توصيات مؤتمر العدالة الانتقالية.. هل يتحقق النموذج السوداني؟


قوبلت توصيات مؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية، الذي اختتم مؤخراً، بردود فعل متباينة من الأطراف السودانية التي تمثل أصحاب المصلحة، في وقت يؤمل فيه أن تكون هادياً لنموذج سوداني للعدالة.. فهل يتحقق؟!

التغيير– الخرطوم: علاء الدين موسى

اختتم مؤخراً، مؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية في السودان، ضمن المرحلة النهائية للعملية السياسية، بعد مداولات استمرت لأكثر من ثلاثة أيام، وخرج بأكثر من ألف توصية وبمشاركة ممثلين لأصحاب المصلحة وأسر الشهداء والمتضررين من انتهاكات حقوق الإنسان منذ العام 1989 وحتى الآن.

المؤتمر الذي انعقد خلال 16- 20 مارس الحالي، برعاية الآلية الثلاثية «الاتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة وإيغاد»، حاملاً شعار «المؤتمر القومي: نحو بناء نموذج سوداني للعدالة الانتقالية»، خرج بإعلان مبادئ مكون من «16» بنداً.

وشدّد المؤتمرون على أن تشمل العدالة الانتقالية المساءلة عن جميع الانتهاكات التي وقعت في الماضي وتقتضي إنصاف الضحايا وجبر ضررهم وكشف الحقيقة وحفظ الذاكرة، وصولاً للمصالحة المجتمعية من أجل مستقبلٍ أفضل.

لكن بطبيعة الحال، كانت هناك شكوك من أصحاب مصلحة تجاه مخرجات المؤتمر ومدى نجاحها في التأسيس لنموذج سوداني في تحقيق العدالة يسهم في جبر الضرر وإزالة المظالم التاريخية.

قانون خاص

وبينما تواترت تسريبات عن مطالبة القادة العسكريين بتحصينهم من المساءلة إزاء الجرائم المرتكبة بحق المحتجين السلمين، أكد مؤتمر العدالة الانتقالية، أنه لا يجوز أن يصبح المجرمون جزءاً من أي عملية سياسية ديمقراطية في المستقبل.

وأوصد المؤتمر الباب أمام أي دعوات للعفو عن الجناة الضالعين في ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان.

وأوصى المؤتمر الذي شهد مشاركة واسعة تضمّنت أسر ضحايا لانتهاكات السلطة العسكرية، بتشكيل مفوضية للعدالة الانتقالية وصياغة قانون خاص بالعدالة الانتقالية، يكون مرشداً للحكومة المدنية المقبلة.

نائبة رئيس الحركة الشعبية ـ التيار الثوري بثينة دينار خلال مشاركتها في مؤتمر العدالة الانتقالية بالعاصمة السودانية الخرطوم

ورش شاملة

قبل وأثناء وبعد نهاية المؤتمر، تعالت أصوات تشكك في أنه لم تتم فيه مشاركة أصحاب المصلحة الحقيقيين، من الضحايا وأسرهم خاصة في المعسكرات، لكن القيادية بالحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي بثينة دينار ردت على هذا الادعاء.

وقالت بثينة لـ«التغيير»: «هذا الحديث غير دقيق، لأن أكثر ما يميز مؤتمر العدالة الانتقالية اعتماده على أكثر من 60% من الضحايا وأسر الشهداء، والذين وقعت عليهم الانتهاكات، والتوصيات التي خرج بها المؤتمرون كانت بمثابة الإنصاف للضحايا وأسرهم».

واستدركت بالقول: «من الصعب تغطية كل السودان فرداً فرداً، وكان هنالك ممثلون لجميع أنواع الانتهاكات، ضحايا الحروب، وقضايا ضد الإنسانية، معتقلين، معذبين، أسر شهداء، وجميع هؤلاء كانوا ممثلين وهنالك نماذج منهم، والنقاش كان شاملاً».

وأضافت بأن «الورشة كانت شاملة، وحققت جميع الأغراض التي قامت من أجلها فيما يتعلق بالانتهاكات وقضايا العدالة والعدالة الانتقالية».

وشدّدت بثينة على أن التوصيات كانت قوية وناقشت على المستوى العام والخاص، بغرض أن تكون هنالك محاكمات بالشكل الجنائي، وعدالة انتقالية تعوِّض المتضررين في قضايا جبر الضرر.

ونوهت إلى أنها ناقشت مسألة العفو المشروط المعتمد على القوانين الدولية في كل ما يختص بالمسائل الخاصة بالعدالة الانتقالية.

وقالت إن توصيات مؤتمر العدالة الانتقالية ستضمّن في الاتفاق النهائي والدستور.

أسماء محمود محمد طه

إنهاء الإفلات من العقاب

واتفقت رئيسة الحزب الجمهوري أسماء محمود محمد طه، مع بثينة دينار فيما ذهب إليه، وقالت لـ«التغيير»، إن البيان الختامي للمؤتمر كان واضحاً وشفافاً وأجاب على كافة التساؤلات التي تدور في أذهان الكثيرين.

وأكدت  على أن المؤتمر لم يغفل عن أي كبيرة وصغيرة في حق الضحايا وأسرهم.

وشددت على أن الحكومة الانتقالية المقبلة ستقوم بتنفيذ توصيات المؤتمر وتعمل على رد المظالم إلى أهلها ولإنهاء عملية إفلات المجرمين من العقاب التي كانت سائدة في الفترة السابقة.

تسييس العدالة

لكن الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين آدم رجال، أكد أنهم لم يكونوا جزءاً من مؤتمرات العدالة الانتقالية.

واعتبر أن مثل هذه الورش والمؤتمرات لن تحقق العدالة «بل تشرعن وتسيس عملية العدالة، وتعمل على إفلات الجناة من العقاب».

وقال رجال لـ«التغيير»، إن العدالة ليست مكاناً ليتم النقاش حولها، وإنما يجب تقديم الجناة للعدالة لاستعادة حقوق الضحايا وأسرهم.

وأضاف: «بعد ثورة ديسمبر لم يتم تسليم المطلوبين للعدالة، والمحكمة الجنائية الدولية أكدت في آخر تقرير لها أن الحكومة السودانية لا تريد التعاون معها لأن الدولة العميقة وجنرلات الجيش ما زالت تسيطر وتواصل الانتهاكات».

آدم رجال

كبش فداء

ووصف رجال مؤتمر العدالة بأنه «استهلاك زمن وعلاقات عامة لإضاعة الوقت، وإهدار للمال العام، ولم يحقق حقوق الضحايا المظلومين المغلوبين على أمرهم».

وقال إن «من حضروا المؤتمرات والورش فقط يمثلون أنفسهم لأن النازحين لديهم مؤسسات تنسق قضاياهم، ومن شاركوا يقدمونا ككبش فداء في جميع الاتفاقيات التي تمت في الدولة السودانية».

وأضاف: «ورش العدالة الانتقالية لم تصمم كنموذج سوداني، وكان يجب أن تكون الورش في المعسكرات وليس المدن، حتى يتمكن النازحون من المشاركة فيها وليس تمثيل كل معسكر بشخصين أو ثلاثة».

واتهم رجال جهات- لم يسمها- بشراء ذمم البعض بالمال لتكون هنالك مسرحية تمثيلية ويقولوا إن النازحين موجودون وصوتهم وصل.

وشدد منسق النازحين، على عدم اعترافهم بالتوصيات وورش العدالة والعدالة الانتقالية، «لأنها لن تأتي بحقوق الضحايا في ظل الاتفاق مع الحكومة الانقلابية»- على حد قوله.

نموذج سوداني

فيما أكدت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة سليمى إسحاق، أن أغلب المشاركين في جلسة النساء بمؤتمر العدالة الانتقالية من لجان الحماية داخل المعسكرات بدارفور.

وقالت لـ«التغيير»، إن التمثيل في ورشة النساء كان أغلبها من دارفور باعتبار أن أكثر الانتهاكات حدثت في دارفور، والتسليط الإعلامي العالمي كان عليها.

وأضافت: «أي عنف آخر حدث في السودان لم يجد ذات المساحة الإعلامية التي وجدها العنف في إقليم دارفور».

وأوضحت أن الورشة لم تصمم نموذجاً للعدالة الانتقالية في السودان لأن النموذج يحتاج إلى زمن حتى يتم تصميمه.

وتابعت: «لابد أن نصنع من أنفسنا منقذاً ولا نحتاج لمنقذ خارجي».

وزادت سليمى: «النموذج السوداني لا يمكن تصميمه إلا من خلال اتفاق الأغلبية حول الحد الأدني من الاشياء الأساسية».

وأردفت: «بالنسبة لي أن القضية لأول مرة يتحدث عنها بشكل مفتوح في منصة كبيرة كهذا المؤتمر». ونوهت إلى أن العدالة الانتقالية في السابق لم يتم تناولها إلا في اتفاقيات السلام.

سليمى اسحاق

وقالت إن حملة «إنصاف» بدأت قبل سقوط النظام لاستقراء كامل الانتهاكات التي حدثت في السودان، وأجرت بحوثاً كثيرة لكنها لا يمكن أن تخرج الآن ليتم تقديمها كنموذج سوداني.

ورأت سليمى، أن الفترة الانتقالية «عامين» لا تسمح ليكون لدينا نموذج للعدالة الانتقالية في السودان، ولكن من هذه الفترة تساعد في بناء أسس تطبيق العدالة الانتقالية.

ونادت بضرورة استصحاب مسألة الاصلاح الأمني والاجتماعي، لأنها تسطيع المساهمة في مسألة العدالة الانتقالية.

أهمية رفع الوعي

وطالبت سليمى بضرورة رفع الوعي المجتمعي حتى يستطيع أن  يفكر في ماذا يريد، ولتقبل بعضه لأن قبول الآخر يعمل على خلق نموذج معين، ورفع  كفاءة المجتمع.

وشددت على ضرورة رفع الوعي بالمظالم التي حدثت ضد الضحايا، لأن هنالك بعض الأشخاص وقعت عليهم مظالم لم يعرفوا إنها مظالم حتى يقولوا إنها مظلمة ويمكن اعتبارها جزءاً طبيعياً من الحاجات.

وأضافت: «رفع الوعي مهم لأنه يصنع العدالة الانتقالية الحديثة، ولكن هذا يأخذ زمن وصبر وأكثر».

وحول تفيذ التوصيات التي خرج بها المؤتمر قالت سليمى: «إن الإرادة الموجودة عند الشعب السوداني لا يمكن اختزالها في أن الفترة سوف تعمل إرادة أم لا، قد تكون هنالك مشكلة في الإرادة السياسية وقد لا تكون، لكن الأهم إرادة الشعب وهذا ما يغير الموازين ونحن كسودانيين في الفترة السابقة غيرنا موازين أشياء كثيرة، لأن الوعي عندنا أكثر».

تاريخ الخبر: 2023-03-25 03:26:33
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

شخص يتقدم بـ 21 ألف شكوى من ضوضاء الطائرات - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:23:37
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 52%

أهدى شقيقته خاتماً في زفافها.. فقتلته أسرة زوجته! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:23:36
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

قتل زوجته ففضحه «قوقل»! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:23:34
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 51%

وفاة قبطان سفينة «تيتانيك» برنارد هيل - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:23:35
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

دعاية النظام الجزائري.. خطاب صبياني واتهامات مضللة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 03:24:50
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية