القيامة عطية وإحسان… وانتصار علي الموت
القيامة عطية وإحسان… وانتصار علي الموت
اليوم يوم القيامة.. يوم فرح وابتهاج.. يوم أفاضت القيامة بنورها علي الساكنين علي الأرض… وأفاضت بنورها علي المنتظرين في الجحيم.. فالقيامة نقلت البشرية من الظلم والظلام إلي الحرية والنور.. ونقلت الإنسان من الموت إلي الحياة.. ومن هزيمة إلي انتصارات القيامة.. وغلبتها علي الشر في غفران إلهي للصالبين والمذنبين.. وأرسي بقيامته المقدسة حياة طاهرة بعيدة عن دنس العالم.. وبعيدة عن الانتقام.. ورفعت الإنسان إلي فضيلة المصالحة والسلام.. وبعثت نورها للبشرية تبحث في الحياة بعد الموت.. ونستعد للحياة الأبدية.. والخلود.
القيامة عطية وإحسان من الله
القيامة عطية عجيبة من الله أعطاها لنا لنحيا حياة أخري لكي لا تنتهي حياة الإنسان بالموت… ولكي تمتد حياته إلي عالم آخر.. يعجز عن معرفته قبل القيامة والإنسان يقف عاجزا عن سر القيامة كيف حدثت؟
كيف للجسد الذي تحللت أعضاؤه يعود لقيامة مجيدة؟
الله الذي أحسن للإنسان نعمة الوجود يستطيع أن يعيد وجوده مرة أخري, وهذا الأمر يتوقف علي إيمان الإنسان بقدرة الله غير المحدود.. فهو الذي خلق كل شيء وكل شيء به كان, وبغيره لم يكن شيء مما كان.. فيه كانت الحياة, والحياة كانت نور الناس (يو 1:3 ـ4).
فالذين ليس لديهم إيمان بقدرة الله وينكرون وجوده لا يستطيعون أن يدركوا القيامة, لأنهم لا يدركون الله نفسه.. ولم يسطع نور القيامة في قلوبهم.
القيامة
القيامة ممكنة بقدرة الله.. لأن عملية الخلق في نظرنا أصعب من عملية القيامة.. لأن الخالق خلق كائنات من العدم, وهذا في نظرنا هو الأصعب.
أما أن يعيد الكائنات إلي الحياة فهذا أمر أسهل, والذي يقدر علي الخلق يقدر علي القيامة. كما ورد في الكتاب المقدس فيما هو آتي.
ولكن قيامة السيد المسيح له المجد تختلف تماما عن أي قيامة أخري.. فهناك أموات أقامهم أنبياء أو رجال الله..
والسيد المسيح أقام ابن الأرملة.. وابنه بايرس.. وأقام لعازر من القبر بعد أربعة أيام… لكن قيامة السيد المسيح تختلف عن كل القيامات, لأن السيد المسيح له كل المجد أقام نفسه بقوة لاهوته.. لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.
فقيامته المقدسة أعطت الإنسان رجاء للعبور إلي الحياة الأبدية.. فكانت القيامة لازمة للإنسان.. الذي أجد منه.
أما الروح فللخلود لأنها نسمة الحياة الموهبة من لله لآدم.
فالقيامة
تعيد الجسد وتتحد بالروح ويمنح الله الخلود للإنسان… ولولا القيامة لشابهنا المخلوقات غير العاقلة التي تموت وتنتهي.. ولكن تقوم الأجساد وتتحد بأرواحها لتقف أمام العدل الإلهي, لأن عدل الله في الدينونة يجازي كل واحد حسب عمله.
وفي حياة الإنسان يشترك الجسد مع الروح.. والإنسان روحا وجسدا يشترك في عبادة الله وفي السجود والصوم وفي عمل الخير.. هذا بالنسبة للأبرار والصديقين وأيضا بالنسبة للخطاة والأشرار يشترك الجسد والروح في فعل الإثم والخطية.
ففي القيامة لابد من مكافأة الجسد والروح, إن كان خيرا وإن كان شرا. لأن الرب يقول في سفر الرؤيا: وها أنا أتي سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله (رؤ 22: 12)
فقيامة السيد المسيح إحسان من الله للبشرية
فالموت هو انفصال الروح عن الجسد.. والله أوجد الإنسان للخلود.. وليس للفناء.. بموت الجسد وينفصل عن الروح ويعود إلي التراب الذي أخذ منه وتبقي الروح حية خالدة.. ونحن لا ندرك كيف تنتهي العلاقة وتخرج الروح من الجسد.. ولا ندرك كيف تكون قيامة الأموات ولكن نؤمن بها.
لأن كل الذين قاموا ورجعوا للحياة لا يدركون ماذا حدث.. وكيف أعيدوا إلي الحياة.. والعقل البشري لا يمكنه أن يصل إلي سر الموت أو سر القيامة.
ولكن بالإيمان الذي أدركنا به قيامة رب المجد.. هو يعطينا إدراك أن الله الخالق القائم من الأموات له كل القدرة علي إعادة الروح إلي الجسد مهما تناثر الجسد, لكن قوة الله غير المحدودة تعيد الشيء إلي أصله.
قيامة السيد المسيح له كل المجد هي انتصار علي الموت
المو هو العدو الذي لم يستطع أحد من البشر أن ينتصر عليه. وكل القيامات قبل قيامة السيد المسيح له المجد كانت قياسات مؤقتة, ثم ماتوا مرة أخري منتظرين القيامة العامة.. وفي القيامة العامة يوم الدينونة لا يوجد الموت.. ولا تقوم له قائمة بعد ذلك الموت يجلب الحزن علي البشرية.. ولكن القيامة تجلب الفرح والبهجة.
قيامة السيد المسيح له كل المجد
أعطت الفرح للبشرية كلها. وفرحا أيضا للذين رقدوا علي رجاء القيامة.. وأنار السيد الحياة, وأعطي الخلود للإنسان.. وأصبح الإنسان منتصرا علي الموت بنصرة القيامة.. لا يخاف الموت.. بل نقول في صلاة الراقدين:
لأن ليس موت لعبيدك بل انتقال
فالانتقال هو انتقال من أرض الشقاء إلي مكان الراحة الأبدية لا يوجد حزن ولا كآبة ولا تنهد… فالانتقال إلي الفردوس يجلب الفرح للقاء المرتقب في عالم الخلود.. كما قال السيد المسيح له كل المجد لتلاميذه في إنجيل القديس يوحنا. فأنتم كذلك, عندكم الآن حزن. ولكني سأراكم أيضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم (يو 16: 22).
فانتصار القيامة يجلب الفرح علي القلوب التي عصرتها الأحزان وقت المؤامرة.. والمحاكمة والصلب.. وتبددت كل تبعات الحزن.
القيامة أعطت انتصارا للأجساد البشرية
أجسادنا البشرية ضعيفة.. لكن الرب قام بجسد نوراني ممجد وأعطانا عربون قيامته وأتم الوعد.. ويتمم الوعود بعد الموت.
في رسالة معلمنا بولس الرسول إلي كورنثوس الأولي يقول: لأنه كما في آدم يموت الجميع, هكذا في المسيح سيحيا الجميع (1كو 15:22) وأيضا له سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون علي صورة جسد مجده(في 3:21)
فبانتصار القيامة انتصر الإنسان علي الموت.. كما قال القديس بولس الرسول أين شوكتك ياموت؟ أين غلبتك ياهاوية؟ (1كو 15:55) بالقيامة صار فاصل بين الموت والحياة.. فأطمأنت الكنيسة علي النفوس المنتقلة في المسيح القائم, والقيامة أعطت انتصارا علي اليأس الذي كان يلازم الموت وبثت النعمة الرجاء في البشرية التي تعيش حياة التقوي والفضيلة وأكدت مواعيد الله في مواعيد القيامة ووهبت قوة الكرازة بها كما يقول معلمنا بولس الرسول فإن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام! وإن لم يكن السيد قد قام, فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم, ونوجد نحن أيضا شهود زور لله (1كو 15: 13ـ15), فالقيامة نقطة فاصلة بين الجحيم.. والفردوس.. لأن بها فتح الفردوس وكرز الرب للراقدين في الجحيم من آدم إلي قيامته المقدسة.. لأن في قيامته المقدسة نزل إلي الجحيم.. وسبي سبيا وأعطي الناس كرامات حسب استحقاقها في القيامة ونقلها إلي مكان النعيم الدائم كما قال القديس بطرس: الذين فيه أيضا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن (1بط 3:19) وفتح الفردوس لها كما قال اللص اليمين: اليوم تكون معي في الفردوس.
القيامة ليست هي الهدف إطلاقا
إنما القيامة هي وسيلة تصل إلي الحياة الأخري, الحياة الأبدية, ولكن بعد القيامة توجد الدينونة, ويقف كل إنسان أمام الله ليعطي حسابا عن أعماله التي عملها علي الأرض بل يعطي حسابا عن أفكاره.. ونياته.. ومشاعره.. وعن كل ما يحيط به سواء في علاقته مع الله أو علاقته مع الناس أو واجباته حيال نفسه.
فلنستعد جميعا ليوم القيامة العظيم الذي يكشف فيه عمل كل إنسان. وعندئذ فالأتقياء والأبرار والصديقون الذين عاشوا حياة التوبة وعملوا وقدموا كل شيء صالح من أجل الله هم الذين يستحقون أمجاد القيامة وأفراحها فيجب أن نسعي جميعا إلي نقاوة القلب ونجتهد جميعا في حياة الفضيلة ومخافة الله..
وأن نعمل الصلاح والخير مع كل إنسان حتي يروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السموات.
كل عام وحضراتكم بخير
المسيح قام…. بالحقيقة قام