كهرمان ماراش... «قاهرة الفرنسيين» تسقط أمام الزلزال الكبير


لم تحتفل مدينة كهرمان ماراش (تُكتب أيضاً «قهرمان») التركية بذكرى التخلص من الاحتلال الفرنسي، التي مرت يوم الأحد الماضي، على غير عادتها منذ تأسيس الدولة التركية الحديثة. فالمدينة التي نالت لقب «القهرمان»، أو أمين السلطان، نظير مقاومتها الشرسة للفرنسيين بُعيد الحرب العالمية الأولى، ووضعته بفخر إلى جانب اسمها الأساسي (ماراش) منذ ذلك التاريخ، كانت أحزن من أن تحتفل، بعدما ضرب الزلزال قلب المدينة ودمره بالكامل تقريباً.

يقول مسؤول محلي تركي كان يراقب عملية رفع الأنقاض: «لو أتيتنا في مثل هذا اليوم سابقاً، لرأيت حجم الاحتفالات التي تقيمها المدينة التي تفخر باسمها الجديد»، كما حال مدن تركية أخرى، كعنتاب التي أضيفت إليها عبارة غازي بالتركية (الفاتح)، أو أورفا التي أضيف إليها اسم «شانلي» أي المكرم.

وتقع ماراش على كتف جبل مكلل بالثلوج في مثل هذا الوقت من العام، فيما يستريح قسم منها على جانب السهل الممتد منه، وهي كانت أكثر الأماكن تضرراً بالزلزال الذي ضرب السهل والجبل، فكانت أضرار الجبل أقل بكثير من أضرار المدينة التي طعنها الزلزال في قلبها، فهشّم مبانيها فوراً من دون أن يعطي سكانها الكثير من الوقت للمقاومة والفرار.

وفيما تعمل آليات رفع الأنقاض بسرعة وقوة، لا يزال الآلاف من السكان في خانة المفقودين، وهو ملف يؤرق المسؤولين والسكان، بعد نحو 9 أيام على الزلزال الذي كانت المدينة نقطة انفجاره الأساسية.


ناجون من الزلزال ينتظرون الحصول على الطعام في كهرمان ماراش (الشرق الأوسط)

في قلب المدينة، تحوّل ملعب كرة القدم الذي نجا من تداعيات الزلزال إلى مخيم إقامة مؤقت لآلاف العائلات، فتحوّل المستطيل الأخضر إلى مخيم بيضاوي الشكل أبيض اللون، فيما يشهد من يقف على المدرجات على واحدة من مآسي الزلزال مع عائلات تركت كل ما تملك والتجأت إلى هذا المكان المكتظ بالبشر، وبحيواناتهم الأليفة، كحال تركي حمل معه قطته ويجاهد في الحفاظ عليها من الضياع بين الخيام، فيما حمل لاجئ سوري قفص العصافير معه ليسنده على شبك الملعب.

ويلعب الأولاد أمام خيم العائلة، فيما يرتاح كبار السن بغفوة صغيرة أمامها؛ للتمتع ببعض من أشعة الشمس التي أشرقت بعد عاصفة كبيرة ضربت المدينة قبيل الزلزال وبعده. أحمد، السوري الصغير ذو السنوات الثمانية، اتخذ من مدرج الملعب مركزاً له ينظر إليه بصمت. عندما سألناه عن اسمه وما الذي يفعله هنا، قال أحمد ببسمة عابرة، إن عائلته معه بعدما نجا كل أفرادها، لكن المنزل تهشم بالكامل. والده سوري أتى إلى المدينة منذ أكثر من 10 أعوام هرباً من الحرب في بلاده، ويعمل الآن في مصنع في المدينة تضرر هو أيضاً إلى حد كبير. يتحدث أحمد بلهجة الأطفال، وبلغة الكبار في آن. يقول: «مش معقول، حياتنا كئيبة، فقدنا كل شيء من جديد». اللافت أن أحمد ولد في تركيا، ولم يعش مرارة الحرب السورية والهجرة من بلاده التي لم يرها بطبيعة الحال، لكنه كان كمن يكرر كلام كبار المنزل. أحمد يدرس التركية في المدرسة، والعربية في المنزل، وهو يريد أن يصبح طبيباً عندما يكبر.

خارج الملعب، تنتشر مطاعم في الهواء الطلق أقامها متطوعون، يلجأ إليها المئات من أجل بعض الطعام الساخن، كالكفتة التركية والمشاوي والشوربات، التي «لا تشبه الطعام الموزع في المخيمات، والذي يكون بارداً وجافاً»، كما يقول واحد من مئات الواقفين في الطابور المؤدي إلى المطعم.

في الجانب الأقل تضرراً من المدينة، كان بعض السكان يتفقدون منزلاً لم يهبط، لكن جدرانه كلها مصابة بالتشقق، ويبدو أن الدخول إليه مغامرة. يدخل الشاب سريعاً إلى المبنى، ثم يخرج بسرعة كما دخل حاملاً معه كيساً صغيراً يبدو أنه يحتوي بعضاً من حاجيات طلبتها الفتيات المرافقات له.

بعد جولة حول المبنى المهدد بالانهيار، يقرر الجميع الذهاب كما أتوا. وفي المبنى الملاصق، سقطت الطوابق العليا، وبقي الطابق الأول شبه سليم، فتمكن أصحاب المنزل من دخوله بواسطة سلم من الشرفة، وبدأوا بنقل ما سلم من أثاث ومتاع المنزل الذي غادروه تلك الليلة على عجل، وعندما يشعر هؤلاء بواحدة من الهزات الارتدادية الخفيفة يسارعون إلى الخارج خوفاً من انهيار ما تبقى عليهم.


تاريخ الخبر: 2023-02-15 12:24:40
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 91%
الأهمية: 97%

آخر الأخبار حول العالم

بطل “فيديو” السياقة الاستعراضية في قبضة الأمن

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:08:54
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 79%

وزارة الأوقاف تعلن موعد فاتح شهر ذي القعدة بالمغرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:08:49
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 82%

بوانو يحرج أخنوش بالقضية الفلسطينية ويعتبر حصيلة حكومته “مؤلمة”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:08:57
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 80%

التامني: البرامج الحكومية ليست لها أي أثر على عيش المغاربة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:08:44
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 74%

الملك يبعث برقية إلى رئيس بنما

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:08:51
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 85%

الإعلان عن الفنانين المشاركين في مهرجان “موازين”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:08:41
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 76%

حموني لأخنوش: حكومتكم علَّمت المغاربة الصمود في مواجهة الفقر

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:09:03
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 71%

الجيش الملكي يبلغ ربع نهائي كأس العرش

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:09:00
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 79%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية