طوال الأسبوعين الماضيين ازدحمت الصحف والدوريات واستدعاء الذكريات بكل ما يتعلق بالغزو الأمريكى للعراق فى مارس ٢٠٠٣. عشرون عاما مضت على الحرب التى ظل الخلاف حول منشئها ومصيرها قائما داخل الولايات المتحدة والدول الغربية التى ناصرتها، وداخل العراق ذاته الذى أعيد تشكيله عدة مرات خلال فترة لا تقل عن أربعين عاما. أى ضعف المدة التى جرى الاحتفاء بها، لأن البداية كانت مع حرب الخليج الأولى عندما شن العراق بقيادة صدام حسين الحرب ضد إيران، واستمرت من سبتمبر ١٩٨٠، وانتهت فى أغسطس ١٩٨٨. ثمانى سنوات من الحرب التى عرفت بحرب الخليج الأولى والتى لم يمر عامان على توقفها حتى نشبت حرب الخليج الثانية عندما قام العراق بغزو الكويت فى الثانى من أغسطس ١٩٩٠. الغزو تبعه حرب تحرير الكويت فى ١٧ يناير ١٩٩١ لكى تنتهى بعد تحرير الكويت، ووضع العراق تحت أوضاع خاصة فى شماله وجنوبه. حرب الخليج الثالثة بدأت فى ١٩ مارس ٢٠٠٣ ومثلت غزوا أمريكيا شاملا للعراق تضمن الإطاحة بالرئيس صدام حسين ونظامه، وإعادة تنظيم العراق وفق دستور جديد قام على المحاصصة.
هل كانت ثلاث حروب للخليج أم كانت حربا واحدة متصلة كان ما بينها هدنة أو سكوت مؤقت للمدافع وكلها دارت حول العراق مهما تكن لها آثار فى منطقة الخليج كلها. والحقيقة أنه كانت هناك حرب رابعة لا تزال ذيولها قائمة حتى الآن وهى الحرب ضد الإرهاب التى اختلطت مع درجات من الحرب الأهلية التى اعتمدت على ترجمة "المحاصصة" العراقية إلى انقسامات طائفية تركت البلاد مرتعا لأنواع مختلفة من الإرهاب الذى أقام دولة عرفت بالخلافة الإسلامية بين سوريا والعراق. كل الحروب كانت أثقالا على الدولة العراقية جعلت مهمة التخلص منها الآن صعبة ومعقدة ومفتاحها بناء الدولة الوطنية من جديد على أسس تسمح بقيام وطن لجميع العراقيين. ما جرى كان درسا كبيرا لمنطقة بأسرها.
* نقلا عن "الأهرام"