاف والتوسل ولعل القارئ العزيز يتساءل وما هي أسباب الحيرة والدهشة والعذاب وأين هو الاستعطاف والتوسل في حياة العذراء والحقيقة أنه بمجرد الإنتهاء من أحداث سمعان الشيخ وبعد أن أكملا “يوسف ومريم” كل شئ حسب ناموس الرب يحكي إنجيل لوقا البشير (2 : 39-52) أنهم رجعوا إلى الجليل إلى مدينتهم الناصرة حيث كان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة. وكان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح. ولما كانت له أثنتا عشر سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد وبعد ما أكملوا الأيام بقى عند رجوعهما الصبي يسوع في أورشليم ويوسف وأمه لم يعلما. وإذ ظناه بين الرفقة ذهبا مسيرة يوم وكانا يطلبانه بين الأقرباء والمعارف. ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه. وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالساً في وسط المعلمين… فلما أبصراه اندهشا. وقالت له أمه يا بني لماذا فعلت بنا هكذا. هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين.

والملحن أراد – قبل أن يترك الجزء الخامس من اللحن – أن لا يترك هذه الواقعة أن تمر دون أن يعبر عنها بواقع النغمات، فكرس هاتين الجملتين الموسيقيتين ليعبر عن حيرة يوسف ومريم وهما يبحثان عن الطفل ثلاثة أيام من بينها يوم كامل قضياه في السير على الأقدام بحثاً عن الصبي يسوع بين الأقرباء والمعارف، كما عبر عن العذاب الذي أعلنته القديسة مريم قائلة “هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين” كما عبر الملحن عن الدهشة التي أصابتهما عندما أبصراه بين المعلمين كمعلم أبهتهم بفهمه وأجوبته وعن الدهشة التي أصابتهما عندما قال لهما “ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي” أما مريم فكانت تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها!!

إلا أن الملحن القدير الممتلئ بصيرة، قبل أن ينهي الجزء الخامس أخذنا في لمحة سريعة إلى عرس قانا الجليل، ولم يأخذنا إليه من أجل أن نشارك أهل العرس أفراحهم كما فعل السيد المسيح محققاً الأية “فرحاً مع الفرحين” إنما أخذنا إليه لنرى من بعيد العذراء مريم التي ملأت الشفقة قلبها وجاءت إليه في العرس لتقول بتوسل: “ليس لهم خمر” لم تقل شيئاً آخر ليسوع.. فقط ثلاث كلمات ملئهم التوسل والرجاء.. هذين اللذين ظهرا في نغمة واحدة استعطافية هي نغمة الـ مي الطبيعية. وبالرغم من أن يسوع قال لها “ما لي ولك يا امرأه” وبالرغم من أن “ساعته لم تأت بعد” إلا أنه بعد التوسل والرجاء.. كان هناك الثقة والإيمان فقالت للخدام بثقة “مهما قال لكم فافعلوه”.

وبالتوسل والثقة كانت المعجزة الأولى التي غيرت المواقيت، فأتت الساعة التي لم يكن أوانها بعد وما العجيب في ذلك فهو الذي بيده الزمن يقدمه ويؤخره كيفما يشاء. وبالتوسل والثقة تأكد مفهوم الشفاعة الذي يشك فيه الكثيرين وبالتوسل والثقة ينتهي الجزء الخامس من اللحن.

عزيزي القارئ سوف أكتفي بهذا القدر من شرح الجزء الخامس من لحن: شيري ني ماريا مرد الإبركسيس الكبير.وإلى اللقاء في المقال القادم لكي نغوص معا ونتجول بين نغمات الجزء السادس من هذا اللحن الرائع ” فإلى أن التقى بك أتركك تستمتع بنغماته العذبة الممتلئة بالروحانية.

تاريخ الخبر: 2023-01-28 09:21:52
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية