محجوب شريف: إنسان تحتويه القوالب الإنسانية

إسماعيل التاج

يصادف 2 أبريل من كل عام  ذكرى رحيل القامة محجوب شريف في عام 2014. وهي ذكرى تحسب بقياس الإنسانية وليس بمقياس العمر الذي عاش. حيث تمددت حياته خارج إطار الشعر إلى عوالم متناهية من الإنسانية خرج بموجبها من القولبة التي يدس فيها كثيرون أنفسهم فصار رجل لا تتسع له القوالب.. يخرج منها لبراح الإنسانية فتجده في كل مكان ومع كل إنسان. تربطه صلات التواصل والمواددة والفعل الجميل. لم يكثر من القول والترف الفكري، بل ترجم كل ما يؤمن به على أرض الواقع فعلاً يقضي به حوائج الناس ويمسح على جراح التهميش ويوظف إمكانياته ومحبة الناس له لتغيير واقع تعيس إلى أمل مرتجى وفعل إنساني يبريء  دمامل الزمن القبيح. لذا، تجد سجله ممتلئـاً بمبادرات جسورة وحيوية، تنبض بالأمل والوفاء لقيم إنسانية يؤمن بها. مبادرات كثيرة أطلقها، بعضها للمساهمة في علاج المرضى خاصة المصابون/ات بالفشل الكلوي من الأطفال، ومنها بص نفاج لربط أطراف المدينة بقلبها النابض في تجسيرٍ له معنى، ومبادرة (صحبة راكب) لتوفير الأدوية المنفذة للحياة يحملها مسافر قادم إلى السودان، ما أنبل الفكرة وما أوسع باب حياة تحمله حقيبة بصحبة راكب.

مجيء محجوب إلى لندن كان يعني حياة جديدة لسودانييها من الجنسين. يعني الحيوية وبذل العمر من أجل فكرة تحمل طيات الأمل والحياة. عندما جاء إلى لندن في صيف العام 2006، جاء يحمل بذور تلك المبادرات فأينعت فعلاً حقيقياً عاد يحمل ثمراته إلى السودان. فصارت نفاج إصدارة ورقية مصقولة بدلاً عن صفحة في بعض الصحف السيارة في خرطوم ذاك الزمان. صارت مجلة أنيقة تصدر في لندن يشرف على تحريرها أحمد بدري، معتز بدوي، شرف ياسين، أسامة محمود صالح عثمان صالح، إسماعيل التاج، ويساهم في تحرير مادتها تلاميذ مدرسة الأسرة السودانية بلندن وتلاميذ من داخل السودان باللغتين الإنكليزية والعربية. تُرسل المجلة وتوزع مجاناً داخل السودان. كانت وسيلة للتواصل ونفاجـاً بين تلاميذ الداخل والخارج لتقريب مفاهيم تتعلق بالوطن. مبادرة دعم (المنظمة السودانية لأطفال الفشل الكلوي) تداعى لها مساهمون ومساهمات من داخل وخارج بريطانيا فجاءت نانسي عجاج من هولندا في واحدة من أولى إطلالاتها العامة، وجاءت فرقة الهيلاهوب من السودان، وكانت مدرسة الأسرة السودانية بلندن حاضرة وكذلك مصطفى السني. فكانت أمسية الجمال والوفاء والعطاء في لندن في صيفٍ لندني في 26 أغسطس 2006 حيث  استطاع محجوب توظيف إمكانيات الإنسان السوداني من أجل فعل نبيل. لولا محجوب لما كان تلك الفعالية ولا كانت تلك الصرخة الداوية التي أطلقها: (أيها الشعب الأصيل، أطفالنا، أكبادنا تمشي على جمر الغسيل) ولا كان ذاك الدعم السخي.

هكذا كان.. ولمحجوب حكايات لندنية أخرى تُروَى في وقتها، إن مد الله في الآجال.

الصور خاصتي لفعالية دعم (المنظمة السودانية لأطفال الفشل الكلوي)، 26 أغسطس 2006، لندن.

الخرطوم، 2 ابريل 2023

//انتهى//