هكذا أخلطت أميرة بورادي أوراق الجزائر وفرنسا وقلبت الرئيس التونسي على تبون


في قصة أشبه بالأفلام البوليسية الهوليودية، لكنها هذه المرة واقعية متجسدة، بإخراج فرنسي وشخصوص تعددت غاياتهم. هي قضية أميرة بوراوي الصحافية والناشطة الجزائرية التي هربت من بلادها “الجزائر” خفية إلى تونس ومن ثم إلى فرنسا. ملف يسمم أجواء ثلاثة بلدان دفعة واحدة وحولت ما كان بالأمس القريب دفء ووئام إلى توتر واستدعاء للسفراء، كما حصل مع السفير الجزائري بفرنسا الذي عاد إلى بلاده بأمر من الرئيس عبدالمجيد تبون، وما أقره نظيره التونسي من إقالة لوزير الخارجية دون إبداء الأسباب.

 

وتحوز قضية ما سُمي بـ‘‘تهريب’’ السفارة الفرنسية في تونس للمعارِضة الفرنسية- الجزائرية، أميرة بوراوي، المطلوبة من قبل السلطات الجزائرية، على قدر هام من المتابعة في فرنسا والجزائر وتونس، وأفاضت وسائل الإعلام على غرار مجلة “لوبوان” الفرنسية في رسم تبعات الملف على تسميم العلاقة بين الجزائر وباريس، وبين الجزائر وتونس.

 

قصة “الهروب” الكبير

 

تعود القضية إلى يوم الجمعة الماضي، عندما اعتُقلت أميرة بوراوي، بعد إدانتها في محكمة بأنها قد دخلت تونس ‘‘بشكل غير قانوني’’ بجواز سفرها الفرنسي، وألقت الشرطة التونسية القبض عليها لأول مرة أثناء محاولتها ركوب رحلة طيران بين تونس وليون، ومثلت أمام قاض يوم الإثنين، الذي أطلق سراحها في النهاية، وأعاد جواز سفرها إلى حين صدور قرار بشأن مصيرها في 23 فبراير. لكن أحد محاميها أكد أنه تم ‘‘اختطافها’’ بعد مغادرتها مكتب القاضي، واحتجزتها شرطة الحدود في مطار تونس، مع التهديد بترحيلها إلى الجزائر في اليوم نفسه.

 

المحامي والدبلوماسي السابق فرانسوا زيمراي، قال وفق ما أوردته وكالة فرانس برس، بأن ‘‘موكلته تعرضت لمحاولة اختطاف وعزل من قبل السلطات التونسية بناء على طلب نظيرتها الجزائرية’’. وبحسب الوكالة، فقد شدد مسؤول في مكتب ‘‘هيومن رايتس ووتش’’ في تونس على أنه لا ينبغي ‘‘تحت أي ظرف’’ إعادة أميرة بوراوي ‘‘إلى بلد سُجنت فيه وتواجه سلسلة من الدعاوى القضائية بسبب نشاطها السلمي وآرائها’’. لكن الناشطة السياسية الجزائرية- الفرنسية، تمكنت في نهاية المطاف، من التوجه إلى فرنسا عبر رحلة من تونس إلى مدينة ليون، مساء يوم الإثنين، بعد أن وُضعت ‘‘تحت حماية السلطات الفرنسية’’.

 

صحيفة ‘‘لوموند’’ الفرنسية، أكدت أن أميرة بوراوي نُقلت أولاً إلى بر الأمان في السفارة الفرنسية بتونس العاصمة، قبل أن تحصل السفارة على تصريح من الرئيس قيس سعيد للسماح لها بالسفر إلى فرنسا بدلاً من تسليمها للجزائر.

 

أميرة تقلّب المواجع الفرنسية الجزائرية

 

تكشف قضية الصحافية الجزائرية أميرة بوراوي، حجم التدخل الفرنسي الموغل في الداخل التونسي، من خلال تدخل مصالحها الدبلوماسية في تونس لتعطيل مسطرة تسليم أميرة بوراوي إلى الجزائر، كما ضغطت على القضاء التونسي للإفراج عن المعنية بالأمر والسماح لها بالسفر إلى مطار ليون بعدما تم استغلال حملها جواز سفر فرنسي.

 

ورغم محاولة لملمة الجرح الغائر في العلاقات الفرنسية الجزائرية من خلال تبادل الزيارات والاتفاقيات وإظهار حالة التوافق في الرؤى، إلا أنها تزيد برودة على العلاقات الثنائية وذلك قبل أسابيع من زيارة الدولة التي من المنتظر أن يقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون، إلى فرنسا.

 

فبعد تدهور مفاجئ في العلاقات في خريف 2021، عملت باريس والجزائر على تحسين علاقاتهما خلال زيارة الرئيس الفرنسي في غشت الماضي للجزائر حيث وقّع مع تبون إعلانا مشتركا لدفع التعاون الثنائي. وفي أكتوبر، توجهت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن برفقة 15 وزيرا إلى الجزائر لترسيخ المصالحة بين البلدين وتوقيع اتفاقيات في مجالات الصناعة والشركات الناشئة والسياحة والثقافة.

 

وتحاول الجزائر استمالة الموقف الفرنسي الرسمي في ملفات متعددة، لاسيما تلك المتعلقة بقضايا الساحل والصحراء وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية، بالإضافة إلى الرفض الفرنسي الأقرب إلى التشدد على الاعتذار عن الفترة الاستعمارية التي دامت أكثر من مائة عام، تعود هذه القضية لتزيد من عمق الهوة، وما إذا كانت ستدفع قصر المرادية إلى إعادة حاساباته مع فرنسا، لاسيما وأن باريس تراهن على الجزائر في ملف الطاقة.

 

عيون أميرة تبعد قيس سعيد عن عبدالمجيد تبون

ولم يقف مستوى التدخل الفرنسي في الشؤون الداخلية التونسية عند مستوى انتهاك السيادة القضائية، بل تم انتداب وتسخير الرئيس قيس سعيد بنفسه لإصدار أمر رئاسي، يسمح للمعنية بالسفر إلى مطار ليون تحت حماية السفارة الفرنسية، وهو ما ترى فيه أوساط جزائرية انقلاب سعيد على نظيره عبد المجيد تبون الذي دعمه في عز النقمة الداخلية عليه.

 

موقف الرئيس التونسي بعد أيام  من إعلان اتفاق الطاقة الجديد بين الجزائر وإيطاليا، وما أثاره من جدل حاد وتساؤلات تونسية بشأن مصير أنبوب الغاز الجزائري العابر للتراب التونسي، بعد اتفاق جزائري إيطالي بشأن مشروع خط أنابيب جديد يربط الجزائر بجزيرة سردينيا الإيطالية، سينقل الغاز والهيدروجين والأمونياك والطاقة الكهربائية.

 

تونس التي يبدو أنه خضعت للضغوط الفرنسية وقررت عدم التنسيق مع الجزائر في قضية أميرة بوراوي، كسرت عادة الرئيس قيس سعيد الذي لا يخفي موالاته للنظام الجزائري، حيث سبق للسلطات التونسية أن سلمت إلى نظيرتها الجزائرية في غشت عام 2021 سليمان بوحفص، المشتبه في انتمائه إلى حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل التي تعتبرها الجزائر كيانا ‘‘إرهابيا’’. وقد دانت المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان هذا التسليم، خاصة وأن بوحفص استفاد في تونس من وضع اللاجئ الذي منحه المفوض السامي لشؤون اللاجئين.

تاريخ الخبر: 2023-02-09 18:21:42
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 67%
الأهمية: 74%

آخر الأخبار حول العالم

إلغاء “الفيزا” بين المغرب وأذربيجان

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:09:08
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 75%

البناء العشوائي يهدد غابات طنجة بالانقراض وسط مطالب بتدخل السلطات 

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:08:56
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 85%

فينسيوس يسخر من لامين يامال

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:09:05
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 79%

المغربية آية العوني تتوج ببطولة أنطاليا لكرة المضرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:08:52
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 80%

متفوقا على رحيمي.. تاعرابت يتسيد الدوري الإماراتي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:08:59
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 85%

إدارة سجن "عين السبع1" توضح حقيقة محاولة تصفية سجين

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:09:45
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 59%

خاص.. البقالي يغيب عن جولة الدوحة بالدوري الماسي

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:09:44
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

هل صرف الرجاء منحة 15 مليون لحسنية أكادير بعد فوزه على الجيش؟

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 18:09:46
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية