"نخوة العوجا" و"العرضة".. إرث متجذر في وجدان كل سعودي


أهازيج الوطن.

وعُرفت "النخوة" بأنها ذلك النداء المرتبط بمجتمع أو دولة ليبث في أهلها الحماسة والفخر، فيما يقصد بـ"العوجا"، الدرعية التي تقع على امتداد وادي حنيفة بطبيعته المتعرجة.

أخبار متعلقة
"العرضة السعودية".. إثارة روح الحماسة والشجاعة في نفوس الفرسان المقاتلين
بسبب زلزال تركيا.. وفاة مواطن سعودي في أنطاكيا
خلال اشتباكات عنيفة.. الجيش الصومالي يعلن مقتل 50 عنصرًا من الإرهابيين

يقول أحد الشعراء: حنا أهل العوجا وحنا اللي نرد الضديد والطايلة يحظى بها من عز طاروقها، وهنا يتأهب الجنود للقاء العدو وتبدأ مسيرة التهيئة التي تسبق المعركة لكي يدب الرعب في نفوس الأعداء عبر "العرضة السعودية".

إرث ثقافي متجذر يعكس روح الفخر والحماسة - واس

شحذ حماسة المقاتلين

وتظهر العرضة الكثرة العددية أمام الأعداء، وترهبهم بأصوات قرع الطبول، وتشحذ الحماسة والبسالة للمقاتلين، وترفع الروح المعنوية لديهم بترديد القصائد الحماسية.

جاء ذلك قديمًا في عام 1178ه - 1765 م، في عهد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله- مؤسس الدولة السعودية الأولى، في أثناء هجوم عريعر بن دجين - زعيم الأحساء، ومعه دهام بن دواس - أمير الرياض على الدرعية، واشتداد الأمر على قوات الدولة السعودية، الذين أحسنوا البلاء في الصمود والتصدي.

وعزم الأمير عبدالعزيز بن محمد بن سعود على رفع معنويات الفرسان المقاتلين، فأمر في آخر مطلع النهار بإقامة العرضة خارج السور، فأثار ذلك روح الحماسة والشجاعة في نفوس المقاتلين، فُقلبت بذلك موازين القتال، وأصبح النصر حليفًا لهم وألحقوا بالمعتدين شر هزيمة.

"للعرضة" تأثير فعال في إثارة روح الحماسة والشجاعة في نفوس الفرسان المقاتلين، فكانت تقام قبل التوجه إلى ساحة المعركة في نقطة تجمع يلتقي فيها المقاتلون مع قائدهم الذي يستعرض جنده، ليتفقدهم ويتأكد من جاهزيتهم لخوض غمار المعركة، وليبعث فيهم روح الاعتزاز والحمية.

وتقام بعد ذلك العرضة في صفوف ذات أداء مهيب متزن يثير العزائم ويحيي مشاعر الشجاعة والتفاني في نفوس المقاتلين، كما كان لها حضور بعد عودة المقاتلين منتصرين، فتقام من أجلهم العرضة احتفالاً واعتزازًا بنصرهم.

إرث أصيل يبعث كوامن الفخر والحماسة - واس

رقصة حربية تثير العزائم

"العرضة" في الأصل ما هي إلا "رقصة حربية" تُثير عزائم المقاتلين، وهي صورة من صور التلاحم بين القائد وشعبه، يؤديها الفرسان أمامه مظهرين بذلك حبهم لأرضهم، ومدى انتمائهم واعتزازهم بها ووفائهم وإخلاصهم لقائدهم.

وتضمنت العرضة القصائد البطولية التي تعرض أمجاد القادة وإنجازاتهم، وتضحيات الآباء وبطولاتهم واستبسالهم للدفاع عن أراضيهم والتغني بالانتصارات.

وكان الفارس يشارك في أداء عرضة الخيل، من خلال عرضه على صهوات الجياد، وتسمى "بالحدوة" ويعود اسمها في الأصل إلى حداء الخيل، إذ ينفرد الفارس في بدء تلك العرضة، وهو يحدو على صهوة جواده، بهدف تعريف نفسه، متجاذبًا الأصوات مع الفرسان الآخرين بفخر وحماسة، ويطلق عليه "الحادي".

ثم ينضم بعد ذلك إلى صفوف العرضة ويشاركهم وهو على صهوة جواده.

وتستهل العرضة، "بالحوربة" وهو النداء لبدء العرضة، ويطلق عليها كذلك "البيشنة" أو "الشوباش" حيث ينادي أحد مؤدي العرضة "يطلق عليه المحورب" بصوت مرتفع، ويكون محمولًا على أكتاف الرجال، ليصل مدى صوته مسامع الجميع.

ويسترسل ببيت أو بيتين، ولا تزيد على ثلاثة أبيات من الشعر الحماسي، يستحثهم فيها على الحضور، وبدء العرضة.

أداء متزن بالسيوف والأبيات الحماسية - واس

اصطفاف 40 إلى 50 عارضًا

بمجرد سماع الحوراب وارتفاع النداء معلنًا بدء العرضة، يبدأ المشاركون في العرضة بتنظيم الصفوف مشكلين صفين متقابلين، ويكون متوسط عددهم من 40 إلى 50 عارضًا، ويكون الصف متزنًا لا يسوده أي خلل، متماسكين بأيدي بعضهم بعضًا.

ويقومون "بالنز" وهو التمايل والاهتزاز يمينًا وشمالًا، ويستمرون إلى حين نزول المحورب وإلقائه الشطر الأول من البيت، ومن ثم يردده الصف الذي من خلفه بالتناوب مع الصف الآخر، ثم يلقي الشطر الثاني من البيت ويردد كل صف البيت الشعري ترديدًا جماعيًا موحدًا وتستمر هكذا على النسق نفسه.

ومن ثم يبدأ قرع الطبول وتتراقص الصفوف بثني الركب يميناً وشمالاً حاملين في أيديهم السيوف متمايلين بها.

وحينما يُسمع بيت يتضمن الفخر والحماسة يرفع أصحاب الصف سيوفهم أعلى من مستوى الرأس مصحوبًا ذلك برفع الصوت إلى أقصى ما يمكن، وتارة يضعون السيوف على أكتافهم.

ويجري ذلك وفق اتساق جماعي تام فيما بينهم، ومن أشهر قصائد العرضة السعودية هذه الأبيات التي لازالت تُغنى حتى اليوم:

- مني عليكم يا هل العوجا سلام واختص أبو تركي عمى عين الحريب يا شيخ باح الصبر من طول المقام ياحامِي الوَندَات يا ريف الغَريب اضرب على الكايد ولاتَسمع كلام العز بالقَلطاَت والرَّاي الصّليب لو إن طِعِت الشور يا الحِرِ القَطَام ما كان حِشت الدار وَاشقِيت الحَرِيب.

تاريخ الخبر: 2023-02-23 15:32:19
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية